الوفد الأمني المصري يحمل رسالة المقاومة في غزة ما فحواها؟

خاص مصدر الاخبارية – أسعد البيروتي
تشهد مُدن الضفة الغربية والقدس المحتلتين، توترًا ملحوظًا يتمثل في زيادة حِدة العمليات الفدائية التي يُنفذها مسلحون فلسطينيون، ردًا على جرائم الاحتلال ورفضًا للإجراءات العنصرية المتخذة مِن قِبل الحكومة الإسرائيلية بحق المواطنين الفلسطينيين.
تصعيد سلطات الاحتلال الإسرائيلي الوضع على الأرض، وارتكاب جرائم قتل، وانتهاكات واسعة في الضفة والقدس والمسجد الأقصى، والخشية من انفلات الأوضاع وتحولها الى عدوان شامل على الشعب الفلسطيني، دفع الوفد الأمني المصري إلى زيارة رام الله وتل أبيب في محاولة لاحتواء الأمر، واستمرار التهدئة في قطاع غزة.
وقال قيادي فلسطيني مُطلِعْ: إن “الوفد الأمني المصري سيحمل رسالة الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة للاحتلال الإسرائيلي، ومفادها الاستمرار في التهدئة وعدم التصعيد مِن الجانبين”.
الممثل الشرعي لشعبنا الفلسطيني
وأضاف القيادي، الذي فضل عدم نشر اسمه، في تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية أن “الوفد الأمني المصري سبق له زيارة الضفة الغربية دون لقاء السلطة الفلسطينية، لكنه يُحاول هذه المَرة عدم تكرار ذلك، للحفاظ على العلاقات الثنائية بين الطرفين كون منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني”.
وأشار إلى أن “الوفد الأمني المصري حريص على رضا الاحتلال والسلطة الفلسطينية وفصائل المقاومة في غزة”، مؤكدًا أن “إسرائيل لا تستطيع اتخاذ أي قرار عدا زيادة التصعيد مِن طَرفها، لأن الحكومة قلقة من خروج أحد الوزراء، ما يعني (احتمال) مغادرة نفتالي بينيت إلى المنزل في ظل سعي رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو تشكيل حكومة دون انتخابات”.
وأوضح القيادي أنه “في حال نجح نتنياهو في تشكيل حكومة سيجد كثيرون يلتفون حوله، لأن الانتخابات مُكلفة ولا أحد من الوزراء الموجودين يضمن وصوله إلى عدد الأصوات المطلوبة التي تُؤهله لتولي منصب حكومي”.
ولفت إلى أن “الإسرائيليين معنيين بعدم وجود أي عمل فدائي فلسطيني، ما يستدعي زيارة الوفد الأمني المصري، بحيث يُحافظ بينيت على حكومته القائمة ويُفوت الفرصة على نتنياهو بتشكيل حكومة دون انتخابات”.
الاحتلال يريد هدوءً مجانيًا
من جهته، قال المحلل السياسي مصطفى الصواف إن “المعلومات المتوافرة تُفيد بأن الوفد الأمني المصري لن يزور قطاع غزة، لكنه في الوقت ذاته تَسلّم رسالةً من الفصائل الفلسطينية لنقلها إلى الاحتلال الإسرائيلي”.
وأضاف الصواف في حديث لشبكة مصدر الإخبارية أن “رسالة الفصائل للاحتلال تضمنت التزام الهدوء ووقف انتهاكات المستوطنين وقوات الاحتلال بحق المواطنين والمصلين، المُتصاعِدة بشكلٍ ملحوظ خلال الأيام الماضية”.
وأشار إلى أن “الوفد الأمني المصري يقوم بدوره المطلوب معتقدًا وجود سيطرة للحكومة الفلسطينية في رام الله على الضفة الغربية في الوقت الحالي مِن حيث وقف التصعيد أو منع توسعه للرد على جرائم الاحتلال”، مؤكدًا أن “السلطة ليس لها أي سلطة فيما يجري على أرض الواقع والهدف من الزيارة المحافظة على التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال وإبلاغه بمستجدات الأوضاع الميدانية”.
وأوضح أن “الاحتلال يُريد الهدوء، لكنه في الوقت ذاته لا يلتزم بما يُحقق الهدوء، متجاوزًا الخطوط الحُمر كافة، ما يتطلب موقفًا حازمًا مِن قِبل الوفد الأمني المصري قائمًا على إرغام الاحتلال بوقف اعتداءاته المستمرة في حق الفلسطينيين.
واعتبر الصواف أن “اعتداءات الاحتلال وردود الفعل الفلسطينية، تستوجب، في حال رغبت سلطات الاحتلال احتواء الموقف، وقف سياساتها وانتهاكاتها المتمثلة في استمرار اقتحام المسجد الأقصى ونيتها ذبح القرابين داخل ساحاته”.
