المخدرات في غزة.. خطرٌ يُهدد الأجيال وضربات نوعية رغم شُح الإمكانات

خاص مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي
يُشكّل انتشار آفة المخدرات بالمجتمع الفلسطيني، تحديًا جسيمًا للجهات الحكومية والشرطية في قطاع غزة، نظرًا لشُح الإمكانات مقارنةً بالدول العربية المجاورة، إلّا أن الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بجهاز الشرطة الفلسطينية، سجّلت ضربات نوعية في إطار حربها ضد تُجار السُموم والمواد المُخدرة.
وتُعد ظاهرة انتشار المخدرات من الظواهر الأكثر تعقيدًا وخطورة على صحة الإنسان والمجتمع، خاصة أن فلسطين واقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي المستفيد الأول من ترويج المواد المُخدرة بهدف تغييب الشباب الفلسطيني عن أهدافهم وطموحاتهم المستقبلة.
وتُعّرف المخدرات على أنها كل مادة مسكرة أو مفترة، طبيعية أو محضرة كيميائياً، من شأنها تعطيل العقل جزئياً أو كلياً، وتناولها يؤدي إلى الإدمان؛ بما ينتج عنه تسمم في الجهاز العصبي، فتضر الفرد والمجتمع، ويُـحظر تداولها أو زراعتها، أو صنعها إلا لأغراض يُـحددها القانون في إطارٍ ضيق ومحدود للغاية.
يقول مدير الإدارة العامة لمكافحة المُخدرات العقيد أحمد القدرة، إن “قضية المخدرات هي قضية عالمية تتنامى يومًا بعد يوم وقطاع غزة مثله كباقي أنحاء العالم يُعاني من هذه الآفة التي تتمدد يومًا بعد يوم سواءً أكان في حجم الكميات أو في نوعية المواد المُخدرة وخطورتها وأثرها على صحة الإنسان وسلوكياته الحياتية”.
وأضاف القدرة خلال تصريحات سابقة لشبكة مصدر الإخبارية، أن “عمل الإدارة العامة لمكافحة المخدرات يقوم على مبدأين أساسيين يُتمثلان في محاربة العرض على المواد المُخدرة والطلب عليها”.
وأوضح أن الشق الأول يتمثل في “محاربة الطلب تكمن في وجود نُدرة المادة المُخدرة في الأسواق سعيًا لضمان مواجهة الإنسان صعوبةً في الحصول عليها مِن حيث الأسعار، البُؤر المُعلنة في ترويجها، وذلك مِن خلال منع التهريب والسيطرة على المنافذ والمعابر وإقامة الكمائن وعمليات دهم وتفتيش المنزل والقبض على المطلوبين الخارجين عن القانون”.
وتابع، “الشق الثاني مِن عمل مكافحة المخدرات يتمثل في محاربة العرض على المواد المخدرة مِن خلال تعزيز محور التوعية عبر التحذير من مخاطر المخدرات وأضرارها على صحة الإنسان وسُمعته وعلاقاته الأسرية والمجتمعية”.
وردًا على سؤال من أين تأتي المخدرات، قال العقيد القدرة، إن “قطاع غزة مستهدف مِن خِلال عِدة محاور منها المحور البحري، الأنفاق التجارية التي كان يُستخدم بعضها لإدخال المخدرات، كما أن المعابر مع الاحتلال “معبر كرم أبو سالم، حاجز بيت حانون – ايرز” كان لها دورٌ بارز في إدخال المخدرات إلى غزة”.
وحول آلية التعامل مع المُواد المُخدرة، أشار إلى أن “المُواد المضبوطة لدى تُجار المخدرات يتم التحفظ عليها لدى هيئة القضاء العسكري أو النيابة العامة حسب التخصص والتبعية، وفي اليوم العالمي لمكافحة المخدرات الذي يُوافق 26-6 من كل عام يتم فيه عملية إتلاف كبيرة للمواد المُخدرة المضبوطة”.
وأضاف خلال السنوات الأخيرة، “أصبحت تُشكّل لجان تضم النيابة العامة، الإدارة العامة للمخدرات، وزارة الصحة، القضاء العسكري، الجهات الحقوقية، لإتلاف المواد المُخدرة، حيث يتم ذلك في المحارق التابعة لوزارة الصحة وفق الأصول”.
وعما إذا كانت الأحكام الصادرة بحق تُجار المخدرات رادعة مِن عَدمه، أوضح أن قانون المخدرات 7/2013 يتميز بحزمه وعقوباته الرادعة التي تتراوح ما بين 10- 15 عامًا للمُدان بالعرض والإتجار، والسجن المؤبد بحق الجالبين مع العرض وهي عقوبة رادعة هدفها حماية المجتمع ومكافحة انتشار السُموم داخل القطاع”.
