هل تُشعل مسيرة الأعلام فتيل العمليات مِن جديد بالداخل المحتل؟

خاص مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي

أبلغت السلطات الإسرائيلية جماعات المستوطنين، اليوم الأربعاء، بأن مسيرة الأعلام في القدس، حال تنظيمها لن تكون تحت حراسة الشرطة الإسرائيلية، وهذا من شأنه تهديد المشاركين والمَس بأمنهم الشخصي.

وبحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، فقد رفضت شرطة الاحتلال منح التصريح اللازم لإقامة مسيرة الأعلام حول البلدة القديمة في القدس.

معارضة شكلية

بدوره قال المحلل والكاتب السياسي الفلسطيني أحمد رأفت غضبة: إن “المُعارضة الشكلية لمسيرة الأعلام مِن قِبل حكومة نفتالي بينيت تهدف لتحقيق مصالح حزبية تتمثل في خشية رئيس الوزراء الإسرائيلي من الإحاطة بحكومته”.

وأضاف خلال حديثٍ لشبكة مصدر الإخبارية: أن “القائمة المُوحدة برئاسة عباس منصور أصبحت في وضعٍ حَرج الآن، مع إمكانية خروج قائمته بشكلٍ نهائي من الائتلاف الحكومي ما يُهدد بسقوطها بشكلٍ كامل”.

وأشار إلى أن معارضة بينيت لمسيرة الأعلام لا يَنُم عن قناعة، إنما لتأكده من تداعيات المسيرة على مصالحة الحزبية والسياسية والجوانب الأخرى، مؤكدًا أنه ليس من مصلحة الحكومة الإسرائيلية إقامة هذه المسيرة.

مسيرات غضب عارمة

ولفت إلى أن تنظيم مسيرة الأعلام قد ينتج عنه مسيرة غضب عارمة تشمل مُدن فلسطين التاريخية كافة، وستُواجه بتضامن وتعاطف فلسطينيَّ لبنان والأردن والشتات، واصفًا المسيرة بأنها تُمثل تهديدًا حقيقيًا للأمن الإقليمي في المنطقة.

وأضاف: “أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن هاتف الرئيس محمود عباس بطلبٍ من رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، لإدراكه بأن الأحداث الجارية قد تُزعزع الأوضاع بشكلٍ كامل في المنطقة، ويرتبط بالأزمة الروسية الأوكرانية في ظل سعي الولايات المتحدة لهجومها على روسيا مِن خِلال المقاطعة والتحالفات ومدى تأثيرها على القضية الفلسطينية”.

وتابع: “كان هناك اختراقًا سياسيًا مِن قِبل روسيا في منطقة الشرق الأوسط ما بين الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس الفلسطيني محمود عباس وهو ما سيُولد ضغطًا شديدًا على كافة الأطراف لمنع تنظيم مسيرة الأعلام.

وأوضح المحلل السياسي أحمد رأفت غضبة، أن الأيدلوجية العقائدية التي يقوم عليها المستوطنون هي عدم الاكتراث لأعداد الموتى في الطرفين سواءً الإسرائيلي أو الفلسطيني مع أهمية تحقيق أهدافهم “الخبيثة” دون النظر إلى تداعياتها أو نتائجها.

جماعات عنصرية مُستفزة

ولفت إلى أن الجماعات اليهودية المتطرفة، تمتاز بعنصريتها واستفزازها مشاعر المقدسيين خاصةً فيما يتعلق بالمناسبات المهمة بالنسبة لعموم المسلمين في جميع أنحاء العالم، دون أي اعتبارات سياسية مع التأكيد على استخدام “العنف” لتمرير مخططاتهم، لاعتقادهم أن الناس خدم لهم وهو ما يتحقق على الأرض المتمثل في تسابق بعض الأنظمة العربية للتطبيع مع الاحتلال.

من جانبه أكد الكاتب والمحلل السياسي عاهد فروانة، أن استمرار الاحتلال في عُدوانه ضد أبناء شعبنا الفلسطيني، واعتزام الجماعات المتطرفة تنظيم مسيرة الأعلام بأنه يُمكن أن يُعيدنا إلى سيناريو ما قبل شهر رمضان المبارك، من حيث اندلاع ثورة العمليات في القدس والداخل الفلسطيني المحتل، بجرأة أكبر من ذي قبل ما يُشكّل نقلة نوعية في العمل الفدائي.

