الرسوم الدراسية في جامعات غزة.. أداة لابتزاز الطلبة مقابل تقديم الامتحانات

صلاح أبو حنيدق- خاص شبكة مصدر الإخبارية:

اضطرت الطالبة براءة راضي إلى تأجل الفصل الدراسي الجامعي، للمرة الثانية، على التوالي نتيجة عدم قدرتها على دفع الرسوم الدراسية الفصلية لتخصصها في الشريعة الإسلامية، ورفض الجامعة تسجيل المواد الدراسية لحين دفع المبلغ المالي.

وقالت راضي في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية، إن “ظروف عائلتها الاقتصادية السيئة لا تمكنها من الالتحاق بالفصول الدراسية بانتظام، ما يضطرها لتأجليها لحين توفر عمل والدها من وقت لأخر بمهنة النجارة”.

وأضافت راضي، “أنها لجأت لإدارة الجامعة مرات عدة، كي توافق على تسجيل المواد الدراسية والالتحاق بمقاعد الدراسة لحين توفير والدها المبلغ المطلوب، لكن من دون جدوى، لاشتراط الجامعة دفع الحد الأدنى لفتح الصفحة الإلكترونية الخاصة بها، واستكمال باقي المبلغ كشرط للتقدم الامتحانات النصفية والنهائية”.

وأشارت إلى أنها كانت تطمح من خلال استكمال دراستها مساعدة عائلتها مالياً بعد تخرجها من الجامعة والتقدم لوظائف حكومية وخاصة، لافتةً إلى أن الأمر لا يبدو قريباً في ظل الضبابية التي تشهدها مسيرتها الجامعية، وعدم معرفة موعد تمكنها من إنهاء دراستها والالتحاق بسوق العمل.

وترجع الجامعات في قطاع غزة رفضها السماح للطلبة بتسجيل المواد الدراسية ومنع دخولهم تقدمهم للامتحانات بمعاناتها من أزمات مالية خانقة، وتراكم مبالغ طائلة عليها.

ويلتحق في جامعات في قطاع غزة أكثر من 20 ألف طالب وطالبة سنوياً، ويصل عدد الطلبة على مقاعد الدراسة خلال العام 2022 قرابة 88 ألفاً مقابل متوسط 120 ألفاً في السنوات الماضية.

وتصل نسبة العزوف عن التسجيل في الجامعات حوالي 25%، و43% لا يستطيعون الاستمرار في العملية التعليمية نتيجة عدم القدرة على دفع الرسوم الدراسية.

ويبلغ عدد مؤسسات التعليم العالي في قطاع غزة 28 مؤسسة، موزعة على 8 جامعات و20 كلية متوسطة، ويقدر عدد الخريجين سنوياً 25 ألفاً وفقاً لبيانات وزارة التربية والتعليم العالي.

43% غير مسجلين للفصل الحالي

ووفق كتلة الوحدة الطلابية فإن 43% من طلبة الجامعات الرئيسة في قطاع غزة غير مسجلين للفصل الدراسي الحالي لعدم تسديد الرسوم، سواء في شكل جزئي (الحد الأدنى) أو كاملة، ما يحرمهم من تقديم الامتحانات النصفية، واستكمال الفصل الدراسي ومسيرتهم التعليمية في شكل لائق.

وقال أحمد أبو حليمة مسؤول الكتلة في تصريح خاص لشبكة مصدر الإخبارية، إن الأسباب الرئيسة لعدم قدرة الطلبة على دفع الرسوم في موعدها وحرمانهم من الامتحانات النصفية، والتأثير على مجموع العلامات الفصلية، تتمثل في آلية الدفع غير المريحة المتبعة في الجامعات مع الطلبة، التي ترغمهم على دفع كل الرسوم في موعد معين، وارتفاع سعر الساعة الدراسية، ومتطلبات المواد من ثوابت (كتب وملازم وغيرها).

وأضاف أبو حليمة، أن الطلبة يجدون أنفسهم نتيجة الأسباب المذكورة أنفاً أمام مشكلة الزامهم دفع الحد الأدنى للتسجيل، ثمن تسع أو 12 ساعة دراسية، وفق شروط كل جامعة.

وأوضح، أن الحد الأدنى يختلف من تخصص لأخر، ويصل  إلى 150 ديناراً أردنياً للتخصصات الأدبية، والعلمية 500 دينار.

وأشار إلى أنه “بعد شهر ونصف يكون مطلوب من الطالب دفع مبلغ أخر قبل الامتحانات النصفية، وبالتالي تلجأ الجامعة لابتزاز الطلبة والضغط عليهم للدفع، من خلال منعهم من تقديم الامتحانات”.

ولفت إلى أن “عدم تقدم الطالب للامحتان النصفي يحرمه من 30 علامة من أصل 100، بمعنى أنه لو دفع بعد الامتحانات النصفية وعوضها مع الدكتور الأكاديمي الخاص بالمادة، يكون الأمر غير لائق للذين يعانون من ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة”.

