مفاوضات فيينا: جمود وعقوبات على إيران.. والحرب الروسية تلقي بظلالها

سماح شاهين- مصدر الإخبارية
تشهد مفاوضات فيينا حول الاتفاق النووي مع إيران جمودًا غير مسبوق، رغم إعلان وزارة الخارجية الإيرانية، الاثنين، أنها طرحت حلولاً لإخراج المفاوضات من حالة التعثر، مؤكّدًة أنها تنتظر الرد الأميركي على هذه المقترحات، فهل ترى النور؟.
الباحث المصري في المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية محمد خيري، أكّد أن الاقتصاد الإيراني مرهون بمخرجات مفاوضات فيينا، لأنّ طهران ترغب في رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها منذ الانسحاب الأمريكي أحادي الجانب من خطة العمل الشاملة المشتركة عام 2018، خلال فترة حكم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
وقال خيري في حوار خاص مع “شبكة مصدر الإخبارية“، إن عقوبات ترامب ركزت على الجانب الاقتصادي الذي تسبب في شلل كبير في الأوضاع الاقتصادية وهز العملة الإيرانية المحلية وجعلها تهوي إلى أدني مستوياتها.
وأشار إلى أنّ الأزمة تسببت في ارتفاع كبير في أسعار السلع والمنتجات وكان آخرها القرار الصادر برفع أسعار كافة السلع بنسبة 300 في المئة، مما فجر الاحتجاجات الشعبية في عدد من المدن الإيرانية.
عقوبات سياسية تطال إيران
وأوضح أنّ العقوبات الأمريكية كان لها تأثير كبير على الأوضاع السياسية أيضاً، إذ وضعت إيران في عزلة من محيطها الجغرافي والدولي، فضلًا عن المواجهات غير المباشرة التي تتم بين إيران و”إسرائيل” في سورية، من جهة أخرى.
وأضاف خيري أنّه أصبح هناك رغبة دولية في محاصرة النفوذ الإيراني في الإقليم من ناحية، وتقويض الاقتصاد الإيراني الذي تعتمد عليه طهران في تمويل تحركاتها الخارجية.
وتابع: “رغم محاولات إيران للالتفاف على العقوبات الأمريكية منذ لحظة توقيعها، ونجاح إيران في تصدير نفطها إلى الصين إلا المحاولات لم تنجح بنسبة 100 في المئة، في تحسين الاقتصاد الإيراني المتهالك بفعل العقوبات التي تفرض من وقت لآخر على إيران منذ إعلان الجمهورية في عام 1979”.
الحرب الروسية تلقي بظلالها على مفاوضات فيينا
لفت الباحث في المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية كان لها تأثير على مجريات مفاوضات فيينا.
وذكر أنّ روسيا طالبت بضمانات مكتوبة من الجانب الأمريكي تضمن حرية التجارة مع إيران في ظل العقوبات التي فرضت على روسيا من جانب الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، بعد العملية العسكرية الشاملة على أوكرانيا أخيرًا.
وأردف: “الحرب تسببت في تزاحم الملفات أمام مائدة المفاوضين، إلا أن إيران تحاول الاستفادة من الحرب من خلال استمرار التفاوض وحل القضايا الخلافية الاقتصادية التي تمكنها من التوقيع على الاتفاق؛ لتسهيل تصدير النفط الإيراني في ظل ارتفاع أسعاره وفي ظل تراجع إمدادات النفط الروسي إلى أوروبا والعالم بفعل العقوبات، لكن تظل بعض القضايا الخلافية السياسية الأخرى سيدة الموقف”.
ويرتبط الاقتصاد الإيراني الأكثر تنوعاً، مقارنة بغيره من اقتصادات الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدّرة “أوبك”، بشكل أساسي بالقطاعات الأولية المتمثلة في النفط والغاز والزراعة.
وتجري إيران وقوى كبرى “فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، روسيا، والصين”، منذ أشهر مباحثات في فيينا لإحياء اتفاق العام 2015 بشأن برنامج طهران النووي.
وتشارك الولايات المتحدة التي انسحبت من الاتفاق أحاديًا في العام 2018، في المباحثات بشكل غير مباشر.
واشترطت طهران استبعاد الحرس الثوري الإيراني من قائمة العقوبات الأمريكية، وقائمة “المنظمات الإرهابية” الأجنبية.
تفاصيل بنود الاتفاق النووي الإيراني؟
وقعت “مجموعة 5 + 1” “وهو اسم يطلق على الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين والمملكة المتحدة وفرنسا بالإضافة إلى ألمانيا” اتفاقًا مع إيران حول البرنامج النووي.
ووافقت طهران على قبول القيود المفروضة على تخصيب اليورانيوم وتخزينه وإغلاق أو تعديل منشآت في عدة مواقع نووية، والسماح بزيارات المفتشين الدوليين لها.
وأعربت إيران عن أملها في أن يؤدي رفع العقوبات إلى تعزيز اقتصادها المتعثر جداً، ودخلت الصفقة حيز التنفيذ في كانون الثاني (يناير) 2016.
وتم التوقيع على الاتفاق خلال فترة رئاسة باراك أوباما، لكن ترامب قال إنها “أسوأ صفقة رأيتها يتم التفاوض عليها على الإطلاق”، وسحب بلاده من الاتفاق في أيار (مايو) 2018 وأعاد فرض العقوبات على إيران.
ورداً على ذلك، بدأت إيران بتخصيب اليورانيوم فوق المستويات المسموح بها بموجب الاتفاق وقلصت تعاونها مع المفتشين الدوليين.
ويحاول الرئيس الأمريكي جو بايدن احياء الاتفاق النووي، حيث ساعدوا معظم مستشاريه الحاليين في الملف الإيراني للتفاوض على شروط الاتفاق في عام 2015.