زيادة تصاريح العمال.. وسيلة لمنع التصعيد وإنعاش اقتصاد غزة بملايين الشواكل

صلاح أبو حنيدق- خاص شبكة مصدر الإخبارية:

قال خبراء ومحللون فلسطينيون، إن تسهيلات الاحتلال للأراضي الفلسطينية، لاسيما زيادة تصاريح العمال لقطاع غزة تهدف لمنع التصعيد وترسيخ الخطة الإسرائيلية للسلام الاقتصادي، بعيداً عن الحلول السياسية، وحفظ التهدئة لأطول فترة ممكنة في ظل الحرب الروسية الأوكرانية.

وأضاف المحللون في تصريحات خاصة لشبكة مصدر الإخبارية، أن التسهيلات الإسرائيلية تعتبر مهمة للاقتصاد الوطني في ظل ما يعانيه من سياسات الاحتلال، لكنها تهدف بالدرجة الأولى لخدمة مصالح إسرائيل اقتصادياً وأمنياً.

وأكد المحللون، أن التسهيلات الأخيرة خصوصاً إعلان الاحتلال عن زيادة أعداد العمال الغزيين في الأراضي المحتلة، مهمة جداً لتغيير الواقع المأساوي في قطاع غزة، والتخفيف من حدة أزمتي البطالة والفقر في القطاع التي سجلت مستويات هي الأعلى في العالم.

وأعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، عن موافقتها منح قطاع غزة 20 ألف تصريح عمل في الأراضي المحتلة عام 1948، كخطوة الأولى من نوعها منذ عام 2005.

180 مليون شيكل شهرياً

وتتراوح قيمة السيولة النقدية التي ستعود على الفلسطينيين في غزة حال خروج 20 ألف عامل بين 150-180 مليون شيكل، بواقع 6 ملايين شيكلاً يومياً، بمتوسط يومية تصل إلى 300 شيكل للعامل الواحد.

وأوضح الخبير الاقتصادي ماهر الطباع، أن انتظام خروج العدد المعلن عنه للعمال (20 ألف) من شأنه توفير سيولة نقدية تقدر بملايين الشواكل لقطاع غزة الذي يعاني من شح كبير فيها نتيجة الحصار والحرب والإسرائيلية المتكررة.

وأشار الطباع، إلى أن الاحتلال الإسرائيلي أَيْقَن حقيقة أن زيادة الخناق الاقتصادي على غزة لن يؤدي إلا للانفجار.

خطوة مهمة لخفض البطالة

بدوره، اعتبر الاقتصادي معين رجب، التسهيلات الاقتصادية لغزة بالخطوة المهمة خصوصاً المتعلقة بخروج آلاف العمال من القطاع للعمل بالأراضي المحتلة، في ظل نسبة البطالة العالية في القطاع، وانعدام فرص التشغيل المحلية.

ويبلغ عدد العاطلين عن العمل في قطاع غزة المسجلين لدى مكاتب العمل وفقاً لتحديثات شهر شباط (فبراير) الماضي 374 ألفاً، بواقع 151193 خريجاً، و10246 مهنياً، و145976 عاملاً.

وقال رجب في تصريح خاص لشبكة مصدر الإخبارية، انتظام خروج العدد المذكور من العمال (20 ألفاً) من شأنه إعادة النشاط للأسواق المحلية التي تعاني ركوداً منذ سنوات، وتسريع عجلة دوران رأس المال في جيوب المواطنين.

وأضاف رجب التسهيلات تهدف بشكل رئيس للحفاظ على حالة الأمن، ومنع تدهور الأوضاع لاسيما مع اقتراب شهر رمضان المبارك.

وأكد رجب على أهمية الضغط إخراج الملف الاقتصادي لقطاع غزة عن مزاجية الاحتلال، وعدم التلاعب بمشاعر آلاف العمال والفئات الفقيرة.

وشدد رجب أن التسهيلات يجب أن تشهد تطوراً على صعيد زيادة مساحة الصيد والسماح للمزارعين بالوصول إلى الشريط الحدود المحرومين من الزراعة فيه، والذي يمثل 35% من إجمالي الأراضي الزراعية المسموح بزراعتها في القطاع.

تمهيد لتطبيق كامل لخطة السلام الاقتصادي

من جهته، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح طارق الحاج، إن أهمية التسهيلات الجديدة وزيادة كوتة التصاريح للعمال تنعكس إيجاباً بدرجة أولى على الأفراد وأسرهم، خاصة الفئات الغير قادرة على فرص عمل في الأراضي الفلسطينية.

