“التكيات الرمضانية” ملاذ الفقراء خلال الشهر الفضيل

خاص مصدر الاخبارية – أسعد البيروتي

بات انتشار “التكيات الرمضانية”، أمرًا طبيعيًا في قطاع غزة، حيث تقوم عليها الفِرق التطوعية ورجال الأعمال المقتدرين، الذين يمدون يد العون والمساعدة بهدف استمرار العمل والوصول إلى أكبر قَدرٍ مُمكن من الفُقراء والمُهمشين في محافظات القطاع.

وتقوم “التكيات” على إعداد الطعام وتوزيعه على ألاف الأسر المتعففة والفقيرة في قطاع غزة، التي بات ينهشها الفقر والمرض، نتيجة قسوة الأوضاع المعيشية بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر منذ ما يزيد عن 15 عامًا، إضافة إلى جائحة كورونا وتداعياتها على تسريح ألاف العُمال من أماكن عملهم خلال العامين الماضيين.

“تكية البريج”، واحدة من عشرات التكيات الخيرية الموجودة في قطاع غزة، يقول أ. بلال هشام سلامة نائب رئيس مجلس ادارة التكية: “انطلقنا منذ خمس سنوات مِن خلال مبادرة شبابية تحت شعار “قليل دائم”، حيث يعمل المتطوعون بشكل يومي على مدار العام لتوزيع المأكولات الشعبية الفول، الحمص، الفلافل، لتأمين وجبات الإفطار للمواطنين غير المقتدرين”.

التكيات الرمضانية ملاذ الفقراء خلال الشهر الفضيل
وجبات السحور

 

وأضاف خلال تصريحات لشبكة مصدر الإخبارية: “نسعى خلال شهر رمضان المبارك إلى زيادة الجهود وتنويع الأصناف المُقدمة للفقراء في مخيم البريج وسط قطاع غزة، لتشمل وجبات الرز والدجاج، توزيع الطرود الغذائية، اللحوم النيئة، أو ما يتوفر من أخل الخير والداعمين للتكية”.

سند وعون للأسر الفقيرة

وأشار، إلى أن رجال الأعمال والتُجار لهم مساهمات في تكية البريج سواءً أكانت شهرية أو سنوية خلال شهر رمضان وغيره، ما يُعزز عمل التكية على مدار العام لتكون سندًا وعونًا للأسر المتعففة والأشد فقرًا في المخيم.

وأوضح السيد سلامة، أن عمل التكية خلال شهر رمضان يبدأ من الساعة الخامسة حتى أذان المغرب، لتجهيز وجبات الطعام للمستفيدين لكسب أجر إفطار صائم وتعزيزًا لمبدأ التكافل الاجتماعي والجسد الواحد.

التكيات الرمضانية ملاذ الفقراء خلال الشهر الفضيل
وجبات الرز خلال شهر رمضان

وبيّن أن مجلس إدارة “التكية” وضع خُطةً لهذا العام، تقوم على الوصول لـ 700 عائلة فقيرة وغير مقتدرة للاستفادة مِن وجبات التكية خلال شهر رمضان المبارك، لافتًا إلى أنه حتى اللحظة استفادت من أنشطة “التكية” 450 عائلة، آملًا الوصول إلى العدد الكُلي خلال الأيام المقبلة بدعم أهل الخير والمساهمين.

زيادة ملحوظة في أعداد المحتاجين

وأوضح أن الخُطة تقوم على شقين، الأول توفير المأكولات الشعبية “الفول، الحمص، الفلافل” كوجبات للسحور، والثاني يقوم على توزيع وجبات الرز والدجاج أو ما يتوفر من تبرعات المساهمين والمقتدرين من رجال المخيم وقطاع غزة.

وأردف، أن عدد العائلات المستفيدة خلال الأيام “العادية” يتراوح ما بين 200-250 عائلة، معربًا عن أمله بنجاح الجهود بالتخفيف عن كاهل العائلات المتعففة خاصة الفئات الأكثر تضررًا داخل المجتمع وهم “العمال، منتفعي الشؤون الاجتماعية، المرضى، الأسر الأشد فقرًا”.

التكيات الرمضانية ملاذ الفقراء خلال الشهر الفضيل
توزيع اللحوم النيئة

ولفت إلى أنه ما قبل جائحة كورونا، كان عدد المستفيدين المُسجلين في كشوفات “التكية” لا يتجاوز الـ 300 عائلة، وعقب تفشي فيروس كوفيد 19 تضاعفت أعداد العائلات بشكل ملحوظ، وسط مساعي لخدمة جميع العائلات المحتاجة.

