التهديد الحقيقي الوحيد على وجود إسرائيل

أقلام – مصدر الإخبارية

التهديد الحقيقي الوحيد على وجود إسرائيل بقلم ايهود باراك، “القسم السابق من هذا المقال والذي نُشر في عدد يوم الاستقلال، عُني بقصة السيادة السياسية اليهودية كأحداث قصيرة وتأسيسية على يراع التاريخ من ألفي سنة منذ أصبحنا شعبا، وبشكل تفصيلي أيضًا على قيام إسرائيل ونموها من عقد الى عقد، اما اليوم فسنحلل التهديدات التي امامنا والاستنتاج الناشئ عنها، على أفضل فهمي”.

“العملية الاجرامية في العاد تهزنا جميعا وتغلي دمنا، وهي تستوجب نفض المنظومات ورد فعل حاد، الحصانة التي ضمنت، بقدر ما ضمنت، للسنوار او لقيادة حماس، يجب أن تزال، “جدار الفصل” يجب أن يستكمل ويصبح استخداميًا، وتزويده بوسائل الأخطار ونشر قوات رد على طوله، إذا كان هذا يستوجب إقامة 15 سرية اخرى من حرس الحدود، هكذا يجب العمل، يجب فحص امكانية أن يقام من جديد حرس مدني، مع متطوعين يحملون السلاح كانوا خدموا في الماضي في وحدات ميدانية، في مدن حريدية مجاورة للجدار مثل العاد، موديعين عيليت أو بيتار عيليت ينبغي النظر في بناء جدار محيط وتعزيز حراسة دائمة، كل هذا ضروري، ولكن ضروري أيضا الوعي، لقد سبق أن كانت لنا أيام أصعب من هذه، الكفاح ضد الإرهاب سيستمر، هذه ليست العملية الأخيرة، الجيش، الشباك وشرطة إسرائيل معنا، وبها سنصمد ونهزم هذه الموجة مثلما هزمنا سابقاتها.

علينا أن نعمل ضد التهديدات بوعي وبتصميم، دون أن نفقد صلة العين مع كل فرصة للاعتدال، اللجم، التخفيف وفي نهاية المطاف، حتى لو تلبث، لحل النزاع، في نظرة تلتقط معا عقود كاملة، نحن نتقدم هناك بالتدريج، حتى وان لم يكن بالوتيرة التي تمنيناها، ومحظور ان نمس على الطريق الى الحل بالمصالح الأمنية الحيوية. اسرائيل اقوى من كل جميع الأعداء. عسكريا، استراتيجيا، تكنولوجيا واقتصاديا، علينا أن نعمل على تحقيق هدفنا من موقع قوة وثقة بالنفس. لا مكان لإخافة أنفسنا ومواطنينا ولا مكان لحركة البندول كثيرة العواطف بين التبجح الحماسي والفارغ في يوم ما والتباكي للضحية في شيء ما، والذي شهدناه المرة تلو الأخرى في السنوات ما قبل تشكيل حكومة التغيير.

أمامنا بضعة تهديدات: أولا، الإرهاب الفلسطيني، لتونا تلقينا منه ضربة قاسية، هو يشوش الامن الأساس، ولكنه مهما كان أليما، واساسا في الايام التي تدفن فيها العائلات أعزائها، فان الارهاب لم يكن ولن يكون ابدا تهديدا وجوديا على اسرائيل، ثانيا، الصواريخ والمقذوفات الصاروخية لدى حماس وحزب الله، الى جانب المحاولة الايرانية للانتشار في هضبة الجولان وتسريع مشروع الصواريخ الدقيقة لحزب الله، تعكس تطورا تكافحه اسرائيل ومن شأنه ان يعظم بقدر واضح الضرر المادي، الخسائر والهزة عند الصدام الشامل.

لكن رغم ذلك فان هذا أيضا لا يشكل تهديدا وجوديا على الدولة. ثالثا، البرنامج النووي الايراني، إذا ما وعندما تصل إيران الى ان تصبح “دولة حافة”، ويحتمل ان يكون هذا الصيف من شأنه بالفعل ان يغير الصورة جوهريا. مسؤوليتنا أن نستنفد، وإذا كان ممكنا على الولايات المتحدة، كل سبيل لمنع هذا، حقيقة أن اسرائيل والولايات المتحدة لم تعدا “خطة احتياط” لإحباط هذه الامكانية، بالتوازي مع انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في 2018، تشكل قصورا تاريخيا صعب جدا اصلاحه. لكن لا يدور الحديث عن خطر القاء سلاح نووي على اسرائيل.

يوجد للإيرانيين أسباب وجيهة للامتناع حتى عن التفكير في ذلك، بالضبط مثل كوريا الشمالية، هكذا في إيران. تطوير السلاح النووي يستهدف الردع وضمان بقاء النظام، وليس لإلقائه على اي جار، كوريا الجنوبية او اليابان في احدى الحالتين أو اسرائيل في الحالية الاخرى. اسرائيل تستعد منذ خمسين سنة باستثمارات ضخمة، امكانية أن يطور جار ما قدرة نووية رغم جهودنا لمنع ذلك. ودون الدخول في التفاصيل تقول ان حتى في هذا المجال لا خوف على اسرائيل. يقال بالتالي ان حتى التهديد الايراني في هذه المرحلة، وفي المدى المنظور للعيان، ليس تهديدا وجوديا على اسرائيل، وبالفعل، الخطر الفوري ينبع أكثر من امكانية أن يدفع التقدم الايراني بلاعبين آخرين في المنطقة للسعي الى سلاح خاص بهم. وفي المدى البعيد هذا تعقيد اضافي.