عمليات نموذجية نوعية

وقال فروانة خلال حديثٍ لشبكة مصدر الإخبارية: “العمليات الفدائية عادةً ما توصل رسالةً قوية لدولة الاحتلال بأنه جرّاء كل ما يرتكبه من جرائم واعتقالات ودهم واقتحام المُدن الفلسطينية والمسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي لا يُمكن أن يمر مرور الكِرام، وسيرد الفلسطينيون بعملياتٍ نموذجية ونوعية في المُدن المهمة التي تُمثّل الخاصرة الضعيفة للكيان الإسرائيلي”.

وأوضح أن “عودة العمليات الفدائية في مُدن القدس والداخل كردٍ على جرائم الاحتلال بحق المصلين والمواطنين سيُعيد إسرائيل وقُطعان المستوطنين إلى حالة الإرباك التي كانوا يعيشونها ما قبل شهر رمضان المبارك، ما سيستعدي نزول الوحدات الخاصة الإسرائيلية إلى الشارع اُسوة بما حدث خلال العملية الأخيرة في تل أبيب التي نفذها الشهيد رعد حازم وشهدت انتشار موسع لوحدة سيريت ميتكال على غير العادة”.

فشل ذريع

وبيّن أن المستوطنين ما يزالون حتى يومنا هذا يُوجهون التُهم بالفشل الذريع لحكومة نفتالي بينيت وهو ما يكشف المأزق الحقيقي داخل المجتمع الإسرائيلي، لافتًا إلى ان تنظيم مسيرة الأعلام سيُعقد الأمور بشكلٍ أكبر ويزيد من حالة التعقيد القائمة داخل إسرائيل.

ونوه إلى أن لجوء سلطات الاحتلال إلى سد الثغرات في جدار الفصل العنصري لن يمنع منفذي العمليات من الوصول إلى العمق الإسرائيلي وتنفيذ عمليات نوعية وجريئة ردًا على جرائم الاحتلال وتنديدًا باعتداءاته على أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده.

ورجّح فروانة، استمرار تفجر الأوضاع في القدس، نتيجة ممارسات وسلوك الاحتلال العدواني والوحشي تجاه المقدسيين والمرابطين، مشيرًا إلى أن حكومة نفتالي بينيت باتت تعيش وضعًا صعبًا خاصة بعد استقالة عضو الكنيست الإسرائيلي عيديت سليمان، وتهديد القائمة المُوحدة بالانسحاب من الائتلاف الحكومي بشكلٍ نهائي بعد عِدة أيام من إعلان تعليق عضويتها في الكنيست والائتلاف.

ولفت إلى أن إصرار الحكومة الإسرائيلية على استبعاد الملف الفلسطيني والخيار السياسي سيجعله أمام تحديات كُبرى تتمثل في نتائج استمراره في سياساته العنصرية الخطيرة وحينها سيكون في مأزقٍ يتطلب التحرك الفِعلي لإنقاذ الموقف لضمان عودة الهدوء النسبي إلى ما قَبل عيد الفصح اليهودي.

وكانت جماعات المستوطنين قدمت طلباً بهذا الخصوص، بينما تحتاج شرطة الاحتلال وقتاً أطول لدراسة الإجراءات الخاصة بتوفير الحماية للمسيرة المقررة.

ولفتت وسائل اعلام عبرية، إلى أن الشرطة طلبت منهم تقديم طلب لموعد آخر، ورد المنظمون بأن “تذرع الشرطة بعدم قدرتها على حمايتنا في محيط البلدة القديمة خلال عيد الفصح، هو بمثابة سقوط أمني”

يُذكر أن أحداث مدينة القدس اشتعلت العام الماضي، بعد دعوات من جماعات استيطانية بخروج مسيرة الأعلام الاستفزازية ومرورها بالأماكن المقدسة ما أثار غضب المقدسيين، ودفعهم للخروج للتصدي والدفاع عن المقدسات.