التكيات الرمضانية ملاذ الفقراء في شهر رمضان
متطوعو التكية

وتابع: “معيار اختيار المستفيدين من أنشطة التكية يقوم على الأسر الأشد فقرًا الغير قادرة على توفير طعام السحور من المأكولات الشعبية، وألا يكون لديهم دخل أو موظفين، سعيًا لاختيار العائلات المُستحقة بكل شفافية ومهنية”.

في سياق متصل، يقول الشيخ حازم مجاهد مدير تكية سيدنا إبراهيم الخليل: إن “التكية نشأت عام 1279 في زمن الدولة الأيوبية وهي امتداد للتكية التي أسسها صلاح الدين الأيوبي تحت اسم “الرباط”، وهُدمت عام 1964 وتم إعادة انشائها في منطقة بركة السُلطان وبقيت حتى عام 1983، إلى حِين إعادة بنائها في مقرها الحالي وترميمها عام 2016”.

وأضاف “مجاهد” خلال تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية: “جهود التكية قائمة على مساهمات أهل الخير من وجبات الرز واللحوم أو الدجاج، وخلال شهر رمضان المبارك تُعد التكية أكلات “الفاصولياء، البازيلاء، الدجاج، وغيرها”، إلى جانب في الأيام القادمة تُقدم “الشوربة” إلى جانب أطباق أخرى على مدار يومين اسبوعيًا”.

التكيات الرمضانية ملاذ الفقراء خلال الشهر الفضيل
اعداد البازيلاء للفقراء

الطعام للجميع

وأكد استمرار عمل تكية سيدنا إبراهيم عليه السلام على مَدار العام، وعدم توقفها إلا خلال فترة العيدين الأضحى والفطر، لافتًا إلى أن إقبال الناس تزايد بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة بهدف التشريف والتبرُك بإسم سيدنا ابراهيم الخليل، كونها مُلاصقة للحَرم ما عزز البُعد الإيماني حتى اليوم في نفوس المواطنين.

وأشار مدير تكية ابراهيم الخليل، إلى أنهم يستقبلون يوميًا عددًا كبيرًا من المواطنين الغير مقتدرين، يعملون على سد احتياجاتهم خلال شهر رمضان المبارك، مؤكدًا أن التكية تقوم على توفير الطعام لجميع الناس دون تحيز أو تمييز بفضل اسهامات المقتدرين ورجال الخير.

ونوه إلى أن التكية قائمة منذ ما يقرب الـ 1000 عام، ولم يتوانَ أحدٌ يومًا في سَد رمق الأسر والعائلات الفقيرة والمتعففة، حيث أحد خلفاء المسلمين في القَرن الماضي عندما بلغه أن الناس جاعوا عقب توقف العمل، استنفر جميع الرعية والجنود وأصدر “الفرامانات” لاستمرار عمل التكية دون توقف.

التكيات الرمضانية ملاذ الفقراء خلال الشهر الفضيل
اعداد وجبات الطعام للفقراء


لا يُنام فيها جائع

من جانبه، قال أمين عام اللجان الشعبية في فلسطين عزمي الشيوخي: إن “تكية سيدنا ابراهيم الخليل شاهد تاريخي على عروبة واسلامية المدينة، وعلى تميز أهل الخليل بالكرم والجود والتضحية والفِداء والوفاء والتكافل والتضامن والتراحم فيما بينهم ومع الأخرين”.

وأضاف الشيوخي خلال تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية: “من سمات أهل الخليل التسامح والتمسك بالعادات والتقاليد العربية الأصيلة والخليل لا تزال تحافظ على أثارنا العربية وعلى الإرث الحضاري والثقافي والتاريخي للمدينة”.

وأشاد أمين عام اللجان الشعبية في فلسطين، بالقائمين على التكية سواءً السيد محافظ الخليل اللواء جبرين البكري أو مديرية الأوقاف على استمرار التكية في تقديم الغذاء للوافدين عليها يوميًا، لافتًا إلى أن مدينة الخليل لا ينام فيها جائع لكرم أهلها وجودهم خاصة خلال شهر رمضان المبارك.

التكيات الرمضانية ملاذ الفقراء خلال الشهر الفضيل