غزة.. الجدل يعود بقوة بسبب فرض تعلية جمركية على بعض السلع

غزة- خاص شبكة مصدر الإخبارية:
بعد أسبوع من الأخذ والرد الناجم عن فرض الجهات الحكومية في قطاع غزة تعلية جمركية على عدد من السلع والبضائع، عاد الجدل سريعاً في لقاء عقد بعنوان “رؤية وطنية لدعم المنتج المحلي” في ظل انقسام واسع بين المستوردين والتجار والاتحادات الصناعية والنقابات ووزارة الاقتصاد الوطني.
اللقاء الذي عُقد لتوضيح رؤية الجهات الحكومية لدعم المنتج المحلي خلا من أي رؤية، وتحول إلى منصة للخلافات من جديد، وتباينت الآراء حول الأسباب الحقيقية وراء فرض التعلية الجمركية، والآليات الواجب اتباعها لحماية المنتجات الوطنية من خلال رؤية شاملة ومتكاملة.
وتُقدر قيمة التعلية الجمركية عشرة شواكل على بنطال الجينز والجلباب، و300 دولار لكل طن من النايلون، و60 دولاراً لكل طن العصائر، وسبعة آلاف شيكل على طن الزعتر الواحد، الذي أصبح طعام الفقراء والمعوزين خلال السنوات الأخيرة
الجهة المؤيدة
اتحاد الصناعات الفلسطينية عاد للتأكيد على تأييده المطلق خطوات الجهات الحكومية لحماية المنتج الوطني عبر فرض تعلية جمركية على المنتجات المستوردة.
وقال الناطق باسم الاتحاد محمد المنسي إن “السبب الرئيس في خطوات حماية المنتج الوطني يرجع لسياسة الإغراق العشوائية للأسواق المحلية بالبضائع” المستوردة.
وأضاف المنسي أن “اتحاد الصناعات عقد لقاءات عديدة مع وزارة الاقتصاد اتفق خلالها على حماية المنتج الوطني وفق آلية متوازنة بين الصناعة والتجارة”.
وأشار إلى أنه “بعد الاتفاق مع وزارة الاقتصاد شرعت في تطبيق فرض تعلية جمركية كأجراء أول من عدة إجراءات، وهو قرار مطبق في جميع أنحاء العالم وليس غريبا”.
وأكد المنسي على تأييد الاتحاد العام للصناعة الفلسطينية قرار التعلية الجمركية، وإجراءات دعم القطاع الصناعي، الذي يواجه تحديات يومية ناتجة عن الحصار والمنع والاغلاق.
وشدد المنسي أنه “في مختلف دول العالم تُفرض رسوم تعلية بنسبة 100% على المنتجات المستوردة لحماية المنتج الوطني، وتلجأ الدول في بعض الأحيان لوقفها بالكامل”.
قرار بعين واحدة
من جهته، أكد رئيس نقابة تجار الملابس في قطاع غزة عماد عبد الهادي أن “النقابة مع حماية المنتج الوطني لكن باشراك الجهات الممثلة لقطاع الألبسة كون قرار التعلية استهدفه في شكل مباشر”.
وقال عبد الهادي إن “قرار التعلية نوقش مع اتحاد الصناعات من دون إشراك نقابة تجار الألبسة الجهة المنظمة لقطاع تجار الألبسة ومنتجيها محلياً ومستورديها خارجياً”.
وأضاف عبد الهادي أن” 30 في المئة من المحلات المتاجرة بالجلباب الشرعي تعود ملكيتها لأصحاب المصانع في غزة”.
وأشار إلى أن “النقابة شرعت، بالشراكة مع وزارة الاقتصاد منذ العام 2013، في وضع رؤية لقطاع الألبسة ووصفتها الوزارة بأنها “خطة حكومية”.
وتابع” على مدار السنوات اللاحقة “بدأنا بتطبيق خطة نتيجة الإغراق بعد عقد عدة جلسات بتقليص العدد من 1800 حاوية مستوردة من الملابس إلى 500 “.
ولفت إلى أن “خطة النقابة طبقت حتى عام 2016، وبعدها توقفت وسُمح باستيراد كل شيء”.
وبين أن “وزارة الاقتصاد ترى دائماً بعينيها الاثنتين، لكنها بقرار التعلية نظرت بعين واحدة هذا المرة”.
وأكد على “الرفض المطلق لقطع رقبة الاستيراد بالكامل وضرورة إعادة تنظيمه”.
وشدد على أنه “منذ عام 2019 إلى 2022 بلغت الكميات المستوردة خوفاً من سياسة الإغراق إلى 800 ألف بنطال، و100 ألف جلباب، وما استوردناه من الجلباب فقط 10 آلاف و95 في المئة مما يغطي المحلات من مصانع غزة”.
وطالب عبد الهادي “بخطة تدريجية متوازنة بين الإنتاج المحلي والاستيراد وتهيئة المصانع للإنتاج بكميات كبيرة والانطلاق في العمل”.
ونوه إلى أن “الحديث بأن مصنعين قادران على تغطية حاجة سكان القطاع من البنطال الجينز، نقول لهم إن المصنعين المذكورين تحولا للعمل بملابس الأطفال فكيف سينتجان؟”.
وذكر أن “هناك كثيرا من المتناقضات تحتاج لمعالجة قبل فرض رسوم على البضائع والمنتجات المستوردة، لأان فرض 10 شواكل على البنطال الجينز يعني 30 في المئة من سعر التكلفة”.