أوجز فأقول، يوجد على اسرائيل اليوم تهديد واحد فقط، والذي في ضوء تجربتنا التاريخية – جوهره وقوته من شأنهما ان يجعلاه وجوديا. وهذا هو الازمة الداخلية، الشرخ الداخلي والكراهية المتزايدة بين اليهود واليهود. تحريض عديم الكوابح، تزمت وانقسام يحتدم من سنة الى سنة. مؤخرا عرض على الشاشات الفيلم الذي تقشعر له الابدان من انتاج غيدي دار، “اسطورة الخراب”، الشخصيات المصورة تبدو وكأنها خرجت من بين صفحات كتب المكرا، لكن النصوص والمضمون تبدو ذات صلة في هذه الأيام، وبالتأكيد الوقود في الجو.

أمامنا حلف غير مقدس بين المتهم بالجنائي وبين متطرفي التزمت الظلامي، بسبب العيد والعمليات التي خلفنا، وحقوقه التي اعترف بها ايضا، لن افصل هنا اليوم كل حجوم مسؤوليته. لكن هو والنواة الداخلية من مؤيديه يعملون على تسميم الخطاب الجماهيري وفي محاولة منهاجية لصرف اتجاه القضاء وسحق ثقة الجمهور بالجهاز القضائي وبالحكومة وقادتها.

هذا حلف بينهم وبين بن غبير وامثاله، شخوص كانت في الماضي منبوذة ومرفوضة من كل حزب صهيوني اما الان فقد نالت الشرعية ممن ترأس منذ سنوات جيل معركة تحريض اخرى انتهت مثلما نعرف جميعا. هؤلاء اناس يسارعون للرقص على الدم عند العمليات بدلا من اسناد محافل الامن التي ينقذ فعلها الحياة وليس لنا بديلا عنها. رغما عنك تكتشف انه رغم اهدافهم المتعاكسة الواحد مع الاخر نجد رواد الارهاب في حماس ومتطرفين المسيحانيين في اسرائيل، بن غبير مثلا، يعملون وكأنهم ينسقون في هدف أسمى واحد لإثارة الخواطر في الجانبين وتحويل النزاع من سياسي – اقليمي بين اسرائيل والفلسطينيين الى حرب دينية بين اسرائيل والاسلام. هذا اتجاه سيء جدا لإسرائيل. ومن يعتقد بان اتفاقات ابراهيم او السلام مع مصر والأردن سينجوا من حرب دينية كهذه، يخاطر باستقرار مستقبلنا.

قبل نحو اسبوعين شيعنا في طريقه الأخيرة أرول، العقيد احتياط اهرون ايشل، من قدامى المظليين ومن مصممي انماط القتال في الجيش الاسرائيلي، القائم بالأعمال في سرية مئير هار- تسيون ومن اوائل سييرت متكال. الرجل الذي علم الكثيرين منا كيف يكونوا مقاتلين. وبطبيعة الأحوال كان عمر معظم الحاضرين بين 75 و85. توجه اليّ في الجنازة شخص ترأس في الماضي أحد اجهزة الاستخبارات والعمليات في اسرائيل.

شخص لا قياس لمساهمته لأمننا جميعا، قال لي اسمع يا اهود، يعتمل في داخلي شعور قوي باننا لا سمح الله في الطريق الى حرب أهلية. وبثت سيماء وجهه جدية ثقيلة لم تغب عني على مدى ايام. في الاسبوع الماضي، في ضوء التهديدات على حياة بينت وعائلته، والذكرى الأليمة التي حتى الان في تاريخنا القصير، رصاصات أطلقها يهود، نحو رئيس وزراء او مواطنين آخرين بسبب من هم، أطلقها كلها متطرفو طرف واحد، اعتقد ان تحذير الرجل في مكانه.

سوابق الماضي قرأنا في التلمود، عن كمتسا وبار كمتسا، عن الوحش وبرميل العسل وغيرها. عن نقمة العقد الثامن تحدثت في القسم السابق من المقال. حدثا الخراب لم يكونا مكتوبين مسبقا في السماء. كانا نتيجة مرض شديد من الانقسام وكراهية الاخوة، الى جانب تزمت اعمى لمن أخذوا على أنفسهم الاحتكار على تشخيص ارادة الرب وعلى تنفيذها عمليا. ان الامم التي لم تعرف المرة تلو الاخرى كيف ترص صفوفها في لحظات الاختبار – اختفت عن مسرح التاريخ. قبل 26 سنة كان العنوان على الحائط ولم نقرأه. مسؤوليتنا هي التعاون حتى مع اولئك الذين يفكرون بخلاف عنا، في صراع مشترك ضد وباء الانقسام، التحريض، رد النهاية والتزمت الاعمى الامر الذي ضربنا شديدا في الماضي، والاقلاع من هنا معا الى آفاق جديدة. هذا منوط بنا وهذا هو اختبارنا الاساس في بداية السنة الـ 75 لاستقلال اسرائيل”.