حلف روسي وآخر أمريكي.. كيف ستؤثر التحالفات الجديدة على العالم؟
دمار اقتصادي وأعوام للتعافي من آثار الحرب

خاص – مصدر الإخبارية
في وقت ينشغل فيه العالم بالحرب الروسية الأوكرانية وتبعاتها عليه على كافة المستويات، تحولات وتحالفات عالمية جديدة تظهر على الساحة، ومخاوف من آثار التجاذبات حول الأزمة الأوكرانية، وانعكاسها سلباً على العديد من مناطق التوتر حول العالم، في ظل سباقات تسلح جديدة تزيد الأمور تعقيداً.
الصين في موقف محرج
تصاعدت وتيرة التصريحات الهجومية بعد انعقاد قمة حلف شمال الأطلسي، الخميس في بروكسل، بين الصين وحلف الناتو، على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية.
الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ اتهم الصين بتقدين دعم لعمليات روسيا العسكرية، لتشن الأخيرة هجوماً علهي وتتهمه “يبشر التضليل”، مؤكدة أن موقفها “ينسجم مع رغبات معظم الدول، وأن أي اتهامات غير مبررة أو شكوك حيال الصين ستتبدد.
وزارة الخارجية الأميركية دخلت على الخط وأعلنت عقب انتهاء قمة الناتو الطارئة، وإجراء بيونغ يانغ تجربة صاروخية جديدة، فرض عقوبات على 5 كيانات وأفراد في روسيا والصين وكوريا الشمالية لانتهاك قانون انتشار الأسلحة الأميركي.
وبحسب مراقبين فإن الاتهامات المتبادلة بين حلف الناتو والصين، قد تقود لتقارب أكثر بين موسكو وبكين، في ظل الأزمة الأوكرانية الحادة التي تلقي بظلالها السلبية على العلاقات المتوترة أصلا بين الولايات المتحدة والصين.
ويعتبر المحللون أن الصين لا تريد زيادة خلافها مع الولايات المتحدة والغرب، ولا تريد في الوقت نفسه التخلي عن تحالفها التقليدي مع روسيا.
ويتابعون أن بكين محرجة من تحالفها مع موسكو في ظل ما يرافق الحملة العسكرية الروسية من دمار وخراب يطال بعض المدن الأوكرانية، مما تسبب بفرار ملايين الناس داخل أوكرانيا وخارجها، وأن هذا الحرج يجعل الصين حريصة على إنهاء هذه الحرب.
في المقابل يرى خبراء أن الصين لن تتخلى عن روسيا مهما تعالت التصريحات والانتقادات الغربية لها، على خلفية موقفها من الحرب الأوكرانية، وهي في غالبها من باب التحذير والتنبيه.
ويشرحون بالقول: “ما يتم الآن هو بداية نهاية نظام القطب الواحد لصالح قيام عالم متعدد الأقطاب والكتل، فالحرب الدائرة في أوكرانيا هي بين القطبين الروسي والأميركي في واقع الحال، وعلى ضوء نتيجتها ستتحدد ملامح النظام العالمي الجديد بصورة أكثر تفصيلاً ودقة، وبالتالي فإن العقوبات الغربية، وخاصة الأميركية، محاولة لعرقلة هذا التحول الكبير في المشهد الدولي نحو التعددية وتوازن القوى”.
كوريا الشمالية على خط النار
مذ وصول جو بايدن لرئاسى الولايات المتحدة، لم تتوقف كوريا الشمالية عن إجراء التجارب الصاروخية النووية وفوق الصوتية، والتحديثات النوويية عبر تطوير أدواتها الناقلة والحاملة لأسلحتها النووية من صواريخ برؤوس نووية وغواصات وقنابل نووية تطلق من الطائرات.