حكم إعدام
وأكد عبد الهادي على أن “فرض 10 شواكل على البنطلون الجينز والجلباب بمثابة حكم اعدام على المستورد، والمصانع بحاجة لتهيئة ورفع قدرتها على العمل قبل تطبيق القرار”.
أين وزارة المالية؟
من جهته، تساءل نائب رئيس غرفة تجارة وصناعة محافظة غزة رشاد حمادة “عن سبب غياب وزارة المالية عن اللقاء بوصفها طرفاً أساسياً فيما يتعلق بفرض الضرائب”.
وقال حمادة إن “وزارة المالية بعيدة كل البعد عن دعم المنتج الوطني في ظل فرضها ضريبة قيمة مضافة بنسبة 8 في المئة على التجارة، و15 في المئة على الصناعة”.
وأضاف حمادة أن “دعم الصناعة يتم من خلال رفع الضريبة عنها والرسوم المفروضة على إذن الاستيراد بنسبة 50 في المئة”.
كيف نحمى المنتج الوطني؟
وأكد حمادة على أن “فرض التعلية الجمركية ليس الطريقة المثلى لدعم الصناعة، بل من خلال فتح الأسواق الخارجية، وإقامة مناطق صناعية مشتركة مع الجوار مثل مصر والجانب الإسرائيلي لاستيعاب أكبر قدر من العمال، بدلاً من أن يذهبوا للعمل في الأراضي المحتلة”.
وشدد على “أهمية توفر خطة خمسية للنهوض بالمنتج الوطني وتعزيز صموده، وضرورة رفع الازدواج الضريبي بين الجهات الحكومية في قطاع غزة ورام الله، وفرض ضريبة موحدة يجبيها من يشاء”.
وطالب حمادة بضرورة “تشكيل لجنة لإعادة النظر في قرار التعلية الجمركية للوصول لصيغة مناسبة تراعي الجميع”.
ضريبة انتقائية
إلى ذلك، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة الدكتور سمير أبو مدللة إن “مئات القوانين صدرت في غزة والضفة من دون مصادقة المجلس التشريعي، لأن الضريبة يفرضها القانون وتستخدم لضبط الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي”.
ووصف أبو مدللة فرض التعلية بأنه “انتقائي في ظل ارتفاع نسب البطالة والفقر وانعدام الأمن الغذائي في قطاع غزة”. مشيراً إلى أن “فرض التعلية انتقائياً لأانه يتزامن مع قرب موسم المدارس”.
وأكد أن “المصانع الموجود حالياً ليست كما كانت قبل عام 2000 عندما كانت تشغل 36 ألف عامل”.
وشدد أبو مدللة على أن “دعم المنتح المحلي لا يتم فقط من خلال فرض تعلية على السلع المستوردة، بل من خلال إعافائها من رسوم الكهرباء والمواد الخام والأرض بسعر أقل من المواطن العادي حسب قانون الاستثمار الفلسطيني”.
ولفت إلى “أهمية عدم فرض تعلية على السلع الملامسة لحاجة الفقراء”، مؤكداً أن “30 في المئة من الموظفين الفلسطينيين يصنفون بأنهم فقراء”.
أين الدراسة؟
في المقابل، وجه عضو نقابة تجار الملابس محمد المحتسب تساؤلاً لوزارة الاقتصاد عن “سبب فرض عشرة شواكل على البيجامة الشعبية وبنطال المدارس”.
وتساءل: “ماهي الدراسة التي فرضت وزارة الاقتصاد وفقاً لها التعلية الأخيرة”.
هل انقطعت السبل؟
وفي السياق، تساءل التاجر مجدي الدحدوح: “هل انقطعت السبل والوسائل لدعم المنتج الوطني لفرض عشرة شواكل، يوجد مليون حل لدعمه من خلال رفع الضريبة عن المواد الخام والأقمشة والآلات التشغيلية”.
مقاطعة المنتجات الإسرائيلية؟
واستغرب نقيب الموظفين السابق إيهاب النحال في مداخلته من “عدم التطرق لمسألة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية في ظل النجاحات الكبيرة المحققة في الضفة الغربية والخارج من حملات المقاطعة”.
وبين أن “الأجانب يقاطعون المنتجات الإسرائيلية دعماً لأهل غزة ونحن نستهلكها من دون أن نرى حملة وطنية حقيقة لمقاطعة الاحتلال ومنتجاته”.
وقال “إن الأموال المستخدمة في شراء المنتجات الإسرائيلية تشكل مصدر تمويل الصواريخ التي تضرب غزة في الحروب وتقتلنا”.
وختم النحال بأن “أسوأ منتج محلي أفضل من أي منتج إسرائيلي”.
وكيل وزارة الاقتصاد الوطني عبد الفتاح الزريعي قال إن الجهات الحكومية “حريصة على دعم المنتج الوطني للتخفيف من حجم البطالة والفقر”.
وأضاف الزريعي أن “قطاع غزة عانى على مدار سنوات طويلة من سياسات الحصار الإسرائيلي، ما تتسبب في انهيار الاقتصاد الفلسطيني والصناعات الوطنية”.
وأشار الزريعي إلى أن “مسئولية حماية المنتج الوطني جهد مشترك بين الجهات الحكومية والمستوردين والمواطنين والأطراف الأخرى”.