كيف يستغل المستوطنون زيارة بايدن في شرعنة المزيد من البؤر الاستيطانية؟

خاص – مصدر الإخبارية

دفعت زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن المرتقبة الشهر المقبل إلى المنطقة (الداخل والضفة الغربية المحتلتين)، الجماعات الاستيطانية والمتطرفين اليهود لرفع وتيرة هجمتهم الاستيطانية على مزيد من الأراضي الفلسطينية في الضفة والقدس.

ويسعى المستوطنون المتطرفون اليهود من وراء هجمتهم الكبيرة إلى تحقيق أهدافهم في شرعنة البؤر الاستيطانية وتحويلها إلى مستوطنات.

ويخطط كبار قادة المستوطنات في الضفة المحتلة إلى إحراج البيت الأبيض والإدارة الأميركية من خلال زيارة بايدن إلى المنطقة المقرر منتصف تموز (يوليو) المقبل، عبر إنشاء 10 بؤر استيطانية جديدة، وفق وسائل إعلام عبرية.

ويخطط مسؤولون في حركة الاستيطان في الضفة المحتلة، بما في ذلك حركة “نحالا” بقيادة دانييلا فايس، وتسفي شرباف، لتنظيم عشر مجموعات من النشطاء لإنشاء عشر تجمعات استيطانية جديدة في مواقع رئيسة عبر الضفة خلال زيارة الرئيس الأميركي.

وقالت الحركة الاستيطانية إن الخطة وُضعت تحت مزاعم الرد “على إبطاء الحكومة الإسرائيلية تنفيذ صفقة بؤرة “أفيتار”، تجنباً للاحتكاك مع الولايات المتحدة خلال زيارة جو بايدن”.

وبموجب اتفاق أفيتار، الذي أُعلن العام الماضي، أخلى عشرات المستوطنين بؤرة “أفيتار” الاستيطانية على جبل صبيح “طواعية”، بعدما أُنشئت إثر هجوم فدائي فلسطيني على الموقع.

في المقابل، تعهدت حكومة الاحتلال برئاسة نفتالي بينت بتحويل الموقع، موقتاً، إلى موقع لجيش الاحتلال، وشرعنة البؤرة، بعدما زعم مسّاحون أنها تبنى على أرض عربية مملوكة ملكية خاصة.

زيارة بايدن والعودة إلى مخطط E1 الاستيطاني

السعي لشرعنة البؤر الاستيطانية يأتي إضافة على عزم وزارة الحرب الإسرائيلية على بناء مشروع سكني مثير للجدل في منطقة “E1” في الضفة الغربية، بعدما سحبت حكومة الاحتلال الخطة في شهر كانون الثاني (يناير) الماضي، بسبب ضغوط دولية، وأكدت حينها لإدارة بايدن أنها لن تمضي قدماً فيه.

ونشرت الإدارة المدنية جدول أعمالها الخاص باجتماع 18 تموز (يوليو) المقبل لمناقشة الاعتراضات على المشاريع الحاصلة على الموافقة المبدئية، وكانا مخططين في منطقة “E1” ويضمان معاً 3412 وحدة سكنية، هما الوحيدان على جدول الأعمال.

وتمت الموافقة على مشروع “E1” من قِبل حكومة نتنياهو السابقة عام 2012، ثم تم تعليقه مدة ثمان سنوات تقريباً وسط ضغط دولي كبير.

وبموجب الخطة، سيتم بناء منازل شرق مستوطنة “معاليه أدوميم” وسط الضفة المحتلة، ما يؤدي إلى تفكيك التواصل الجغرافي بين الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية ومدينتي رام الله وبيت لحم الفلسطينيتين.

وقال مدير وحدة مراقبة الاستيطان في معهد “أريج” سهيل خليلة إنّ “المستوطنين، بجميع أشكالهم، يحاولون استغلال زيارة بايدن، كي يشرعنوا البؤر الاستيطانية، وبؤرة أفيتار مثال واضح لمحاولات المستوطنين شرعنة البؤر وتحويلها إلى مستوطنات”.

وأضاف خليلة، في حديث لشبكة مصدر الإخبارية، أنه “قبل حوالي ستة أسابيع، كان هناك شرعنة لحوالي 30 بؤرة استيطانية، بمعنى تم إعطاء موافقة لمدها بالكهرباء والماء وبنية تحتية كاملة، وبالتالي منحها ميزانية خاصة بها”.