وأضاف الحاج لشبكة مصدر الإخبارية، أن التنفيس الاقتصادي على الفلسطينيين في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة تمهيد للتلاعب بعقولهم، لترسيخ فكرة أن الحصول على لقمة العيش في البلاد مرتبطة بالهدوء.

وأشار الحاج إلى أن الاحتلال يهدف لإرسال رسالة أخرى للقائمين على ذمام إدارة الأراضي الفلسطينية بأنهم مقصرين بحق المواطنين، وإظهار نفسه بأنه الأجدر والأقدر على تأمين حاجاتهم.

وأكد الحاج، أن الاحتلال يكثف جهود لجعل الفلسطينيين لا يفكرون سوى بتأمين حاجاتهم اليومية، ولا يوجد فرص لذلك إلا من خلال العمل في الأراضي المحتلة عام 1948 في ظل انعدامها في الأراضي الفلسطينية.

وشدد الحاج أن جُل التسهيلات تندرج ضمن خطة السلام الاقتصادي بعيداً عن الحل الشامل للقضية الفلسطينية.

ولفت الحاج إلى أنه على مستوى الاقتصاد الكلي فإن المردود الإيجابي الأكبر سيعود على إسرائيل كون الأموال التي تجنى من العمل بالأراضي المحتلة يعاد تدويرها لسلع وخدمات الغالبية العظمى منها تشترى من الاحتلال.

تفاصيل خطة الاحتلال للسلام الاقتصادي

وكان وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي يائير لابيد أعلن عن خطة إسرائيلية جديدة وضعتها وزارته من أجل قطاع غزة تحت عنوان “الاقتصاد مقابل الأمن”.

وتشمل خطة لا بيد الاقتصادية بالمرحلة الأولى إعادة تأهيل إنساني متطورة لغزة مقابل جهد منسق ضد الحشد العسكري لحركة حماس، وإصلاح نظام الكهرباء، وتوصيل الغاز، وبناء خطة لتحلية المياه، وإدخال تحسينات كبيرة على الصحة.

كما تتضمن تحسين نظام الرعاية وإعادة بناء البنية التحتية للإسكان والنقل، مقابل التزام حماس بهدوء طويل الأمد مع دور للمجتمع الدولي من خلال نفوذه على حماس للمساعدة في الجهود المبذولة لمنعها من تسليح نفسها عبر منع التهريب ووضع آلية رقابة اقتصادية لمنع وصول الموارد إليها.

وبدون آليات الرقابة لن توافق إسرائيل والمجتمع الدولي على استثمار الأموال اللازمة في غزة، وأي خرق من قبل حماس سيوقف العملية أو يعيقها، وحال تم وقف الإرهاب في المرحلة الأولى، ستحتفظ إسرائيل بالسيطرة على إمدادات الكهرباء والمياه لغزة.

وتنص الخطة على عدم السماح باستقلال كامل الطاقة لغزة إلا مقابل هدوء طويل الأمد فقط، على أن تكون السلطة الفلسطينية جزءًا من العملية، وستعود إلى كونها السلطة المسؤولة عن المعابر، مع دراسة خيار إعادة فتح معبر كارني، واحتفاظ مصر بإدارة معبر رفح.

المرحلة الثانية من خطة الاقتصاد مقابل الأمن

أما المرحلة الثانية من الخطة فتنص على وضع خطة اقتصادية كاملة للأمن والتي ستظهر كيف يمكن أن يبدو مستقبل غزة إذا قبلت حماس بمبادئ الرباعية، وفي ظل هذه الظروف، سيتغير اقتصاد غزة كليًا، وستبدو الحياة فيها مختلفة تمامًا.

كما تنص على حصول سكان غزة والمجتمع الدولي على خطة عملية وشاملة لإظهار كيف ستبدو الحياة في غزة إذا وعندما يتوقف الحشد العسكري، يتم استعادة الهدوء، ويتم وضع الاقتصاد من أجل الإطار الأمني موضع التنفيذ.

وكجزء من المرحلة الثانية، سيتم تطوير مشروع الجزيرة الاصطناعية قبالة ساحل غزة، ما يسمح ببناء ميناء، وبناء وصلة مواصلات بين قطاع غزة والضفة الغربية، وتعزيز الاستثمار الدولي داخل القطاع والمشاريع الاقتصادية المشتركة مع إسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية، وإنشاء مناطق صناعية وتوظيفية بالقرب من معبر إيرز.

ويتولى إدارة هذه الاستثمارات الدول المانحة بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بالإضافة إلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وتنضم إليهما دول خليجية وعربية، وتكون السلطة الفلسطينية الهيئة المركزية التي تعمل على دفع هذه المشاريع المختلفة، وتعطي الإدارة الاقتصادية والمدنية لقطاع غزة.