معاريف.. المجال الجديد

أقلام – مصدر الإخبارية
معاريف.. المجال الجديد، بقلم الكاتب ألون بن دافيد، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:
دخل جنرال عربي من دولة بعيدة الاسبوع الماضي الى مكتب لواء في الجيش الاسرائيلي في مبنى هيئة الاركان في الكريا (وزارة الدفاع). طل الضيف على المشهد من النوافذ الواسعة وقال لمضيفه: “لو ان احدا ما قال لي قبل سنة اني سأقف في مكتب لواء في الجيش الاسرائيلي واطل على مشهد تل أبيب، لكنت قلت له انه مجنون”. ليس مؤكدا أن معظم الاسرائيليين يفهمون كم هو عميق وسريع التغيير الذي يمر على العالم العربي في موقفه من اسرائيل، وهو لا يزال في ذروته، وهذا ايضا من علائم التغيير: في الاسبوع الماضي كانت هنا قمة قيادة المنطقة الوسطى الامريكية – ممثلي الجيش، سلاح الجو والاسطول – ممن بحثوا مع قيادة الجيش الاسرائيلي في سيناريوهات حرب مختلفة كفيلة اسرائيل بان تقف امامها. ليس مثلما في الماضي لم يأتوا لان ينشغلوا فقط بنصب بطاريات دفاع جوي، بل ايضا للحديث في خطط عملياتية. ارادوا ان يتعرفوا كيف ستكون حرب في كل ساحة ذات صلة بإسرائيل، ماذا ستكون الاهداف الاسرائيلية وما هي المشاكل التي تشغل بال اسرائيل في كل سيناريو.
في السنوات التي كانت فيها اسرائيل تحت مسؤولية قيادة اوروبا في الجيش الامريكي كان يتلخص اهتمامهم بإرسال بضع بطاريات باتريوت وسفينة ايغس للدفاع ضد الصواريخ. لقيادة المنطقة الوسطى الامريكية توجد مصلحة والتزام بمستوى آخر: كل حرب لإسرائيل ستدار في المنطقة تحت مسؤوليتها. ولهذا فهي ستكون مشاركة فيها وفي مضاعفاتها.
العالم العربي قلق من الضعف الذي يبديه الامريكيون في المنطقة، ويرى في اسرائيل السند المستقر التالي بعد الولايات المتحدة. ضباط الجيش الاسرائيلي يجدون أنفسهم في القبعات المعاكسة: حين يطيرون غربا – هم المتسول من الدولة الصغيرة الذي يطلب مساعدة القوة العظمى. حين يطيرون شرقا – يتعاطون معهم كممثلي قوة عظمى بحد ذاتها.
المجال الهائل الذي فتح لإسرائيل في اتجاه الشرق مدوٍ في حرية العمل الذي يمنحه، في الجو وفي ساحات اخرى ايضا. في هندسة منظومة الدفاع الجوي التي تقام شرقنا، اسرائيل هي طوبة اساسية، الى جانب الامريكيين. هذه المنظومة ستعمل على الكشف والاخطار لإطلاق صواريخ ايرانية من كل نوع كان غربا، وقد اثبتت نفسها منذ الان في شباط من هذا العام باعتراض مسيرتين ايرانيتين انطلقتا باتجاه اسرائيل. وحسب التقارير، فقد شخصت المسيرتان ولوحقتا ببضع منظومات دفاع امريكية في المنطقة واعترضتا اخيرا من الامريكيين فوق العراق.
لحرج اسرائيل والسعودية كشف الامريكيون هذا الاسبوع عن اللقاء السري بين رئيسي الاركان الاسرائيلي والسعودي والذي عقد في شرم الشيخ بعد الاعتراض الناجح. لكن الحرج مؤقت. زيارة بايدن الى اسرائيل والسعودية هذا الشهر ستعطي مفعولا رسميا وعلنيا لمنظومة الدفاع الجوي والى شراكة اولى علنية بين اسرائيل والمملكة المسؤولة عن المقدسات الاسلامية.
