منذ 35 عامًا.. رفيقان بالستينات من عمرهما يمتهنان إصلاح الدراجات الهوائية

داخل ورشة صغيرة يكسوها لون العمل الشاق

أماني شحادة – مصدر الإخبارية

يحتوي حي في قطاع غزة، على ورشة صغيرة لإصلاح الدراجات الهوائية، يعمل داخلها رفيقان تتعدى أعمارهم الـ (60 عامًا)، وهما: محمود كحيل وأسامة الشوبكي، من غزة المدينة المحاصرة التي يعاني مواطنيها من ويلات الحروب والانتهاكات “الإسرائيلية”.

مكانٌ بسيط، أرضيته من البلاط الثقيل، وجدرانه متسخة، يكسو المكان اللون الأسود دليل العمل الشاق جرّاء الزيوت والغبار، ومعلقات من أدوات التصليح وأُطر الدراجات وقطع الغيار العشوائية التي تُزين الورشة، وتوسطها دراجات هوائية تنتظر إصلاحها.

ينهمك الرفيقان اللذان يتشاركان المهنة منذ أكثر من (35 عامًا)، في إصلاح الدراجات الهوائية بيدين ملطختين بالزيوت وغبار آلات التصليح والإطارات.

حُب الدراجات الهوائية يكبر مع العمر

بدأ أسامة الشوبكي، في مهنة الدرجات الهوائية منذ الصغر، كما أكد في حديثه مع شبكة “مصدر الإخبارية“، وقال “لازمني حب الدراجات مع كل عام يزيد على عمري”.

وتحدث عن أول موقف اشترى به دراجة هوائية منذ أكثر من 40 عامًا، وأوضح: “كان من الصعب على والدي أن يكون مثل آباء الأطفال الذين أراهم يشترون لهم الدراجات، وأنا متفرجٌ ليس باستطاعتي شيء”.

وتابع: “تحديت الظروف الاقتصادية حينها وعملت حتى أحصل على سعر دراجة مستخدمة وأشتريها مثل بقية الأطفال في جيلي”

وأردف أنه “لم تكن الدراجة “البسكليت” مثل الموجودة اليوم، بل إنجليزية يختلف شكلها عن الآن”

ويعاني الشعب الفلسطيني من الحروب والعدوان المتكرر من قبل الاحتلال “الإسرائيلي”، وأفاد الشوبكي بأنه درس الجامعة أثناء فترة الانتفاضة، واصفًا طرق السير بأن المحاضرين داخل الجامعة يتحركون عن طريق الدراجات وليس السيارات.

وأكد أسامة الشوبكي: “أثناء فترتي بالجامعة كان هناك تغيير في شكل الدراجات الهوائية، والآن أصبحت سهلة التغيير والإصلاح”.

بداية المشروع

قال أسامة الشوبكي: “لم يكن هناك توظيف ما بعد انتهائي من الجامعة؛ بسبب الانتفاضة الفلسطينية”.

وقال: “تعرفت على صديقي محمود كحيل، ثم لجأت للعمل في الدراجات الهوائية المستعملة، واحدًا تلو الآخر حتى كبرت معنا الورشة، واستمرت لحد الآن”.

وأفاد الشوبكي بأن “العمل تطور حتى أصبحت أستورد الدراجات من الصين، وبجانب رفيقي محمود كحيل (أبو محمد)، وصلنا لعدد 200 دراجة وأكثر لبيعها وإصلاحها”.

لا نستطيع بيع الدراجات الهوائية بالتقسيط أو الدين

محمود كحيل، يعمل في مهنة الدراجات الهوائية، قال لشبكة “مصدر الإخبارية”، إنه “في الوقت الماضي حين يشتري أحد ما دراجة، كان الأشخاص يباركون له، أما تطورات الحياة اليوم جعلت الكثير يشترون السيارات بشكل فوري وسريع دون جهد كبير مثل السابق”.

وتابع: “الدراجة النارية لا تساعد الإنسان مثلما تساعده الدراجة الهوائية في الحركة والرياضة التي تساعد الجسد ونشاطه”.

وبشأن ضعف الحال وقلة الحيلة التي يعانيها المواطنين في غزة؛ بسبب انعدام فرص العمل والحياة الاقتصادية الصعبة، قال كحيل: “الوضع اليوم صعب على الجميع، وليس باستطاعتنا أن نبيع الدراجات عن طريق التقسيط أو الدين”.

وعن حبه للمهنة، قال “لو كان بيدي لعشت العمر داخل الورشة”.

والحلوى نكهة الحياة التي يتمتع بها كحيل، ويعدها الطريق للحب وفرحة الأحفاد، وأكد أن “الحياة جميلة، وطالما الحلوى والسكاكر في جيبي للزبائن وأحفادي الأطفال، إذًا الخير موجود أهم من المال”.

وحول الرفيقين الشوبكي وكحيل، تربطهما علاقة مهنية واجتماعية، يستشيرا بعضهما البعض بكل شيء، ولم يتركا المهنة منذ 35 عامًا إلى حد اللحظة.

وتعتبر الدراجات الهوائية، منذ عقود، وسيلة أساسية للتنقل، وكانت بديلة عن السيارات، وأيضًا صديقة للبيئة، وجيدة للصحة الجسدية.