هل تحرق أسعار الوقود فقراء غزة مع بداية رمضان؟

تعيش أسعار النفط العالمية منذ انطلاق العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا ، ارتفاعاً متواصلاً في الأسعار هي الأكبر منذ 15 عاماً، دون الوصول الى إجابات واضحة بشأن مستقبل هذه الزيادة وتأثيرها على اقتصاد مختلف دول العالم ومن ضمنها الأراضي الفلسطينية.
والحكومات الفلسطينية في غزة والضفة الغربية باتت لديها مخاوف شديدة من استمرار ارتفاع أسعار النفط عالميا، الأمر الذي سيشكل أزمة معقدة يصعُب مواجهتها، وستنعكس بشكل واضح على المواطن الفلسطيني الذي يعاني من أوضاع اقتصادية صعبة.
وأعلنت كل من وزارة المالية في رام الله وغزة، عن عدم رفع أسعار المحروقات والغاز المنزلي بداية الشهر الحالي، ضمن سياسة الحماية للمواطن الفلسطيني الذي يعاني من أوضاع اقتصادية مأساوية كما أفادت الوزارتين، وتحملت فروقات الأسعار من خلال اقتطاع حجم الزيادة من الضرائب والجمارك التي تحصلها البترول والغاز.
وسجلت قيمة الإيرادات التي تجبيها السلطة الفلسطينية من الضريبة المفروضة على المحروقات خلال العام 2021 ارتفاعا بنسبة 10% لتبلغ 2.6 مليار شيكل، مقارنة بـ 2.36 مليار شاقل في 2020، بحيث تشكل نسبة الضرائب نحو 70% من السعر النهائي المحروقات.
الهجمات الحوثية إضافة خطيرة
وترتفع فرص نقص إمدادات الوقود والغاز الطبيعي كلما تصاعدت حدة المعارك الميدانية في أوكرانيا، وفرض مزيدٍ مِن العقوبات على النفط الروسي، الذي يُشكّل 10 في المئة من الإنتاج العالمي، حسب توقعات الخبير الاقتصادي الفلسطيني محمد أبو جياب، في حديثه لشبكة مصدر الإخبارية.
وبين أبو جياب الى أن الأزمة الروسية الأوكرانية لم تعد العامل الوحيد المؤثر في أسواق النفط العالمية، مشيرا الى الهجمات الحوثية على منشآت نفطية في السعودية، والتي اصابت منشأة التخزين التابعة إلى شركة “أرامكو” النفطية السعودية، هي إضافة خطيرة للازمة، وهو ما يدفع لمزيد من الارتفاعات في أسعار النفط عالميا.
ويشير أبو جياب إلى أنّ الحكومة في غزة لن تتمكن من الاستمرار في تحمل فرق الأسعار العالمي للوقود والغاز، بسبب الزيادات الكبيرة في الأسعار، بالإضافة الى ما تشكله إيرادات وزارة المالية من الوقود من نسبة مرتفعة تساهم بشكل أساسي في فاتورة رواتب الموظفين، مؤكدا، أي تحمل للفروقات من قبل الحكومة سيعني بشكل مباشر عجزا واضحا في قدرتها على صرف رواتب موظفيها.
انعكاسات خطيرة
ويقول الدكتور أسامة نوفل الخبير الاقتصادي من غزة، بأن عدم قدرة المؤسسة الحكومية على تحمل فروقات غلاء الأسعار العالمية، يعني بالتأكيد عكس هذا الارتفاع على المواطن الفلسطيني في مختلف المجالات، وسيكون الأمر وفقا لوصف الدكتور نوفل خطير جدا، مرجعا أسباب الخطورة لانعكاس هذا الغلاء على كل شي وغلاء كل شيء من الخدمات والنقل والمواصلات والصناعة والإنتاج الزراعي على المواطن.
ولفت نوفل في تصريحاته لشبكة مصدر الإخبارية،أن المواطن الفلسطيني يعيش أوضاع اقتصادية معقدة وصعبة من الفقر والبطالة وغياب الدخل، ولا يمكن أن يتحمل مثل هذا الغلاء، ولن يستطيع مواجهة الاحتياجات اليومية الحياتية له في ظل هكذا غلاء متوقع.
وبين بأن الحكومات الفلسطينية سواء في رام الله وغزة، لن تستطيع تحمل الزيادة الكبيرة الحاصلة عالميا في أسعار النفط والغاز، كونها تفوق قدراتها المالية، وهي عاجزة أيضا نتيجة تراجع التمويل الدولي والاهتمام بقضايا أصبحت أكثر أهمية واولوية بالنسبة للمجتمع الدولي.
واقترح نوفل ان تستخدم السلطة الفلسطينية هامش العمل ضمن اتفاقية باريس الاقتصادية والتي تجيز للسلطة الفلسطينية بأن تبيع الوقود ومشتقاته والغاز بأقل من 15% مما تباع به في الداخل المحتل، كجزء من مساهمتها في الحد من انعكاسات ارتفاع الأسعار العالمية على المواطن الفلسطيني الذي يعاني على مختلف المستويات.
النقل والمواصلات
أبو عبد الله سائق اجرة يعمل على سيارته العمومي لنقل الركاب بين محافظتي غزة وخان يونس، عبر عن مخاوفه من ارتفاع أسعار الوقود، والتي ستزيد من واقعه الصعب الذي يعمل به الآن دون الحديث عن الارتفاع القادم قائلا:” انا اعمل منذ الصباح وحتى آخر الليل وبالكاد اوفر مصروفي اليومي لعائلتي المكونة من ثمانية أبناء وبنات وزوجتي”.
وأكد أبو عبد الله في حديثه لشبكة مصدر الإخبارية أنه في حال ارتفاع أسعار الوقود لن يكون أمامنا الا المطالبة برفع أسعار المواصلات على المواطن، كون العمل المُتراجع في غزة وحجم الضرائب والرسوم والتراخيص التي ندفعها للحكومة لن يوفروا لنا الدخل في ظل ارتفاع أسعار الوقود أيضا، مطالبا الحكومة بالتدخل السريع وعدم ترك أصحاب المهنة للنقل والمواصلات بلا حماية حقيقية، “اذا الحكومة لا تستطيع تحمل الزيادة، فأنا كمواطن لن أستطيع العيش في ظل هذا الواقع وبهذه المدخولات المحدودة أصلا”.
وتتجه السلطة الفلسطينية والحكومة في غزة إلى رفع أسعار المحروقات بنسبة كبيرة مطلع الشهر المقبل ليصل سعر البنزين بمقدار 45 أغورة تقريبا فيما سيتم رفع السولار بمقدار 50 أغورة.
وبلغ سعر لتر البنزين في محطات المحروقات صباح هذا اليوم 6 شواكل و33 أغور فيما بلغ سعر لتر السولار 5 شواكل 65 أغور، في الوقت الذي ثبتت وزارة المالية أسعار الوقود الشهر الماضي وتحملت الزيادة على الاسعار من الخزينة كما قالت وزارتي المالية.