الحرم القدسي الشريف مكان قابل للانفجار أساسًا وتحول أمام ناظرنا لمادة انشطارية

أقلام- مصدر الإخبارية
بقلم: جاكي حوجي
ترجمة: معاوية موسى
الأقصى هو المعقل الأخير من أراضي الـ 67 الذي يتمتع به الفلسطينيون بشعور السيادة، لكن مع مرور الوقت، يشعر المسلمون أنهم يخوضون معركة الدفاع عن المكان قبل أن يتم أخذه منهم.
نجح الملك عبدالله ملك الأردن من على سريره في مستشفى فرانكفورت هذا الأسبوع في إدارة حملة دبلوماسية امتدت من أبو ظبي ،مرورا بالقدس وتوقفت فقط في نيويورك يعرف الملك جيدا أزمة الائتلاف الحكومي الذي تعاني منه حكومة بينت وكان يأمل أن يؤدي ضعفها إلى خدمة أهدافه هدفه كان بسيطا في المرحلة الأولى وقف زيارات المصلين اليهود للحرم القدسي لتهدئة المسلمين ومنع تدهور الأوضاع.
على المدى الطويل يريد الملك إعادة الأوضاع إلى سابق حالها ، وتحويل المنع إلى وضع دائم لا زال الملك يعتقد أن إسرائيل تستطيع، اذا رغبت بذلك، في الحفاظ على الفصل المقدس . اي الحرص على عدم زيارة اليهود للحرم القدسي الشريف لغايات الصلاة ، إنما فقط لزيارات سياحية . لكن الملك لا يعلم ،ان حكومة إسرائيل والشرطة والشاباك غير جاهزين إلى حد كبير في هذه الأيام لخوض الحروب اليهودية . اذا قاموا بمنع زيارات المصلين اليهود، كما كانت العادة حتى وقت قريب ، فإن هذا سيكون لبضعة أيام فقط . فليتفضل أحدهم ويخبر جلالة الملك أن الخيول هربت منذ بعض الوقت من الاسطبل.
يوم الثلاثاء مساء، عقد مجلس الأمن اجتماعا طارئ احول الأوضاع في الحرم القدسي الشريف ، بدفع من الأردن وبمبادرة من الامارات المتحدة . لم تكتفي الامارات المتحدة بذلك ، بل قامت باستدعاء السفير الاسرائيلي امير حايك لتوبيخه . تم إقناع ابو ظبي أن المسجد الأقصى قد يتسبب بانفجار الأوضاع ، أن لم يكن في القدس ففي العاصمة الأردنية . بالإضافة إلى ذلك سنحت أمامها فرصة ذهبية لاظهار وطنية إسلامية وإظهار بعض التضامن مع الفلسطينيين بعد سنوات من الجفاء معهم . في اليوم السابق كانت الاردن هي من شنت حملة مركزة ضد إسرائيل .حيث اتهم رئيس وزرائها بشر الخصاونة بالتنسيق مع الملك ، الإسرائيليين بتدنيس المسجد الأقصى ، وأعرب عن تقديره لكل واحد من مسؤولي الوقف الاردني والمتظاهرين الفلسطينيين ، الذي يلقون الحجارة على الصهاينة .وأشاد بالمشاغبين “انهم يقفون بشموخ مثل ماذن المساجد”.
في ظهيرة نفس ذلك اليوم استدعي الدبلوماسي الاسرائيلي سامي ابو جناب ، نائب السفير الاسرائيلي في عمان لمحادثة توبيخية في وزارة الخارجية الأردنية .كان السفير إيتان سوركيس في إجازة في ارض الوطن ، وبالتالي فقد تجنب الوضع غير اللطيف . بعد مغادرته ببضعة دقائق . اطلقت الاردن الطلقة الثالثة . الملك عبد الله ، الذي يتشافى بشكل ملحوظ من انزلاق غضروفي ، اتصل بالرئيس المصري السيسي. وشكا من أن “الإسرائيليين يقومون باستفزازات في الأقصى”. طبعا كلماته نشرت على الفور . في القدس شعروا بالاهانة في اعماقهم من الجلبة الاردنية لكنهم قرروا احتوائها.
كان من الواضح للجميع أنه كان المقصود منه إلى حد كبير الأغراض الداخلية. وسبقته عدة أيام من الاحتجاجات المتصاعدة من قبل الجمهور الأردني على ما كان يحدث في الأقصى. ووقع 87 نائبا من أصل 130 نائبا على عريضة تطالب القصر بقطع العلاقات مع إسرائيل كانت وسائل الإعلام غاضبة، وتزايدت المظاهرات في الشوارع. بدأ المغردون والمؤثرون في وسائل التواصل الاجتماعي بمهاجمة الملك مباشرة.
قررت الحكومة الأردنية أن تتولى زمام الأمر ، وبدلاً من أن يقودها الرأي العام ، قامت هي بتجاوزه من اليمين وسيطرت على الخطاب قبل فوات الأوان ، وهكذا ولد الهجوم الثلاثي. الصداقة التي أقامتها القيادة الإسرائيلية مع القصر الأردني ، بعد سنوات من العلاقات الباردة في أيام نتنياهو ، لم تساعد في لحظات الاختبار. في الواقع ، أشار الهجوم ضمنيًا إلى أن الأردن لا تتوقع ان تستمر حكومة بينيت لوقت طويل . لو كانت تعتقد أنها ستكمل فترة ولايتها ، فمن المشكوك فيه أنها كانت ستصطدم بها بهذه الشدة.
