لا تلهثوا وراء السراب.. بقلم/ رولا خالد غانم

أقلام-مصدر الإخبارية

كتبت د. رولا خالد غانم، في الوقت الذي يتطلع فيه شعبنا الفلسطيني للخلاص من الاحتلال الإسرائيلي، وإنهاء معاناته اليومية بفعل سياسات البطش و التنكيل التي تنتهجها دولة الاحتلال الصهيوني، تأتي الإدارة الأمريكية وعلى رأسها  الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي لطالما روج للديمقراطية، وحقوق الإنسان، لتجدد انحيازها الكامل لـ “إسرائيل”، إذ سعت هذه الإدارة كسابقاتها من الإدارات الأمريكية على توفير ما أمكن من الدعم و الإسناد المالي والسياسي لدولة الاحتلال.

غير أنّ هذه الزيارة للرئيس الامريكي بايدن جاءت في توقيت سياسي معقد، اذ لا يلوح في الأفق أي اختراق سياسي يذكر سوى تعزيز دور و مكانة “إسرائيل” سياسيا و أمنيا و يزداد التنكر لحقوق شعبنا الفلسطيني وقضيته الوطنية العادلة.

و ليس من المستغرب أن يعلن بايدن و معه لابيد عن ما اسمياه بإعلان القدس بمضامينه المختلفة و التي تجر المخاطر الكبيرة على قضيتنا الوطنية برمتها, كيف لا و هذا الرئيس الامريكي بايدن يسير على خطى ترامب نحو تطبيق ما يسمى بصفقة القرن و الذي بدوره يسعى لتوسيع دائرة ” التطبيع ” مع دولة الاحتلال و تعزيز المكانة السياسية و الأمنية لها في المنطقة العربية، وكذلك في منطقة الشرق الأوسط، و فرض وجودها ككيان سياسي، وهو بخلاف ذلك ،إذ إن في جوهره نظام أبشع من نظام التمييز العنصري في جنوب افريقيا و الدلائل و القرائن واضحة على هذا الإجرام العنصري و الذي تزداد وتيرته بفعل طوق النجاة الذي تمده أمريكا له في كل مرة كي تفلته من الملاحقة و المحاسبة، ولعل ما قامت به أمريكا بالتعامل في قضية اغتيال الاحتلال للإعلامية البارزة شيرين أبو عاقلة و حرف مسار التحقيق عن طريقه الصحيح إلا واحد من الأدلة الدامغة على ذلك.

ويلوح بايدن بما رفضه شعبنا الفلسطيني وقواه الحية بما يسمونه بالحل الاقتصادي وتقديم حفنة من المساعدات المالية هنا وهناك متجاهلا أنّ الشعب الذي قدم الآلاف من الشهداء والأسرى والجرحى، والمبعدين لم ولن يقبل بأنصاف الحلول او الحلول المنقوصة و المجتزأة الى جانب إعلانه الجريء وتأكيده على يهودية الدولة!!!

لقد آن الأوان لتعرية هذا الموقف الأمريكي المكشوف أصلا، ومغادرة مربع المراهنة عليه، سيما أنّ من يراهن عليه كما الذي يلهث وراء السراب ويتعلق بأوهام زائفة.

وفي المقابل وأمام ما تحمله هذه الزيارة من مضامين خطيرة تستدعي موقفا وطنيا جادا ومسؤولا يرقى لإعادة شحذ طاقاتنا واستنهاضها من خلال بلورة الإستراتيجية الوطنية الكفاحية الموحدة لانتزاع حقوقنا المشروعة والعمل الجاد والدؤوب لتعزيز علاقاتنا مع القوى الحرّة العربية، بما يكفل استنهاض دورها لتأخذ زمام المبادرة والتصدي للخطر الداهم والعمل بجد واجتهاد لاجتثاث الورم السرطاني الأمريكي الصهيوني من منطقتنا العربية.
إنّ مسيرتنا النضالية الممتدة منذ ما يزيد عن السبعة عقود لن توقفها السياسات الامريكية المتغطرسة والمنحازة لدولة الاحتلال الصهيوني، وسيبقى شعبنا الفلسطيني الصامد صاحب الكلمة والموقف الفصل في إجهاض المخططات الرامية لتصفية قضيته العادلة.