مناورة عزم الصادقين بين دلالة التوقيت ومفاجآت المقاومة

خاص مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي

تُواصل المقاومة الفلسطينية، تعظيم جهوزيتها العسكرية والأمنية، استعدادًا لأي مواجهة مقبلة مع الاحتلال الإسرائيلي، في ظل موجةٍ من التهديدات باستهداف قادة المقاومة في قطاع غزة، ضمن حربٍ باردة تخوضها الأجنحة العسكرية ضد أجهزة الأمن الإسرائيلية.

ورغم مرور ما يزيد عن عام كاملٍ على أخر حرب شنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، إلا أن طبول الحَرب قد تُقرع في أي لحظة، نتيجة تزايد الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية في حق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس المحتلتين وفق ما يُؤكد مختصون ومُتابعون.

تخوفات داخلية

يقول الخبير في الشؤون الاستراتيجية عبدالله العقاد إن “الاحتلال يمر بحالةٍ غير مستقرة من التخوفات الداخلية والخارجية، نتيجة شعوره بقُرب خوض معركة ساخنة تُهدد وجوده وكيانه، تُشارك فيها إيران”.

وأضاف في حديثٍ لشبكة مصدر الإخبارية أن “الخطر السوري واللبناني بات يتهدد الاحتلال الإسرائيلي، بالتزامن مع ترسيم الحدود والتوترات الحاصلة، إلى جانب التهديد الرئيس المتمثل في الفلسطينيين أنفسهم، سواءً في القدس أو الضفة، أو مُدن الداخل المحتل”.

لا تأمن الاحتلال

وأشار العقاد إلى أن “المقاومة تبذل جهودًا مُضنية لتكون على قدرٍ عالٍ من الجهوزية، لمواجهة أي تحديات قد تطرأ في أي لحظة، كونها لا تأمن جانب الاحتلال، خاصة بعد اختتامه مناورةً عسكرية استمرت على مدار شهرٍ كاملٍ، واختتمت في قبرص بمشاركة وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس، الذي صرّح بأن المناورة تأتي في سياق تعظيم الجهوزية ورفع المستوى الأمني والاستخباري لقوات الاحتلال”.

وفيما يتعلق بتعاظم قوة المقاومة وكيف يُتابعها الاحتلال، لفت العقاد إلى أن “جيش الاحتلال الإسرائيلي يُراقب جيدًا تعاظم قوة المقاومة التي تُمثّل تآكلًا نوعيًا في قوة الردع الصهيونية، حيث قُدرة المقاومة على إدارة العمليات العسكرية والتنسيق بين الأجنحة المسلحة في قطاع غزة، سواءً في ميدان المواجهة المباشرة، أو المواجهة المفتوحة مع الاحتلال المُدارة مِن خِلال غرفة العمليات المشتركة”.

وأوضح أن “الاحتلال يُعاني بينه وبين نفسه من صراعٍ مستمر يتمثل في مقدرته على الفعل والخَشية من عُواقب أفعاله، حيث تجلى ذلك واضحًا عبر تسليط الضوء في شكلٍ لافت على مرصد “الفاتح” التابع للمقاومة شمال قطاع غزة، الذي قصفه طيران الاستطلاع الإسرائيلي قبل أيام، وأعادت المقاومة ترميمه بعد أقل من 12 ساعة”.

وتابع أن “الاحتلال ظهر منزعجًا جدًا من تحدي المقاومة، حيث أصبحت قوة التعاطي مع تهديدات الاحتلال محدودة ومُقيدة في ظل سيطرة المقاومة الفلسطينية على الميدان عبر تثبيت قواعد الاشتباك، ما يُشكّل خطرًا حقيقيًا على عقيدة الاحتلال المتمثلة في قُدرته على الفعل وعدم التمكن مِن فِعله”.

وفيما يتعلق باللافتات المرفوعة على مرصد “الفاتح” المُعاد ترميمه المقابل لمستوطنة مستوطنة “نتيف هعسراه”، وكيفية التعامل معها، أوضح العقاد أن “العبارات المكتوبة على اللافتات تسببت بحالةٍ من الهَلع في صفوف المستوطنين وجنود الاحتلال، كونها تأتي ضمن حرب نفسية تشنها المقاومة الفلسطينية”.

وأكد أن “المقاومة وُفقت في اختيار العبارات المؤثرة على قُطعان المستوطنين وجنود الاحتلال، خاصة وأنها مُثارة بين قادة الاحتلال وعناصره العسكرية، وتُشير إلى قُرب زوال الاحتلال وانتهاء العَقد الثامن لدولة الاحتلال”.

لن تقف مكتوفة الأيدي

من جانبه، قال الناطق باسم حركة الجهاد الإسلامي طارق سلمي إن “المناورة هدفها رفع الجهوزية القتالية على المستويات كافة، استعدادًا لأي معركة مقبلة، ولمواجهة سياسات وإجراءات الاحتلال الإسرائيلية”، مشيرًا إلى أن المناورة “تأتي في وقتٍ حسّاس تتصاعد فيه انتهاكات الاحتلال واعتداءاته في حق الفلسطينيين في الضفة والقدس المحتلتين، وممارسات الاحتلال الوحشية في حق أسرانا داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي”.

وشدد، على أن “سياسات الاحتلال العدوانية وممارساته لن تَمر مرور الكِرام، والاحتلال يتحمل مسؤولية جرائمه المُرتكبة في حق أبناء شعبنا الفلسطيني”.

جهدٌ مُعبّد بدماء الشهداء

ولفت سلمي إلى أن تعاظم قوة المقاومة “جاء نِتاج جهد تراكمي على مدار سنوات طويلة، عُبّدَ بدماء الشهداء والمصابين والأسرى، ومن معارك وجولات تصعيد مع الاحتلال الإسرائيلي”.

وأوضح أن “مناورة عزم الصادقين تؤكد على الرواية الفلسطينية بأقل الوسائل والإمكانات، وتعزيز التفاف جماهير شعبنا حول فصائل المقاومة، التي وُجدت من أجل حمايته والدفاع عنه، وباتت تقف، اليوم، سدًا منيعًا أمام انتهاكات العدو الصهيوني، وسيفًا مشرعًا في وجه الإجراءات والسياسات الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية”.

وكان رئيس وزراء حكومة الاحتلال نفتالي بينت حذر من أُفول شمس الكيان الإسرائيلي قبل بلوغ نهاية العقد الثامن كمقارنةٍ بالحالة اليهودية على أرض فلسطين والمُكررة مرتين قبل ألف عام في مملكة داود (مملكة إسرائيل الموحدة) منذ سنة 1050 قبل الميلاد وحتى سنة 930 قبل الميلاد.

يُذكر أن سرايا القدس الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين كانت أعلنت، صباح اليوم، عن انطلاق مناورات “عزم الصادقين”، تعزيزًا لجهوزية مقاتليها في مواجهة أي اعتداءات إسرائيلية خلال الأيام المقبلة.

أقرأ أيضًا: انطلاق مناورات عزم الصادقين في قطاع غزة