وتابع: “تُرجمت الشرعنة بإعطاء موافقة أولية على مخطط هيكلي لبؤرة “أميحاي”، التي تحولت إلى مستوطنة، لأنها أصبحت تضم مساحات كبيرة، ولهذا السبب يتم شرعنة أكبر عدد من البؤر لتحويلها إلى مستوطنات”.

واعتبر خليلة أن استغلال المستوطنين زيارة بايدن أمر طبيعي لأن “عدم حدوث زيارة سيوقع حكومة الائتلاف الهشة، وبالتالي يكون الظرف مناسب للضغط في اتجاه شرعنة البؤر الاستيطانية في المرحلة القادمة”.

الموقف الأمريكي الخجول

وحول موقف الإدارة الأميركية من الاستيطان، وصف الخبير في شؤون الاستيطان د. محمد عودة الموقف الأميركي بأنّه “خجول، وليس حقيقياً في ردع الاستيطان، ولذلك نحن نستنتج من موقف الكونجرس والإدارة الأميركية برفع أكبر منظمة استيطانية بدأت الاستيطان “غوش إيمونيم”، التي ترأسها كوهين عن قائمة الإرهاب الدولية بقرار أميركي، بأنه موقف داعم، وإن كان غير معلن”.

وأضاف عودة، في حديث لشبكة مصدر الإخبارية، أن “هذا الأمر أعطى مؤشرا مهما جداً لجميع الحركات الاستيطانية، بأنه مهما فعلت ستكون أخيراً لديها فرصة التقدم من دون أي اعتراض أو غضب دولي أو أميركي”.

وشدّد عودة على أن “الموقف الأميركي خجول، ولا يرقى حتى إلى موقف الإدانة أو الاستنكار، أو على الأقل، أخذ أي موقف عملي من موضوع الاستيطان إطلاقاً”.

وأوضح أنه “إذا نظرنا إلى كل المواقف الأميركية من الرئاسة ووزارة الخارجية، وغيرها، نجد أنّهم يؤكدون على حل الدولتين، وأن الاستيطان غير شرعي بكلمات خجولة لا ترقى إلى مستوى الإدانة الحقيقية، والطلب الرسمي من المستوطنين، والحكومة الإسرائيلية، بوقف الاستيطان”.

واعتبر أنّ ذلك “يُعطي إشارة مهمة جدا للمستوطنين بأن استمروا بما تفعلوه، وأن هذه الحكومة الاستيطانية يجب أن تستمر في أعمالها”.

وذكر عودة أنّ لدى الإسرائيليين “حكومة مستوطنين” تدعم بكل قوة جميع الحركات والأعمال الاستيطانية، كما حدث قبل أيام من مصادرة أكثر من 200 دونم وضمها إلى مستوطنة “آلون موريه” القابعة على الجبل الكبير شرق مدينة نابلس شمال الضفة.

وأشار إلى أن “هذه الأعمال وغيرها تعني أن الاستيطان مستمر، وأن المستوطنين لا يأبهوا بأحد في سبيل وقف أو تخفيف حدة الاستيطان، حتى وإنّ لم يتبق لزيارة بايدن سوى أسابيع قليلة”.

وحذر عودة من أن “الفلسطينيين أمام معضلة كبيرة جداً، الأن، وهي أن المناطق المصنفة (ج) ستتحول يوماً ما إلى منطقة محاصرة بأسلاك شائكة في المناطق المسماة (أ)، والمنطقة (ب) سينظر في شأنها على أنها منطقة مشتركة للفلسطينيين والإسرائيليين، وأن كل الاتفاقات أصبحت في مهب الريح وباتت لاغية”.

ولفت إلى أن قضية “إسرائيل الكبرى” أصبحت اليوم “مخططا لها في شكل مدروس، منذ صفقة القرن، التي لم تتخل عنها إدارة بايدن إطلاقاً، بدليل عدم الإيفاء بوعودهم تجاه إعادة فتح القنصلية الأميركية، وإعادة فتح مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في العاصمة واشنطن”.

اقرأ/ي أيضاً: صحيفة عبرية تنشر تفاصيل جديدة حول زيارة بايدن للمنطقة