مختصون لمصدر: مطار رامون قُدم رشوة للفلسطينيين في ظل تقاعس السلطة عن دورها

خاص مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي

لا يزال تشغيل مطار رامون يتصدر عناوين الاعلام المحلي والعربي والدولي، حيث أفردت وسائل الاعلام العبرية، مساحة واسعة للحديث عن “انجازها” الجديد، رغم معارضة الجانب الأردني ورفعه شكوى رسمية لمنظمة الطيران المدني العالمية، نظرًا للأثار الكارثية المترتبة على تشغيل المطار والسماح بسفر المواطنين منه إلى دول العالم الخارجية.

رأى مختصون في الشأن العبري خلال حديثٍ لشبكة مصدر الإخبارية، أن تشغيل مطار ريمون أحدث عملية انتقالية نوعية لدى المستوى السياسي الإسرائيلي، في ظل حديثٍ عن تسهيلات جديدة ستُقدم للمواطنين المسافرين خلال الأيام القليلة المقبلة ما يعني الإمعان في سياسة التجاهل للدعوات الأردنية والفلسطينية المُطالبة بضرورة إيقاف تشغيل المطار.

خطوةٌ مدروسة!

يقول المختص في الشؤون الإسرائيلية سعيد بشارات، إن “مطار رامون هو مشروعٌ إسرائيلي بادر إليه وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس بالتزامن مع زيارة بايدن لـ”تل أبيب” الشهر الماضي، ويهدف إلى رشوة الفلسطينيين ضمن خطة الحد من الصراع في ظل تصاعد الغضب الشعبي تجاه السلطة التي أصبحت عاجزة عن حل مشكلات المواطنين خاصة فيما يتعلق بسفرهم عبر الجانب الأردني في ظل معاملة المسافرين بصورة سيئة إضافة إلى تحصيل أموالًا طائلة دون وجه حق”.

وأضاف في حديثٍ لشبكة مصدر الإخبارية، “إسرائيل درست وضع المعابر جيدًا وسعت لإيجاد بديل بهدف الظهور أمام العالم بأنها كيانٌ إنساني تسعى إلى رعاية المسافرين الفلسطينيين عبر تحقيق الرفاهية واخفاء الوجه الإجرامي والمُشين لها، في ظل تنكر وتقصير السلطة الفلسطينية بتسهيل سفر وراحة المواطنين”.

أقرأ أيضًا: نواب أردنيون لمصدر: تشغيل مطار رامون سيتسبب بأزمة دبلوماسية مقبلة

وأشار بشارات، إلى أن دور السلطة أصبحت محصورًا في الجانب الأمني ومن مصلحة الاحتلال إبقاء حُكمها على الأرض، لضمان توفير الأمن للمواطنين الإسرائيليين، ضمن سياسة التنسيق الأمني الذي “تُقدسه” السلطة الفلسطينية وتُدافع عنه في اللقاءات التلفزيونية ووسائل الاعلام التابعة لها”.

خلق واقع جديد

وتابع، “الجانب الإسرائيلي يتجاهل ردود الفعل الأردنية والمصرية على حدٍ سَواء، بهدف خلق واقع جديد يضمن سفر المواطنين بسهولة ويُسر وفق مزاعم الاحتلال، خاصةً بعدما ذكر الاعلام العبري أن الفلسطينيين تمتهن كرامتهم عبر المعابر الواصلة بالدول العربية في ظل تقصير السلطة والتقاعس عن ضمان راحة مواطنيها خلال سفرهم وتنقلهم إلى البلدان الخارجية”.

وأوضح المختص في الشأن العبري سعيد بشارات، أن “الضفة الغربية اليوم أصبحت تُدار بشكلٍ كامل مِن قِبل الاحتلال، وبناء مطار رامون يأتي ضمن خُطة اقتصادية طُرحت خلال الأشهر الماضية ويتم تطبيقها حاليًا على الأرض، إضافة إلى خُطة أمنية ثنائية بين الاحتلال والسلطة الفلسطيني قائمة على تسهيل حصول المواطنين على تصاريح العمل داخل الأراضي المحتلة في خُطوة لكسب الشارع الفلسطيني ووقف حالة الغليان التي تشهدها الضفة الغربية المحتلة”.

فصل الساحات

ولفت إلى أن “الاحتلال يهدف لفصل الساحات عن بعضها البعض حيث يسعى لفصل الضفة المحتلة وإظهار وجهها “الباريسي” نسبة إلى العاصمة الفرنسية، أما بالنسبة لغزة يُمعن في حصارها من جميع النواحي، رُغم منح عشرات المواطنين تصاريح العمل داخل فلسطين المحتلة بهدف التخفيف من حِدة الاحتقان في القطاع”.

