عملية الخضيرة تحول استراتيجي لداعش أم محاولة شيطنة النضال الفلسطيني؟

خاص مصدر الاخبارية – أسعد البيروتي

أحدثت عملية الخضيرة، التي نفذها فلسطينيان من الأراضي المحتلة عام 48، صدمة داخل المجتمع الإسرائيلي على المستويات الأمنية والاستخباراتية كافة، في ظل اتهامات بالتقصير وغياب الأمن وعجز المستوى السياسي “الصهيوني” عن حماية المستوطنين وتعزيز أمنهم.

بدوره قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني د. منصور أبو كريم: إن “استهدف تنظيم داعش للعمق الإسرائيلي يُشكّل تحولًا استراتيجيًا إذا ما كانت سياسة جديدة للتنظيم وليس عملية فردية، حيث أنه خلال سنوات تمدده في العراق وسوريا ركّز صراعه مع أنظمة الحُكم القائمة”.

وأضاف خلال تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية: “التنظيم لم يُواجه إسرائيل إلا في مراتٍ محدودة عبر إطلاق بعض الصواريخ من أرض سيناء صوب الأراضي المحتلة، مشيرًا إلى أن عملية الخضيرة هي الأولى التي تستهدف العُمق الإسرائيلي”.

تحولًا استراتيجيًا

وتابع: “من حيث المبدأ فإن عملية بئر السبع والخضيرة يُشكّلان تحولًا استراتيجيًا ورؤية جديدة لدى التنظيم بعدما كان يُركز خلال استهدافه شخصيات الأنظمة العربية الحاكمة والمقربين منهم والمدنيين المُعارضين لهم”.

وأكد أبو كريم، أن العمليات الأخيرة تداعياتها خطيرة على فلسطيني الداخل حال تكرارها خلال الأيام المقبلة، وقد تُساهم في مساعدة سلطات الاحتلال على شرعنة عملية وخطة “ترانسفير” جديدة بحُجة مواجهة الإرهاب، إضافة إلى تشديد القيود الأمنية والسياسية على أبناء الجماهير العربية داخل (إسرائيل).

وأردف، “السيد أيمن عودة رئيس القائمة العربية المشتركة أدان مباركة الفصائل لهذه الأعمال معتبرًا أنها تُشكّل خطرًا على الجماهير العربية في الداخل، وأن النضال الفلسطيني له هدف سامي يتمثل في زوال الاحتلال وتحرير الأرض ولا تندرج أعمال التنظيمات الارهابية ضمن منظومة المقاومة الفلسطينية”.

تشويه النضال الفلسطيني

ونوه، إلى أن دمج العمليات الأخيرة ضمن أعمال المقاومة الفلسطينية يُشوه نضال شعبنا ويضعه في مصافي الأعمال “الارهابية” المُدانة دوليًا، وتدفع المجتمع الإسرائيلي من الناحية السياسية إلى مزيدٍ من التطرف والجُنوج تجاه أقصى اليمين كما حدث بالعمليات التفجيرية التي نفذتها الفصائل في بداية التوقيع على اتفاق اوسلو.

وأوضح أن العمليات الأخيرة في العمق الإسرائيلي من شأنها تعزيز قيود الحركة والإقامة الجَبرية على كثيرٍ من الأشخاص، مما سيُؤثر على قُدرة الجماهير العربية للتأثير داخل المجتمع والنظام “الإسرائيلي”، لافتًا إلى أن دخول عمليات مشابهة للعمليات الأخيرة من شأنه ارباك السياسيين والأحزاب ويضعهم في صف المتهم للدفاع عن أنفسهم.

وتعقيبًا على مهاجمة أحد المستوطنين وزير الأمن الداخلي واتهامه بالتقصير والعجز، أشار إلى أن المجتمع الإسرائيلي دائمًا ما يتهم الحكومة والجيش الاسرائيلي بالتقصير فيما يتعلق بتعزيز الأمن الداخلي، حيث يعيش المستوطنون هاجسًا أمنيًا متزايدًا عقب كل عملية، وسط مساعٍ لتحقيق أعلى درجة مُمكنة الأمن “للمواطنين الإسرائيليين”.

