الصيد الجائر في بحر غزة.. يا بلاش سبعة ألاف سمكة بعشرة شواكل فقط

صلاح أبو حنيدق- خاص شبكة مصدر الإخبارية:

تنتشر في بحر قطاع غزة ظاهرة صيد الأسماك الصغيرة الجائر، ما يُهدد مستقبل الثروة السمكية، وينذر بنفاد المخزون الاستراتيجي من الأسماء الكبيرة.

ويستخدم الصيادون، عادة، شباكا ذات فتحات صغيرة، وصغيرة جدا كي يصطادوا أسماكاً صغيرة، ودقيقة في كثير من الأحيان، مثل سمكة “البزرة”، وهي اسما صغيرة جدا ما لبثت أن فقست من بيوض أسماك السردين الغنية بأحماض “أوميغا 3”.

40% من مجمل الصيد السنوي

ويصطاد الصيادون في قطاع غزة قرابة 4500 طن من الأسماك سنوياً ،من أصل 20 ألف طن يحتاجها القطاع، حوالي 40 في المئة منها أسماء صغيرة، جراء الصيد الجائر في البحر، وفق اتحاد لجان الصيادين.

ويقول مسئولون إن السبب الرئيس في انتشار الصيد الجائر في بحر غزة يعود إلى الحصار الإسرائيلي، وضيق مساحة الصيد المسموح للصيادين الإبحار فيها.

وتمنع سلطات الاحتلال الإسرائيلي الصيادين من الإبحار في بحر قطاع غزة مسافة لا تزيد من 12 ميلاً بحرياً (الميل البحري الواحد يعادل 1.852 كيلومترا)، أي نحو 22 كيلومترا، وفق نقابة الصيادين.

أشكال الصيد الجائر

ويوضح هؤلاء في تصريحات خاصة لشبكة مصدر الإخبارية أن الصعيد الجائر في بحر غزة يأخذ العديد من الأشكال، تتمثل في الصيد بالغزل (الشِباك) الأحمر، والتفجير بالديناميت، وشبكاك الجرافة.

وأكد منسق اتحاد لجان الصيادين زكريا بكر أن تقليص مساحة الصيد المستمر، أرغم الصيادين، في ظل ارتفاع أعدادهم إلى نحو 4500 صياد في قطاع غزة، وتفشي نسب البطالة والفقر في أوساطهم، على اللجوء للصيد الجائر.

وأشار بكر إلى أن “كل الأسباب السابقة أدت إلى لجوء الصيادين للصيد في مساحات ضيقة قريبة من الشاطئ على مدار الساعة”.

أخطر أشكاله

ولفت إلى أن “أخطر أشكال الصيد الجائر في بحر غزة الصيد بالغزل الأحمر الممنوع استخدامه في البحار على مستوى العالم”.

ووفق المواصفات العالمية يتوجب أن يكون قُطر فتحات الغزل الخاص بالصيد 10 مليمترات، لكن النوع الأحمر يتراوح بين 4 إلى 6 مليمترات.

وبين بكر أن “الغزل الأحمر يسمح للصيادين بصيد الأسماك البالغ حجمها حوالي سنتيمترا واحدا، ما يستنزف الثروة السمكية، ويمنع تكاثرها في موسم التزاوج”.

وقال بكر لشبكة مصدر الإخبارية إن “الخطر يزداد مع انتشار ظاهرة صيد بعض الغواصين أمهات الأسماء القادرة على التكاثر، ما يحرم بحر القطاع من انتاج أسماك جديدة”.

وأضاف أن “ضخ المياه العادمة في البحر يساهم أيضاً في قتل الأسماك ويمنع تكاثرها، كونها تتزاوج وتتكاثر في المناطق الدافئة القريبة من الشاطئ”.

وشدد بكر على “ضرورة وقف عمليات الصيد في الفترة الخاصة بتكاثر الأسماك الممتدة بين 15 حزيران (يونيو) من كل عام، و15 أيلول (سبتمبر) أي ثلاثة أشهر”.

ونوّه إلى أن “الصيادين في غزة لا يلتزمون وقف الصيد خلال الفترة المذكورة، ما يهدد المخزون الاستراتيجي من الأسماك في البحر في شكل خطير، كونهم يصطادون من خلال الغزل الأحمر كل البيوض الجديدة والصغيرة”.

