استخدام الطائرات المُسيّرة.. ترميم لصورة الاحتلال وتسويق عسكري للخارج

خاص مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي

يُعد استخدام الطائرات المُسيّرة في العمليات الأمنية والاستخبارية أمرًا طبيعيًا، خاصةً في ظل الطبيعة الجغرافية لأرض الصراع، ما يجعل الحاجة إلى “الطائرات” مُلحة للحفاظ على العنصر البشري على الأرض، سيما في ظل مخاطر مُحدقة قد تُؤدي بالجندي إلى خسارة حياته.

وتشهد مناطق الضفة الغربية المحتلة توترًا عارمًا منذ عِدة أيام، بالتزامن مع اشتداد المواجهات بين المقاومين الفلسطينيين وقوات الاحتلال، في ظل تخوفات من اتساع فجوة الصراع المُسلح ما سينعكس على الاحتلال من ناحية استنزاف قُدراته ورَفع كُلفته الميدانية.

مع ساعات الفجر الأولى، لا تكاد مُدن وقُرى وبلدات الضفة الغربية تخلو من اشتباكاتٍ مسلحة، تتزامن مع حملات اعتقال واسعة تشنها قوات الاحتلال بحق مواطنين مدنيين عُزل بحُجة أنهم مطلوبون لها.

اشتباكاتٌ تصدرت اهتمام المستوى السياسي والعسكري في دولة الاحتلال، ما دفعه للإعلان رسميًا عن استخدام الطائرات المُسيّـرة خلال العمليات العسكرية لقوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، ما سيترتب عليه تداعيات استراتيجية وأمنية على جميع المستويات والأصعدة.

تغيرًا جذريًا وقفزة نوعية

يقول الخبير الاستراتيجي محمود العجرمي، إن “ما يحدث في الضفة الغربية يُعد تغيرًا جذريًا بدأ يشق طريقه ليصبح سِمة الصِراع ما بين جيش الاحتلال الإسرائيلي والشعب الفلسطيني في ظل فشل جهود الاحتلال بفشل شمال الضفة عن جنوبها بهدف خفض حِدة الصراع المسلح”.

وأضاف، “ما يحدث اليوم يُشكّل قفزة نوعية صادمة للاحتلال الإسرائيلي، حيث بات تطور العمل المسلح مُقلقًا بشكلٍ فعلي لدى المستوى الأمني والسياسي والعسكري ما دفع باتجاه إيجاد حُلول ناجعة متمثلة بإدخال الطائرات المُسيّرة لمحاولة كبح جماح العمليات الفردية التي تشهدها الضفة على مدار الساعة”.

وأشار العجرمي في تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، إلى أن “الضفة الغربية لها بُعد جيوسياسي تخترق بموجبه المستوطنات، والطرق الالتفافية، والحواجز، ما يُسهّل عملية الوصول إلى الأهداف بسهولة مستذكرًا عمليتي الخضيرة وبئر السبع اللتان نفذهما مقاومون فلسطينيون”.

وبيّن أن وسائل الاعلام العبرية، تُولي “ما يحدث في الضفة الغربية حاليًا اهتمامًا بالغًا كونه نوع جديد من الانتفاضة، بعد كسر المقاومون حاجز الخوف، وعززوا عملهم بالوحدة الميدانية وأصبحوا يتصرفوا بإدراك شديد بما لا يُمكن الاحتلال من ملاحقتهم أو تعقبهم لضمان عنصر المفاجأة في أي عمليات جديدة”.

وحذر العجرمي، “المقاومين من مساعي وجهود أجهزة الأمن الفلسطينية التي تتعقب تحركاتهم للحد من العمليات الفدائية ضد الاحتلال في سياق التنسيق الأمني، داعيًا إلى ضرورة تلقي التدريبات اللازمة للتعامل مع المستجدات الطارئة في أي لحظة، إضافة إلى الاستفادة من التجارب السابقة والبناء عليها لتكون العمليات المقبلة صادمة لجميع المستويات الأمنية والعسكرية في دولة الاحتلال”.

دقة عالية وتنسيق أمني مُباشر

من جانبه يقول الخبير في الشؤون العسكرية إبراهيم حبيب، إن “المستوى الأمني للاحتلال أثبت نجاعة الطائرات المُسيّرة والقدرة التكنلوجية التي أصبحت قادرة على تحقيق أهدافها بدقة عالية، دون الحاجة للعنصر الميداني على الأرض “في إشارة للوحدات الإسرائيلية الخاصة”.

وعن الدور الذي لعبه التنسيق الأمني في الحَد من العمليات الفردية، أشار حبيب إلى أن “أجهزة الأمن التابعة للسلطة أصبحت لا تتحرج أمام الشعب الفلسطيني من التنسيق الأمني الذي يربطها بالاحتلال حيث تجاوز التعاون الأمني بين الطرفين جميع الخطوط وبات التنسيق يتم مباشرة عبر المستوى الثاني والثالث لدى الطرفين”.