وبيّن الكاتب أبو كريم، أن اتهام الحكومة والجيش بالتقصير، يأتي في سياق أن منفذي عملية الخضيرة كانا تحت مراقبة أجهزة الأمن الإسرائيلية وتم اعتقالهم مسبقًا ما يضع علامات الاستفهام حول ما جرى أخيرًا في الداخل الفلسطيني المحتل، وسط اتهامات للجهات الأمنية بعدم الجدية في التعامل مع هؤلاء الأشخاص.

من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني مصطفى إبراهيم: “حتى اللحظة لم يُتأكد تنفيذ تنظيم داعش عمليتي النقب والخضيرة، ويُتوقع أن يكون منفذ تلك الهجمات ليس التنظيم نفسه، إنما أفراد ينتمون ويتبنون فكره في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي”.

فلسطين ليست على أجندة داعش

وأضاف خلال تصريحاتٍ لشبكة مصدر الاخبارية، “فلسطين لم تكن يومًا على أجندة تنظيم داعش، واُقتصر عمله في مصر و العراق وسوريا وبعض الدول الأوروبية، ما يعني أن الحديث عن تغيير التنظيم سياسته تجاه فلسطين ربما يندرج تحت الادعاءات الإسرائيلية حيث أنه حتى اللحظة لم يُثبت ماهية الأفراد أو تبعيتهم بشكلٍ رسمي للتنظيم”.

وأكد “إبراهيم” أن تنظيم داعش لم يعد كالسابق، خاصة بعد الضربات التي مُنِيَ بها في العراق وسوريا ومقتل زعيمه أبو بكر البغدادي، مشيرًا إلى أنه مبكرًا الحديث عن توجهات التنظيم في الداخل الفلسطيني المحتل.

إسرائيل هي المستفيدة

وعن تداعيات تبني تنظيم داعش عملية الخضيرة، أوضح أن إسرائيل هي المستفيدة من ذلك، مع علمها المُطلَق بموقف الفصائل الفلسطينية مِن داعش، وتبنيها العمليات المسلحة ضد الجيش الإسرائيلي في الداخل والأراضي الفلسطينية المحتلة يُعرّض القوى السياسية والحزبية للحرج، حيث فلسطينيو الداخل أدانوا العملية الارهابية فماذا لو كان التنظيم المتشدد هو منفذها رسميًا؟!.

وبيّن أن الاحتلال سيكون المستفيد الأكبر، مِن خلال التصريح أمام العالم، بأن العمليات الأخيرة هي “حقيقة” النضال الفلسطيني وهو ما يُشوه حق مقاومة الاحتلال المكفول بموجب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

وأردف، “إسرائيل ستستغل العمليات الأخيرة لصالحها بهدف اتخاذ المزيد من الإجراءات والقرارات الظالمة ومنها الاعتقالات الإدارية التعسفية ومحاولات طرد الفلسطينيين من مُدن الداخل والتضييق عليهم، وتُبرير تلك السياسات بأنها تهدف لمواجهة “الإرهاب”.

جدير بالذكر أن جهاز الشاباك الإسرائيلي، شَنَّ يومي الأحد والاثنين، حملة اعتقالات واسعة في أوساط أقارب منفذي عملية الخضيرة.

وأفاد موقع واي نت العبري، بأن جهاز الشاباك برفقة عناصر من القوات الاسرائيلية، شرع بتنفيذ عملية اعتقالات ودهم لبيوت ذوي منفذي عملية الخضيرة بالأراضي المحتلة.

وبحسب الموقع، فإن الاعتقالات المُنفذة في أم الفحم، طالت أقارب المنفذين، ممن يُشتبه بأنهم كانوا يعلمون بنيتهم أو ساعدوا الشهيدين على تنفيذ العملية.

بدوره أشار مراسل قناة 12 العبرية، إلى أن “الشاباك” اعتقل ما لا يقل عن 13 فلسطينيًا من أقارب المنفذين واقتادهم إلى جهة مجهولة للتحقيق معهم.

في سياق منفصل، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء الأحد، شابين في ميدان عمر بن الخطاب عند باب الخليل بالقدس المحتلة.

وكانت القناة الـ 12 العبرية، أفادت بأن الحصيلة النهائية لعملية الخضيرة هي 2 قتلى، و12 مصاب بينهم 4 جنود أحدهم حالته خطيرة وآخر متوسطة والباقي طفيفة.

أقرأ أيضًا: بعد عملية الخضيرة.. بينيت يعلن جملة قرارات صارمة بحق الفلسطينيين