يمتد الحيز الجغرافي للأقصى ، الذي يضم أيضًا قبة الصخرة ، على مساحة 144 دونمًا ، ووفقًا لوجهة نظر الأوقاف الإسلامية ، جميعها أرض مقدسة أي عمل ديني لليهود على الحرم ، من صلاة فردية إلى الذبيحة ، يعتبر من وجهة نظرهم تدنيسًا لقدسيته. بالنسبة لليهود، كما يقولون، تم الحفاظ على الحائط الغربي وساحته ، ويسمح لهم هناك بعبادة الله. هذا هو التقسيم التاريخي ، والالتزام به هو أساس الوضع الراهن الشهير في الحرم القدسي.
وقف القادة العرب هذا الأسبوع كرجل واحد ، من أبو ظبي إلى منصور عباس، وطالبوا إسرائيل مرة أخرى بالعودة والحفاظ على الوضع الراهن ، أي الفصل بين المصلين اليهود والمسلمين في الحرم القدسي. حتى قبل سنوات قليلة تم الحفاظ على الوضع القائم.
سُمح لليهود بالزيارة لأغراض السياحة فقط ، وأي شخص شوهد وهو يقوم بأي عمل ديني، حتى لو كان يتمتم بآية أو اثنتين، طلبت منه الشرطة مغادرة المكان، في بعض الأحيان كانت هناك مشاهد تبدو وكأنها ماخوذة من أفلام Louis de Pines، يصعد أحد المصلين اليهود إلى الحرم، ويبحث عن ركن خالي من رجال الأمن، ويتمتم على عجل ببعض الآيات في الخفاء، ويهنئ نفسه على نجاح المهمة ويعود إلى شأنه، في السنوات الأخيرة ضعفت الرقابة على صلاة اليهود بشكل مطرد ، واليوم لا يسمح لهم فقط بالصلاة داخل باحات الاقصى ، انما للعمل سوية واحيانا بأعداد كبيرة.
ينظر المسلمون إلى هذا التطور بعيون غاضبة. وهم ينظرون الى ذلك باعتباره ضمًا زاحفًا، خطة منظمة مدعومة من السلطات لاحتلال قطعة أرض وأخرى. وبهذا الايقاع، فإنهم يخشون أن اليهود سيريدون ، وسيحصلون على الموافقات اللازمة لإنشاء كنيس، بتأسيس على قمة الصخرة، وقد سمع هذا الأسبوع قلق جديد ومثير للاهتمام من المسلمين. وظهرت في سلسلة من التصريحات الرسمية الصادرة عن العائلة المالكة الأردنية، وفي المحادثات الاحتجاجية مع الدبلوماسي الإسرائيلي. بحسب مخاوفهم ، ستنفذ إسرائيل في المستقبل المنظور في الأقصى ما فعلته في الحرم الإبراهيمي.
تقسمه إلى قسمين ، ويعلن أحدهما لليهود ، والآخر للمسلمين. لتجنب الاحتكاك ، ستضع جداول زمنية مختلفة يُسمح فيها لكل دين باداء عباداته عمان، كما ذكرنا، تأخذ هذا السيناريو على محمل الجد. وهو يرتكز على مراقبة سلوك الشرطة (وامناء جبل الهيكل ) في السنوات الأخيرة . بالنسبة للفلسطينيين فان الأقصى هو الموقع الأخير الذي بقي في ايديهم منذ عام 1967.
من الناحية الأمنية ، فهي تحت السيطرة الإسرائيلية ، لكن سيادتهم الروحية بقيت على حالها . يدار المكان من قبل الوقف ، ويتوجه إليه المصلون متى شاءوا، وجميعهم ينجحون في تأدية عباداتهم دون انقطاع. على الرغم من ذلك ، فإنهم يخشون أن يُسمح لليهود في المستقبل المنظور بالصلاة في الأقصى بطريقة رسمية ومنظمة. وبهذه الطريقة، سيتم تجريدهم من آخر الأماكن المقدسة، والتي لا تزال تحت سيطرتهم.
خوفهم من خلق واقع جديد في الموقع المقدس يغذي الاحتجاج العنيف ويغرس في الفلسطينيين شعوراً بأنهم يخوضون معركة حاسمة من أجل الدفاع عن اهم معقل ما زال في أيديهم. المسجد الأقصى هو المكان الثالث في قدسيته للإسلام ، وكل ما يحدث فيه يؤثر على مئات الملايين من المسلمين، حتى أن بعضهم مستعد لان يقتل من أجله، ومن ناحية أخرى، فإن اليهود أيضًا لا ينوون الانسحاب أو التنازل وهكذا فإن الحرم القدسي، وهو مكان قابل للانفجار على أي حال ،و أصبح مادة انشطارية أمام أعيننا.