بالنحت والصلصال فتيات من غزة يصنعن مستقبلهن الفني

خاص مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي

يَؤم مرسم تجوال للفنون في محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، عشرات الأطفال من كلا الجنسين، لتعلم فن النحت الاحترافي والتشكيل بالصلصال رغم حَداثة سِنهم إلا أن شغفهم لتعلم ما هو جديد كان الدافع الأقوى لهذا الخَيار.

يتجمع الأطفال حول مدربيهم، يُعيرونهم كل حواسهم، رغبةً وحبًا وشغفًا بما يرونه أمامهم، في مشهدٍ فني مهيب، يفرض نفسه بقوة على جيران وأصدقاء المرسم، مما جعله قَبلة فنية مرموقة لها احترامها وقاعدتها الجماهيرية والثقافية في المحافظة.

ويقوم على المرسم فنانين فلسطينيين محترفين هما مؤمن خليفة ومحمد أبو حشيش، وكلاهما أخذا على عاتقهما تعليم الصغار فن النحت، رغم أنه يُعد أصعب الفنون التشكيلية، إلا أن الإصرار كان حاضرًا والشغف يملأ القلب وتُصدقه نظرات العيون التواقة لصناعة مستقبلًا مشرقًا بإبداعات الصغار الذين كبروا على أصوات الانفجارات وحصار إسرائيلي تجاوز سنوات أعمارهم واحتلال سرق الفرحةَ والعلمَ والحياةْ.

يقول الفنان التشكيلي محمد أبو حشيش، إن “المرسم يضم مجموعة من الأطفال الذين لديهم شغفًا فنيًا في الرسم، وممارسات سابقة، لكن هذه المرة أحبوا فن النحت، وتعاملوا مع خاماته عن قُرب وأبدعوا في المخرجات النهائية”.

وأشار في حديثٍ لمصدر الإخبارية، إلى أن “المرسم عقد دورة تدريبية مجانية على مدار 3 أيام أسبوعيًا بواقع 15 ساعة تدريبية، حيث تم انتقاء الأطفال المشاركين بعنايةٍ فائقة لتوفير الوقت والخروج بالمنتج الختامي المطلوب”.

وتابع، “عَمِلنا معهم حول كيفية رسم اسكتش النحت، سعيًا لاكتشاف الخامة ومعرفة طريقة تشكيلها والتعرف عليها عن قُرب، ومن ثم عملنا معهم على مشاريع صغيرة وهي عبارة عن أشكالٍ هندسية كالاسطوانة وغيرها”.

وأكمل، “رأينا في المشاركين شغفًا وابداعًا منقطع النظير، والذي يَدل على حبهم وسعيهم لتطوير ذواتهم وأنفسهم، خاصة خلال عملية صب الطين وتحويله إلى جبس للمحافظة عليها، سعيًا للمشاركة فيها بمعرض فني سيُقام قريبًا وسيكون عبارةً مخرجات لما أنتجه المشاركون”.

المتدربة شام محمود عمار، إحدى الملتحقات بدورة فن النحت تقول لمصدر الإخبارية، “في بداية الأمر كنا شغوفين بالرسم، وأحببنا تطوير قدراتنا ومهاراتنا في النحت وكان تجربة جميلة وممتعة استفدنا منها الكثير وأكسبتنا قُدرة على التعامل مع الأشكال الفنية المختلفة”.

ويُعتبر “النحت” فرعًا من فروع الفنون التشكيلية، حيث يرتكز على إنشاء مجسمات ثلاثية الأبعاد، ويُمارس على الصخور والمعادن والخزف والخشب ومواد أخرى.

وحول كيفية اكتشافه، فقد عُرف منذ قديم العصور منذ نحو 4500 سنة قبل الميلاد، وأسهمت التغيرات في عملية النحت إلى الحرية في استخدام المواد والعمليات، ويمكن العمل بكثيرٍ من المواد المتنوعة من خلال عملية الإزالة كالنحت أو عملية التجميع كاللحام والتشكيل والصب.

ويرى فنانون، أن النحت هو فنٌ تجسيدي يرتكز على إنشاء مجسمات ثلاثية الأبعاد لإنسان، حيوان، أو أشكال تجريدية، ويمكن استخدام الجبص أو الشمع، أو نحت الصخور أو الأخشاب أو الصلصال، كما أن فن النحت أحد جوانب الإبداع الفني كونه يُنتج مجسمات ثلاثية الأبعاد.

وتزخر الحضارات القديمة بالعديد من المنحوتات باختلاف أشكالها ومنها في الحضارات الفرعونية والرومانية واليونانية التي نجد فيها فن النحت من أكثر الفنون انتشارًا وتعبيرًا عن الجو المحيط مع اختلاف غرض الاستخدام، وعادةً ما كان المقصود من النماذج هو النواحي الدينية للتعبير عن “الآلهة” المختلفة الخاصة بهم.

جدير بالذكر أن المنحوتات الصخرية تعيش أكثر بكثير من الأعمال الفنية المكونة من موادٍ أخرى قابلة للتلف، فإن معظم ما عاش من الثقافات القديمة -عدا عن الفخار- تتمثل في المنحوتات الصخرية على عكس الأساليب المستخدمة في المنحوتات الخشبية المُختفية قريبًا، حيث كانت أغلبية المنحوتات القديمة تُصبغ بألوان زاهية وبطريقةٍ دقيقة تنال اعجاب كل من شاهدها.

أقرأ أيضًا: الباركور والفن التشكيلي.. عندما تتحد الفنون لإبراز قدرات ذوي الهمم (صور)