ورأى أن “السلطة الفلسطينية تُحاول إنعاش أجهزتها الأمنية، مِن خلال تعزيز التعاون والتنسيق الأمني، بحيث تُسهم في تخفيف حِدة العمليات الفدائية المُعلن عنها بين الحِين والأخر”.
وشدد على أن “غزة لن تكون بعيدةً عن أي تفجير للأوضاع في القدس والضفة المحتلتين، وستخرج الأمور عن السيطرة، على عكس ما يتوقع الاحتلال والوفد الأمني المصري وغيرهم”.
الانطلاق من الضفة الغربية
من جانبه، يقول المحلل السياسي د. عبد المجيد سويلم إن “دلالة زيارة الوفد الأمني المصري المرتقبة لرام الله وتل أبيب، تأتي في سِياق ما يُشاع حول وجود تصعيد مُرتقب ولمعرفتهم أن التصعيد سيكون بمُدن الضفة والقدس المحتلتين”، مضيفًا أن الاحتلال الإسرائيلي “بات متيقنًا بأن التصعيد لن يكون من غزة نتيجة الاتفاق القائم على التزام الهدوء، الذي وافقت عليه حركة حماس والفصائل المسلحة برعاية قطرية واُممية”.
وأضاف سويلم في حديث لشبكة مصدر الإخبارية أن “الواجهة الحقيقية للتصعيد ستنطلق من الضفة الغربية”، معتبرًا أن “التهديدات الإسرائيلية في حق فلسطينيين من منطقة 48، يعني استجلاب عملية الصراع”.
ورأى سويلم أن زيارة الوفد الأمني المصري تأتي في ظل هذه التهديدات والمخاوف في الضفة من مزيد من التصعيد في الضفة المحتلة”.
وبيّن أن الدور المصري كان محصورًا سنوات طويلة في قطاع غزة، معتبرًا دخوله إلى ساحة التهدئة في الضفة الغربية يُعد جديدًا على المنطقة، لكن ذلك لا يمنع أن لمصر دورًا كبيرًا ومهمًا فيما يتعلق بالملف الفلسطيني.
وأكد أن الوفد المصري يحظى بعلاقاتٍ متينة مع الفصائل الفلسطينية بغزة والقيادة “الشرعية” في الضفة الغربية، لافتًا إلى أن الدور المصري بالضفة الغربية لا يعتبر خروجًا عن المألوف لكنه دور إضافي على الدور المحوري لها في المنطقة المتمثل بوقف إطلاق النار والتصعيد بقطاع غزة.
علاقات متينة
من ناحيته، يرى المحلل السياسي حسام الدَجني أنه “في حال ثبت عدم إدراج غزة على جدول زيارة الوفد المصري، فذلك لا يعني غياب غزة عن المشهد”.
وقال إنه “قبل فترة وجيزة كان وفد برئاسة القيادي في حماس روحي مشتهى في القاهرة، وعقد اجتماعات مع الوفد الأمني المصري، والاتصالات بين حماس والجانب المصري مفتوحة على الدوام”.
وشدد الدجني في حديث لشبكة مصدر الإخبارية أنه “لا يُمكن للوفد المصري الاستغناء عن حركة حماس والفصائل الفلسطينية في غزة بسبب الموقع الجغرافي ودور الجانب المصري في المنطقة.
ورأى أن “تحريك الملفات ربما يتطلب البدء من رام الله ودولة الاحتلال، فإذا أردنا الحديث عن ملفي الأسرى والتهدئة فهما يبدأن مِن عِند الاحتلال كونه يتباطأ في عملية إعادة الاعمار، ولا يلتزم التهدئة وملفات العُمال”.
وأضاف الدجني أنه “في حال أردنا الحديث عن المصالحة، فهو يبدأ من رام الله كونها بيد الرئيس محمود عباس في الدرجة الأساسية، وفي حال ظهرت نتائج يُمكن أن ينقلها الوفد المصري إلى قطاع غزة”.
جدير بالذكر، أن الوفد الأمني المصري كانت له تدخلات فاعلة في وقف التصعيد الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة خلال شهر آيار (مايو) 2021 إلى جانب دولة قطر والأمم المتحدة، ما أدى إلى وقف العدوان بعد 11 يوما من بدئه.
جدير بالذكر أن الوفد الأمني المصري كانت له تدخلات فاعلة في وقف التصعيد الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة خلال شهر مايو للعام 2021 إلى جانب دولة قطر والجهود الأممية التي حدت من استمرار العدوان لما بعد اليوم الحادي عشر على التوالي.