مسئولية الجامعات ووزارة التعليم العالي

وقال إن “الجامعات الفلسطينية وطنية في الأساس، وتقع عليها مسؤولية وطنية، تتمثل في مراعات الظروف المعيشية للطلبة، وتوفير سياسة تخفيض مريحة يستطيعون التزامها، وخفض تكلفة الساعات الدراسية في بعض التخصصات التي تشكل عبئاً على كاهل الطالب وأسرته”.

وتابع: “يوجد دور على وزارة التعليم العالي بصفتها جهة رقابية وإشرافيه على الجامعات، من خلال الرقابة على أسعار الساعات الدراسية، والخطط الأكاديمية، وآليات التخفيض”. لاسيما في ظل وجود علاقة عكسية من خلال زيادة الرسوم الدراسية مقابل تراجع الخدمات القدمة من الجامعات للطلبة خصوصاً على صعيد المنح والإعفاءات.

التحول إلى شركات ربحية

وعبر عن أسفه ” لتحول الجامعات، يوماً بعد الأخر من مؤسسات وطنية إلى شركات ربحية، هدفها الأساسي والرئيس الاستفادة من الرسوم الدراسية”.

ودعا جميع الأطراف إلى تحمل مسؤولياتهم تجاه توفير عملية تعليمية لائقة على اعتبار أن الجامعات المصدر الرئيس للقامات الوطنية والمجتمعية والمبدعين في المجتمع الفلسطيني في ظل خضوع شعبنا للاحتلال الإسرائيلي.

توفير الحقوق الطلابية

وطالب الجميع بتحويل دور الطلبة من الحرص على توفير  الرسوم إلى دور نضالي وريادي عبر تخفيض سعر الساعات الدراسية، وزيادة المنح والخدمات المقدمة، وتوفير بيئة تعليمية مناسبة من خلال تطوير المرافق التعليمية، وانتظام إجراء الانتخابات الطلابية، وفتح الباب أمام الأنشطة اللامنهجية في الجامعات.

وشدد على أن “القضايا السابقة تعتبر حقوقاً طلابية غير متوفرة حالياً للأسف”.

وذكر أن” الجامعات في قطاع غزة تصنف حكومية وأهلية وخاصة، وفي جميع أنحاء العالم التعليم الحكومي مجاني من دون رسوم، باستثناء فلسطين يدفع الطالب فيها متوسط سعر الساعة 14 ديناراً، رغم أن مصاريفها التشغيلية ورواتب الأكاديميين تصرف من قبل وزارة التعليم العالي”.

وقال إن “الأمر نفسه ينطبق على الجامعات الأهلية المشكلة بقرار من منظمة التحرير الفلسطينية مثل جامعتي الأزهر والقدس المفتوحة، التي كانت تسمى جامعات الفقراء، تحولت حالياً لجامعات الأغنياء، من خلال فرض رسوم دراسية عالية، وتحديد مواعيد سدادها من دون مراعاة الظروف الاقتصادية والاجتماعية للطلبة”.

وحول الجامعات الخاصة، اعتبر أن ” الدور الرقابي والإشرافي عليها من قبل وزارة التعليم العالي غاب، علماً بأنها تبتز الطلبة بدءاً من الرسوم الدراسية وصولاً إلى استخراج الشهادات”.

مشاكل تتجاوز الطلبة

وشدد على أن “السياسة الحالية في الجامعات تتسبب في مشاكل تشمل أسرة الطالب وباقي فئات المجتمع، وحرمانه من فرصة الالتحاق بسوق العمل والحصول على وظيفة تساعده على بناء مستقبله، من تأخير تخرجه من الجامعة”.

وأشار أبو حليمة إلى أن، آلاف الطلبة قبلوا العمل في مجالات بعيدة عن تخصصاتهم الدراسية بأجور زهيدة، والانقطاع عن الدراسة خلال فترة العمل من أجل توفير الرسوم، ما حرمهم من فرصة الإبداع في تخصصاتهم.

خطة وطنية

من جهته، قال مسؤول الحملة الوطنية للمطالبة بتخفيض الرسوم الجامعية في قطاع غزة إبراهيم الغندور، إن آلاف الطلبة عجزوا خلال 2022 عن الالتحاق في الجامعات الفلسطينية نتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية.

وأضاف الغندور في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية، أن الرسوم مرتفعة جداً مقارنة بمدخولات الأسر في قطاع غزة، ما يحد من قدرة الطلبة على الالتحاق بمقاعد الدراسة.

وأشار إلى أن الحلقة الأضعف حالياً الطلبة في ظل الشروط التعجيزية المفروضة عليهم من قبل إدارة الجامعات للالتحاق بمقاعد الدراسة والتقدم للامتحانات.

وطالب الغندور، بصوغ خطة وطنية تراعي الظروف الاقتصادية للطلبة، وتضمن استمرار انخراطهم في سوق العمل الفلسطينية، رافضاً بالمطلق سياسة الجامعات بحرمانهم من تقديم الامتحانات لعدم دفع الرسوم الجامعية.