لن يكون هذا انطلاقا سريعا لعلاقات كاملة مثلما مع الامارات او البحرين. فالتقدم مع السعوديين سيكون بطيئا وحذرا أكثر بكثير من جهتهم، لكن الشهر القادم سيسجل كعلامة طريق في العلاقات بين اسرائيل والعالم العربي.
ينظر الايرانيون، وهم الذين تعرضوا لسلسلة هجما وتصفيات بعيون تعبة الى ما ينسج بين اسرائيل والعالم السني. وقد عادوا هذا الاسبوع الى المحادثات على الاتفاق النووي وهم مصممون على ان يحصلوا على تنازل امريكي الى جانب العودة الى الاتفاق من العام 2015. ادارة بايدن، التواقة لتخفيض اسعار الوقود ومرغوب فيه قبل انتخاب منتصف الولاية التي ستجري في تشرين الثاني، ناضجة تماما لان تمنحهم تنازلات اضافية. لكن مشكوك فيه إذا كان الطرفان سيكتفيان بإجمال المفاوضات قبل موعد الانتخابات في الولايات المتحدة.
عندنا صرخت هذا الاسبوع العناوين الرئيسة عن “خلاف حاد” في القيادة الامنية بالنسبة للاتفاق النووي، لكن الحقيقة هي اقل صراخا من العناوين. يوجد اجماع من الحائط الى الحائط في المنظومة الامنية على أن الاتفاق النووي في 2015 سيء، وثمة من سيقول حتى سيء جدا. لكن مع الاتفاق، كل واحد يختار ان يرى الفضائل او النواقص التي فيه. في شعبة الاستخبارات يعتقدون بان الاتفاق سيمنح زمنا غاليا للجيش الاسرائيلي لتحسين وتطوير الخيار العسكري حيال إيران. في الموساد يرون الازدهار المرتقب للاقتصاد الايراني والاموال التي ستضخ الى فروع إيران للارهاب، ما سيجعل مهمة الاحباط صعبة على الموساد. هذان الموقفان معللان وجديران بالإنصات، لكن الحقيقة المؤسفة هي انهما لا يعنيان الامريكيين. الولايات المتحدة مصممة على الوصول الى اتفاق. وإيران تفهم انها هي ايضا ملزمة بالعودة الى الاتفاق ووقف تدهور اقتصادها وعليه فسيكون اتفاق، دون صلة برأي رئيس الموساد او رئيس شعبة الاستخبارات.
حتى الان تنجح اسرائيل في الاستباق بعدة خطوات كل محاولة رد ايرانية على الهجمات التي تتعرض لها، لكن فرضية العمل يجب أن تكون بأنهم في لحظة ما سينجحون: سواء في اصابة اسرائيلي في الخارج ام في إطلاق طائرة نحو اسرائيل. سلسلة اخفاقات إيران في خلق معادلة مع اسرائيل كفيلة بان تدفعهم لان يستخدموا فرعهم المتقدم في لبنان الذي كان حتى الآن صامتا.
حزب الله، المتورط عميقا في الازمة الاقتصادية والسياسية في لبنان حرص على ان يوضح حتى وقت اخير مضى بان إيران ستعرف كيف ترد بنفسها على ما يحصل في اراضيها. نصر الله لا يبحث عن مغامرات لكنه كفيل بان يواجه طلبا ايرانيا لا حوادة فيه لان ينفذ عملية ضد اسرائيل. ويمكن للذريعة ان تكون تنقيبات الغاز في حقل كريش او رد على الطلعات اليومية لسلاح الجو في سماء لبنان. عندما نجتذب الى دوامة انتخابات مضنية، وفي القدس تكون حكومة انتقالية مرة اخرى – فان الاغراء كفيل بان يتغلب على حزب الله.
اقرأ/ي أيضًا: إسرائيل.. عودة الذئب..!!!