جرائم الداخل المحتل.. عصابات يُغذّيها الاحتلال بالسلاح والتغييب للقانون

صلاح أبو حنيدق- خاص شبكة مصدر الإخبارية:

لا يكاد يمر أسبوع في المدن العربية بالداخل المحتل عام 1948 بدون جريمة قتل في ظل تقاعس واضح من شرطة الاحتلال الإسرائيلي في ضبط العصابات المسلحة ومنفذي الجرائم ومحاسبتهم والحد من ظاهرة انتشار السلاح في أوساطهم.

كان أخر جرائم القتل التي هزت فلسطيني الداخل المحتل مقتل السيدة منار وابنتها خضرة الهواري والصحفي نضال اغبارية دون الكشف عن المجرمين.

وقُتل منذ بداية العام حتى تاريخ اليوم الأربعاء 7/9/2022 قرابة 75 شخصاً بالداخل المحتل في جرائم قتل، حُل لغز 9 منها فقط، وسُجل الباقي ضد مجهول.

وأرجع مُركز مشروع مكافحة العنف والجريمة في الداخل المحتل خالد سيد، “ارتفاع وتيرة الجرائم من عام لأخر لانتشار عصابات الإجرام الكبرى ونظيرتها الصغيرة المتعلقة ببيع المخدرات وفرض الإتاوات، وتقديم خدمات للأفراد، والعنف المرتبط بالسلاح”.

وقال سيد في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية إن “فكرة انتشار الجريمة قائمة بالأساس على عنف دنيوي يمارس على فلسطيني الداخل المحتل منذ عام 1948 للآن، مما خلق فجوات كبيرة في المجتمع العربي وترابطه وتأثير على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية”.

وأضاف سيد أن “اقبال الشباب على عالم الجريمة يرجع لثلاث أسباب رئيسية أولها فكرة البحث عن المكانة في ظل المساعي الإسرائيلية لتقليل مكانة من يعيش في الوسط العربي وحرمانه من التمثيل السياسي الحقيقي، وعدم إيجاد نمو سليم في الأفكار من خلال طبيعة التعليم والمناهج في المدارس والجامعات”.

وأشار سيد إلى أن “كثير من الشباب يرون بأعينهم أن المجرمين يحصلون على تقدير في المجتمع من قبل الناس وقادرين على التدخل في تفاصيل الحكم المحلي”.

ولفت إلى أن “المجرم كان في أخر 20 عاماً منبوذاً لكنه يحظى بتقدير حالياً مما دفهم للانخراط في العنف بهدف التعبير عن أنفسهم في ظل رؤية الشباب المجتمع يحترم المجرمين ويخاف منهم”.

وبين سيد أن “السبب الثاني وراء ارتفاع نسبة المجرمين، واقبال الشباب على عصابات الإجرام وعدم وجود سلطة ضابطة للاعتداءات في الوسط العربي وتوفير الحماية من اعتداءات الأخرين”.

وأكد أن “السبب الثالث وراء انتشار الجريمة العائد المادي في ظل انتشار الفقر في الوسط العربي ووصول النسبة إلى 52% وفقاً للمقاييس الإسرائيلية”. وشدد على أن “ما شجع الاقبال على الجريمة المزايا التي يتمتع بها المجرمون من سيارات وملابس عالية الثمن يصل سعر البلوزة الواحدة على سبيل المثال ثلاثة آلاف شيكل وسفريات في الخارج تصل إلى 10 آلاف شيكل وسيارات وغيرها”.

وتابع سيد” أن الشاب يرى أنه يحتاج إلى 10-15 عاماً من العمل للحصول على أموال طائلة والمزايا المذكورة أعلاه لهذا يجد في الجريمة طريقاً قصيراً للوصول إليها”.

ونوه إلى أن “معدل الجريمة يتنامى مع تغاضي أجهزة الاحتلال الإسرائيلي عن عالم الجريمة واعتقال المجرمين ومحاسبتهم وحرصها فقط على الابتعاد عن أمن الإسرائيليين والعمل السياسي”.

وأكد أن “القدرة الإسرائيلية قادرة على ضبط الجريمة في ظل امكانياتها الكبيرة لكن المشكلة تكمن في ظل عدم وجود رغبة سياسية إسرائيلية ووجود هدف صهيوني أساسي لتركيع المجتمع الفلسطيني ومساومته عن معاييره الوطنية”.

وفكت شرطة الاحتلال الإسرائيلي العام الماضي رموز 23% من جرائم القتل في المجتمع الفلسطيني بالداخل المحتل مقابل 73% بين نظيره الإسرائيلي.

وشدد سيد أن “مشكلة العنف في الداخل المحتل مستحيل حلها في ظل بقاء عناصر انتاج الجريمة المتمثلة بوجود الاحتلال وصعوبة إعادة بنية المجتمع”.

واستطرد أن “قرابة 86% من السلاح المستخدم في جرائم القتل والعنف في الداخل المحتل مهربة من مخازن جيش الاحتلال الإسرائيلي”.

ورأى سيد “كثير من العصابات الإجرامية تتعاون ومرتبطة بجهات أمنية إسرائيلية وأخرى ذاتية أنتجت من داخل المجتمع الفلسطيني دون أي تدخل”.

وتأخذ الجرائم أشكالاً متعددة منها إطلاق النار، الدهس، الطعن، الحرق، التفجير، الضرب والخنق، وتعتبر الأولى الأكثر استخداماً بنسبة تصل إلى 74% يليها الطعن 14%.

وفي السياق أكد الخبير في الشأن الإسرائيلي سعيد بشارات أن السبب الرئيس في تنامي الجريمة بالداخل المحتل رغبة الاحتلال الإسرائيلي في بقاء حالة الفلتان الأمني لإبقاء فلسطيني 48 بعيداً عن القضايا الوطنية.

وقال بشارات في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية إن” الاحتلال يغذي عصابات الإجرام والمافيات بدعم وتأييد مباشر من جهاز الشاباك الإسرائيلي كونه ينظر إلى فلسطيني الداخل كقنبلة موقوتة يجب التخلص منها بشتى الطرق”.

وأضاف أن “الاحتلال معني باستمرار الجريمة دون وقفها من خلال عدم تطبيق القانون ومحاسبة المجرمين”.

وأشار إلى أن الاحتلال يريد من فلسطيني 48 مجتمع مستنزف يبحث عن البقاء وغير متشبث بأي قضايا وطنية ناهيك عن القضاء على هذا المخزون البشري”.

ويبلغ عدد الفلسطينيين الذين يعيشون في الداخل المحتل عام 1948 مليونا و700 ألف وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.