وأضاف في تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، أنه “تم الغاء لجنة التنسيق المشتركة وبات جهاز المخابرات العامة يُنسق مباشرة مع نظيره الإسرائيلي، ناهيك عن تنسيق جهاز الأمن الوقائي مع جهاز الشاباك والأجهزة الأخرى أصبحت على نفس الطريق والنهج”.

وأكد أن “ما يحدث في الضفة الغربية أفقد الأجهزة الأمنية بوصلتها الحقيقية وبات عمل الأجهزة الأمنية مرتبط بأشخاص، وأجندات، وإملاءات إسرائيلية بهدف محاربة المقاومة، مِن خلال تغيير النهج الأمني والعقيدة الوطنية بما يخدم التوجهات الإسرائيلية الرامية إلى افقاد رجل الأمن الفلسطيني انتمائه لوطنه وقضيته، واقتصار اهتمامه على راتبه الشهري والامتيازات المادية فقط”.

بركان قد ينفجر في أي لحظة

من ناحيته يقول المختص في الشؤون الأمنية إسلام شهوان، إن “الاحتلال ينظر إلى الضفة الغربية على أنها بركان قد ينفجر في وجهه بأي لحظة، خاصةً وأن البركان بات يتحرك شيئًا فشيئًا ممتدًا على طول مُدن وقُرى الضفة”.

وأضاف في تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، “خلال الآونة الأخيرة ازداد تباهي المستوى الأمني للاحتلال في نجاح تعقب واعتقال المقاومين والمطاردين من خلال عُكُوفِهِ على تطوير قُدرة وأداء الطائرات المُسيّرة لاستخدامها في العمليات الأمنية والاستخبارية بهدف تقليل الخسائر في صفوف وحداته الخاصة ذات المهام الحسّاسة خلال الاشتباكات المسلحة مع المقاومين”.

ونوه إلى أن “تطوير المُسيرات أحدث نقلة نوعية في العمل الأمني والاستخباري لدى الاحتلال حيث أصبحت “الطائرات” تُنفذ مهامها بشكلٍ دقيق وبدأ ذلك واضحًا خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة مطلع الشهر الماضي”.

وأرجع أسباب لجوء الاحتلال لاستخدام الطائرات إلى “قلة التكاليف المادية كونها سهلة الوصول وسريعة الأداء ودقيقة التنفيذ، إضافة للحفاظ على حياة جنود الوحدات الخاصة الإسرائيلية الذين يتعرضون للقتل والإصابات خلال العمليات الأمنية لجيش الاحتلال في مُدن الضفة الغربية”.

وتابع، “تل أبيب تُروج لمنتجاتها العسكرية في الأسواق العالمية، أُسوة بما فعلته بنظام القبة الحديدية وبرامج التجسس، لتحقيق المكاسب المالية وتحقيق الشهرة على المستوى الدولي”.

ودعا “شهوان” إلى أهمية أخذ أقصى درجات الحِيطة والحَذر والقراءة الجيدة عن النظام الجديد للطائرات وكيفية معالجته، خاصةً في ظل محاولات تحييد الاحتلال سلاح الأنفاق والكوماندوز البحري بغزة، فيما يسعى لتحييد وحداته الخاصة من الوقوع تحت نيران قناصة المقاومة في الضفة الغربية.

ونوه إلى أن الاحتلال يسعى لتطوير أدائه للحفاظ على الصورة “الكاذبة” التي رسمها طِيلة السنوات الماضية بأنه الجيش الذي لا يُقهر وأوهم بها الرأي العالمي، قبل أن تحطمها المقاومة في غزة بصناعات بدائية وصواريخ محلية الصنع.

وأوضح أن الطائرات المُسيّرة قد تستخدم للهجوم، أو الدفاع، أو جمع المعلومات الاستخبارية عن مقاومين ومطاردين كونها أقل تكلفة وأكثر دقة من العنصر البشري على الأرض، وهي عوامل مُساعدة للتنسيق الأمني وقد تعمل على إخراج أجهزة أمن السلطة من بعض الحرج الذي يعتريهم في بعض المرات نتيجة عدم المقدرة على الوصول للمعلومات بسبب العوامل الجغرافية والتضاريس لمُدن الضفة الغربية.

وكشفت قناة “كان” العبرية، عن تلقي قادة فِرق “يهودا والسامرة” وقائد “لواء منشيه الإقليمي” (قوات عسكرية تنشط بالمحافظات الشمالية) تدريبات على كيفية تشغيل طائرات مسيرة هجومية خلال العمليات العسكرية بالضفة الغربية.