وأكد، “حريصون على توعية أبناء شعبنا، مع ادراكنا أن ضيق الحال دفع بكثيرٍ من الأشخاص لتعاطي المخدرات لكن ذلك تسبب في تعاظم مشاكله وتوسعها ولم يسهم في حَلها، وهو ما يستدعي من جميع الجهات تفعيل دورها لتكون حارسة على أبناء شعبنا من خطر المخدرات”.
ودعا “القدرة” أبناء شعبنا للمساهمة مع الإدارة العامة لمكافحة المخدرات عبر الإدلاء بالمعلومات عن تُجار المخدرات مع ضمان السرية التامة لمقدمها وعدم الكشف عنها بأي من الطُرق، إضافة إلى أهمية نبذ مروجي المُواد المُخدرة في المجتمع الفلسطيني.
ولفت إلى أن “الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، قدمت عشرات الشهداء في سبيل حفظ المجتمع من آفة المواد المُخدرة وانتشار السموم، محملًا الاحتلال الصهيوني المسؤولية الكاملة والمباشرة لانتشار المواد المُخدرة في قطاع غزة، المُحاصر إسرائيليًا منذ 15 عامًا على التوالي”.
الماريجوانا أخطر أنواع المخدرات
وأوضح أن “الماريجوانا” تُعد أخطر أنواع المُخدرات في قطاع غزة ومصدرها الأساسي هو الاحتلال الذي يقوم بتهريبها عبر معبر كرم أبو سالم، وفي المقابل يفرض الاحتلال حصارًا مشددًا لمنع إدخال “أجهزة الأشعة السينية x-ray” التي تُسهم في الكشف عن المخدرات، كما يمنع الاحتلال تطوير أدوات الكشف داخل المعابر بحكم تحكمه وسيطرته عليها”.
وأردف، “الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في أمس الحاجة للخروج والاختلاط بالمجتمع الدولي للاطلاع على أخر تقنيات الكشف عن المواد المُخدرة ومواكبة تطور الجريمة كون المخدرات تُعد أسرع الجرائم تطورًا في المجتمعات المختلفة”.
وأضاف، “الكادر البشري هو رأس المال الحقيقي للإدارة العامة لمكافحة المخدرات ويتم الاستعاضة به عن شُح الامكانات، مِن خلال زيادة “الكادر” وتعليمه وتدريبه بالشكل المطلوب للتعامل مع العدد الهائل من الشاحنات الوافدة عبر معبر كرم أبو سالم يوميًا والتي يتراوح عددها ما بين 400 – 600 شاحنة ما يتطلب تواجد 30 عنصرًا لإتمام عملية التفتيش في ظل منع الاحتلال إدخال الأجهزة المتخصصة للكشف عن المواد المُخدرة”.
واستطرد، “حربنا مع المخدرات كبيرة، ولن نُريد عزل قطاع غزة عن واقع العالم العربي والإسلامي، وبالنظر إلى عمليات ضبط المواد المُخدرة ينتج عنها خسائر مالية فادحة لدى التُجار، في ظل وجود قرار بحرب حقيقية ضد شباب الأمة الإسلامية والعالم العربي لاستهداف وعيهم وتغييب أمالهم وطموحاتهم المستقبلية”.
وأشار إلى أن “خلال 3 سنوات الأخيرة شهد ترويج المخدرات تزايدًا ملحوظًا ولافتًا في العالم العربي والإسلامي في ظل محاولة استهداف الشباب بشكلٍ متعمد، والأخطر هو طبيعة المواد المُروجة، لافتًا إلى تعاطي المواد المُخدرة يُعد أشد فتكًا وضررًا من المخدرات التقليدية كالحشيش وغيرها”.
ونوه إلى أن “الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، تعاملت مع 400 قضية خلال النصف الأول من العام الجاري للعام 2022 من أصل 1000 قضية تُحرر سنويًا في قطاع غزة شاملة الترويج والإتجار وتعاطي المُواد المُخدرة”.
نسبة ضبط المخدرات 30 بالمئة
من جانبه قال نائب مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات العقيد أنور زعرب، إن “الدول العربية تتحدث عن نسبة ضبط للمواد المُخدرة لا تتعدى 10 بالمئة بينما نسبة الضبط للمخدرات في قطاع غزة تتجاوز 30 بالمئة، رغم قلة الامكانات وشُح أجهزة الكشف عن السُموم”.