وأكد، أن “الجانب الإسرائيلي يتجاهل وجود السلطة وتصريحاتها تجاه مطار رامون، ويرى الاحتلال في خُطة تسكين الصراع مع الفلسطينيين الحل الأمثل في ظل غياب الأفق السياسي لعملية السلام المزعومة بين الاحتلال والسلطة الفلسطينية، مما يجعل الاحتلال في سعي دائم لتعزيز المشاريع الاقتصادية لتفادي صاعق التفجير في وجه الاحتلال”.

من جانبها، قالت الصحفية المصرية المختصة في الشؤون الإسرائيلية علياء الهواري، إن “الاعلام العبري أفرد مساحةً كبيرة للحديث عن مطار رامون، والعملية الانتقالية التي حدثت به خلال الأيام الماضية، حيث صرحت سلطة الموانئ والمطارات الإسرائيلية يوم التاسع من شهر أغسطس/ آب الجاري، بأنها ستسمح  بتسيير رحلات خاصة من مطار رامون لنقل ركاب فلسطينيين لبعض الوجهات في تركيا”.

وأضافت في تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، أن هناك “بعض الأنباء نشرتها صحيفة معاريف العبرية، تتحدث أن تشغيل مطار رامون جاء بعد مبادرة أمريكية بالتنسيق مع السلطتين الفلسطينية والإسرائيلية ذات العلاقة”.

وفيما يتعلق بكيفية متابعة الاعلام العبري لردود الفعل الأردنية حول تشغيل مطار رامون، أشارت “الهواري” إلى أن الساحة الأردنية تفاعلت مع قضية لجوء فلسطينيين إلى السفر عبر مطار “رامون” الإسرائيلي وسط حال من التراشق وتبادل الاتهامات وشكاوى مريرة لشركات السياحة وقطاعات أردنية أخرى من احتمالية تعرضها لخسائر كبيرة، إذا ما شهدت الأيام المقبلة عزوفاً فلسطينياً عن التنقل عبر المعابر الأردنية التي ظلت طوال عقود بمثابة متنفس للفلسطينيين وبوابة نحو العالم”.

وأضافت، “بخلاف حال الانسجام في المواقف الرسمية الأردنية – الفلسطينية حيال ما شكله القرار الإسرائيلي من قلق وخطر سياسي اقتصادي، ومع انطلاق أول رحلة للفلسطينيين عبر المطار الإسرائيلي، دارت حرب كلامية بين فريقين من رواد منصات التواصل الاجتماعي، الأول يتهم الفلسطينيين بالعمل على تحسين العلاقات مع الإسرائيليين، والآخر يرد على تلك الاتهامات بمطالبة الجانب الأردني بتحسين ظروف السفر عبر “جسر الملك حسين”.

وأوضحت أن ردود الفعل الثنائية، تزامنت مع تصريحات رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، الذي أكد فيها عن رفض أي مشاريع تضر بمصالح الفلسطينيين مع الأردن مشددًا على أنها لن تجد شريكًا على الصعيدين الرسمي والشعبي”.

ونوهت إلى أن “تل أبيب” لا تلتفت إلى تصريحات المستوى السياسي الفلسطيني، حفاظًا على مصالحها الشخصية في المنطقة، خاصة في ظل رضاها على الوضع القائم المتمثل في سفر المواطنين مِن خلال مطار رامون الإسرائيلي في تجاهل واضح للدعوات الأردنية لوقف عمل المطار لنتائجه الكارثية على الاقتصاد الأردني.

وبحسب متابعة الصحفية “الهواري”، فإن السفر عبر مطار رامون لن يصبح بديلًا عن جسر الملك حسين حتى اللحظة، بسبب حاله الرفض المحتدمة حاليًا على الساحة الفلسطينية والاردنية، مؤكدةً عدم وجود تصريحات صريحة بهذا الخصوص.

وكانت وسائل إعلام عبرية، كشفت الأسبوع الماضي عن استعدادات إسرائيلية تجري لتسيير أول رحلة طيران جوية لفلسطينيين من مطار “رامون” قرب إيلات، إلى اسطنبول.

وقالت صحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية إن المخطط الذي يتم الإعداد له هو السماح للفلسطينيين بالسفر عبر مطار “رامون” لقضاء الإجازات وغيره بالخارج، بدلاً من التوجه إلى الأردن عبر جسر الملك حسين “معبر الكرامة”، والذي يعد بوابة الخروج لهم.

وبحسب الصحيفة العبرية، فإن شركة طيران تركية هي من تستعد لتسيير أولى الرحلات الجوية من مطار “رامون” إلى اسطنبول لتعزيز العلاقات بين أنقرة و “تل أبيب”.