ويمتد طول الشريط البحري لقطاع غزة حوالى 35 كيلو مترا، وفق نقيب الصيادين نزار عياش.

سبب عدم القدرة على منع الصيد الجائر

بدوره، أرجع المدير العام للثروة السمكية في وزارة الزراعة وليد ثابت سبب عدم حظر الصيد الجائر في بحر غزة إلى “سوء أوضاع الصيادين الاقتصادية”.

وقال ثابت في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية إن “سبب سوء أوضاع الصيادين الاقتصادية، استمرار الحصار البحري الإسرائيلي، وضيق مساحة الصيد”.

وتصل نسبة البطالة في صورة عامة في قطاع غزة إلى 47 في المئة وفق الجهاز المركزي للإحصاء ووزارة العمل الفلسطينية، وتفوق 65 في المئة بين الشباب والنساء.

وأضاف ثابت أن “الصيد الجائر موجود في كل أنحاء العالم، ولا يقتصر على بحر غزة”، مشيراً إلى أن “الأسماك الصغيرة (البذرة) تصنف على أنها مهاجرة”.

وأكد أن “وزارة الزراعة تحارب الصيد الجائر من خلال مراقبة عمليات الصيد باستخدام المتفجرات أو الشباك الأقل من 10 مليمترات، ومنع دخولها عبر المعابر إلى قطاع غزة”.

تهريب إلى القطاع

ولفت إلى أن “الغزل الأحمر ممنوع دخوله عبر المعابر ويُهرّب إلى القطاع” بطريقة غير شرعية.

ووفقاً لقانون مصائد الأسماك لسنة 1937، و1940، و1941، و1945، و1946 يُمنع الصيد بشباك يقل قُطر فتحاتها عن 10 مليمترات.

محاولات المنع باءت بالفشل

إلى ذلك، قال نقيب الصيادين في قطاع غزة نزار عياش إن “النقابة سعت سابقاً لإصدار قانون وقرار يُنهي ظاهرة الصيد الجائر من خلال رفع طلب رسمي إلى المجلس التشريعي، لكنه لم يصادق عليه”.

وأضاف عياش في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية أنه “بعد فشل إصدار قانون من التشريعي، قررنا منع الصيد بالشباك الضيقة خلال فترة تكاثر الأسماك بين أشهر 6 و10، لكن من دون جدوى، ولم ينجح التطبيق”.

وأشار عياش إلى أن “الصيد الجائر يمثل إهدارا للثروة السمكية، كون الخطورة ليست في صيد سمك البذرة، لكن في إعدام أصناف السمك الصغيرة الأخرى المخلوطة فيها وترافقها في فترة حياتها”.

واتفق عياش مع باقي المسئولين على أن “سبب انتشار الصيد الجائر في بحر غزة يعود لتضييق قوات الاحتلال على الصيادين، وضيق مساحة الصيد”.

لا جدوى اقتصادية كبيرة

من جهته، أكد المختص الاقتصادي محمد أبو جيّاب “أنه لا جدوى اقتصادية كبيرة من عملية بيع الأسماك الصغيرة (البذرة)، مقارنة مع تركها تكبر لتصل إلى حجم معقول”.

ويبلغ وزن الصندوق البلاستيكي من الأسماء الصغيرة (البذرة) حوالي 20 كيلو غراما، ويُباع بسعر يتراوح بين 10 و20 شيكلاً، حيث يحتوي على سبعة آلاف سمكة تقريبا.

وشدد أبو جيّاب في تصريح خاص لشبكة مصدر الإخبارية على أن “كمية الأسماك في الصندوق يُمكن أن تُباع بحوالي 150 و 200 شيكل، في حال تُركت في بيئتها الشاطئية تتكاثر وتنمو لأحجام جيدة”.

ونوه أبو جيّاب إلى أن “الصيادين يلجؤون إلى صيد الأسماك الصغيرة، لعدم مقدرتهم على الوصول إلى مناطق في عمق البحر تعيش فيها وتتواجد أنواع وأسماء كبيرة، تبعد حوالي 20 ميلاً بحرياً عن شاطئ بحر غزة”.