وأضاف زعرب خلال تصريحاتٍ سابقة لشبكة مصدر الإخبارية، “ماضون في مكافحة المخدرات لمنع تفشي هذا الوباء بين الأجيال الناشئة ولحماية مجتمعنا من آفة المواد المُخدرة”.
وأكد أن هناك إجراءات صارمة مِن قِبل المجلس التشريعي ولجنة متابعة العمل الحكومي، بضرورة تشديد العقوبات بحق تُجار ومروجي المخدرات والضرب بيدٍ من حديد على كل من تُسول له نفسه بنشر السُموم داخل المجتمع، لافتًا إلى أنه يتم التعامل مع المتعاطين للمرة الأولى على أنهم ضحايا يتم التعامل معهم وفق الأصول والقانون.
وأوضح أنه “تم تشكيل محكمة الجنايات الكُبرى لمحاكمة كبار تجار المخدرات، ضمن عقوبات رادعة مُشرعة قانونيًا للحفاظ على مجتمعنا الفلسطيني قويًا متماسكًا أمام التحديات المتمثلة في الاحتلال الإسرائيلي الذي يفرض حصارًا مشددًا على قطاع غزة”.
ملف خطير يُهدد الأجيال
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية والأمن الوطني إياد البزم، إن “الوزارة تتعامل مع المخدرات كـ “ملف خطير” يمس أمن شعبنا ويُهدد الأجيال، والاحتلال الإسرائيلي هو المعني الأول بإدخالها لغزة بأشكال مختلفة، ونولي هذا الملف اهتماماً بالغاً ونُسخّر جميع إمكانياتنا من أجل حماية المجتمع”.
وأضاف في تصريحاتٍ إذاعية أمس الأربعاء، “مستمرون في القيام بواجبنا للحفاظ على أمن شعبنا، وكل من يُهدد استقرار المجتمع ستُتخذ بحقه الإجراءات القانونية اللازمة”.
وأكد على أن تجار المخدرات يعملون على قتل المواطنين، وكثير من الجرائم التي تقع داخل المجتمع يكون سببها تعاطي المخدرات.
وشدد على أنه لا يُمكن التهاون مع مُهددي الأمن المجتمعي، ويعمل على قتل أبناء شعبنا وتدمير النسيج المجتمعي بهذه السموم القاتلة التي يسعى أعداء شعبنا لإدخالها لغزة، وفي مقدمتهم الاحتلال.
ولفت إلى أن الأجهزة الأمنية والشرطية تقوم بواجب وطني وإنساني من أجل المحافظة على أمن واستقرار شعبنا، ورسالتنا لكل من يعمل في تجارة المخدرات أننا لن نتهاون معه وسنكون له بالمرصاد، مشيرًا إلى أن مجتمعنا الفلسطيني بكل شرائحه وفئاته يُساند الإجراءات الحكومية في العمل للتخلص من هذه السموم القاتلة.
وأوضح أن الجهد التوعوي والمجتمعي هو جهد أساسي وضروري ومهم من أجل مواجهة هذه الآفة الخطيرة إلى جانب عمليات الضبط، ونعمل في مسارات مختلفة منها التوعية والتواصل مع شرائح المجتمع المختلفة؛ كي نحمي الأجيال من هذه السموم الخطيرة.
وأردف، “لا يمكن السماح لأي شخص بتهديد السلم الأهلي والمجتمعي في قطاع غزة، وكل من يقوم بإطلاق النار واستهداف عناصر الشرطة والأمن سيدفع الثمن”.
سنُلاحق تُجار المخدرات بكل حزم
فيما توعد مدير عام الشرطة الفلسطينية اللواء محمود صلاح، بملاحقة تُجار ومروجي المواد المُخدرة بكل قوة وحزم من أجل حماية المجتمع والقضاء على آفة المخدرات.
وحذر مدير عام الشرطة، من محاولات إقدام تُجار المخدرات على ترويج المواد المُخدرة، بهدف زعزعة أمن واستقرار المجتمع.
مقتل اثنين من تُجار المخدرات
وكانت المديرية العامة للشرطة الفلسطينية في قطاع غزة، أصدرت بيانًا مساء الثلاثاء، أكدت فيه مقتل أحد أخطر تجار المخدرات والمطلوب على ذمة عدة قضايا، إضافة لمقتل شخص آخر من أصحاب السوابق الجنائية خلال مهمة نفذها جهاز مكافحة المخدرات، بالتعاون مع وحدة “سهم” الخاصة في الشرطة الفلسطينية.
وفي أعقاب مقتل اثنين من كبار تُجار المخدرات، عمت الاحتجاجات العائلية بعض مناطق مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، عبر اشعال الإطارات المطاطية واغلاق بعض الشوارع وعرقلة حركة مرور المركبات.