ويبيّن خبراء عسكريون أن التقارب الروسي الكوري الشمالي يتصاعد بشكل ملحوظ نوعا ما، وينعكس في مواقفهما المتناغمة خاصة حيال الأزمة الأوكرانية،ن الدع حيث يدفع الدعم العسكري الغربي والأطلسي الواسع لكييف رغم كونها ليست دولة عضوا في حلف شمال الأطلسي الناتو، ولا حتى عضوا في الاتحاد الأوروبي، بكوريا الشمالية بلا شك نحو تكثيف تناغمها مع كل من موسكو وبكين، والذهاب نحو تشكيل ما يشبه معسكرا شرقيا في مواجهة المعسكر الغربي”.
ويؤكدون أن ما يجري حاليا في أوكرانيا من حرب وصراع حاد بين موسكو والغرب، ودعم أطلسي لكييف، سينعكس على تقارب كوريا الشمالية أكثر مع روسيا في مواجهة الضغوط الغربية المتصاعدة على وقع استمرار الحرب.
على الناحية الأخرى، تغرد هنغاريا خارج السرب الأوروبي، خوفاً من تورطها في النزاع الروسي الأوكراني وأن تطالها العقوبات الغربية، رغم أنها تعتبر أقرب حليف لموسكو في الاتحاد الأوروبي.
حيث رفضت هنغاريا في أحدث مواقفها، الجمعة، طلباً أوكرانيا بتزويدها بالأسلحة ودعم العقوبات على قطاع الطاقة الروسي، رافضة السماح لشحنات الأسلحة بعبور حدودها إلى أوكرانيا.
رئيس الوزراء الهنغاري، فيكتور أوربان، صرح أن 85 بالمائة من الغاز وأكثر من 60 بالمئة من النفط في بلاده يأتي من روسيا، وأن منع صادرات الطاقة الروسية سيجبر الهنغاريين على “دفع ثمن الحرب”.
تحالفات عالمية جديدة
في تقييمه للتحولات الإقليمية، يرى المحلل السياسي طلال عوكل أن هناك انعطاف كبير باتجاه تغير النظام الدولي القائم على تفرد الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي حديث لـ”شبكة مصدر الإخبارية” يؤكد عوكل أن الحرب لا تخاض فقط بالعسكر والصواريخ، بل بالاقتصاد والإعلام والوسائل النفسية إلى جانب الحربية.
ويشير إلى أن الولايات المتحدة استخدمت كل إمكانياتها الاقتصادية والسياسية والتجارية في هذه الحرب، وحتى العسكرية حيث زودت أوكرانيا بالأسلحة في محاولة لإحباط التحول الذي تتجه نحوه الأوضاع العالمية.
ويبيّن أن الحرب الروسية الأوكرانية لن تنتهي بمجرد انتهاء الصواريخ وتوقف قصف الطائرات، فآثارها الاقتصادية ستبقى لسنوات قادمة.
ويضيف: “في هذا العالم المتغير لعالم متعدد الأقطاب مقبلون على مزيد من الحروب والتصادمات دون استخدام الأسلحة النووية النووي، فامتلاك عدة أطراف للسلاح النووي يمنع حرب عالمية ثالثة”.
ويعتقد عوكل أن تقييم نجاح أو فشل روسيا جزء من حالة الحرب، فهناك ضخ إعلامي قوي من أمريكا وبريطانيا بأن روسيا فشلت، وهو جزء من الحرب النفسية، متابعاً: “روسيا حتى الآن لديها مخطط لا يعرفه أحد بالنسبة للغرب ولا يريدون احتلال أوكرانيا تدمير للعسكرية الأوكرانية”.
ويردف: “ربما لم تتوقع روسيا أن تتعرض لعقوبات واسعة ومؤثرة في ظل أن اقتصادها ليس قوياً، ولكن لا يمكن القول بأن الخسائر للدولتين وعلى الدول التي فرضتها”.
ويلفت إلى أن أمريكا حددت الصين وروسيا وكوريا الشمالية كأعداء لها، لذا هناك منافسة كبيرة على المستوى الاقتصادي والعسكري، وخاصة بعد تصريح للرئيس الصيني بأن أمريكا يجب أن تقبل الشراكة في القوة.
وفي هدف جديد للحرب أوضحه عوكل، قال إن روسيا تحاول تقوية عملتها “الروبل” وإضعاف الدولار الذي يعتبر أقوى العملات، خاصة بعد قرارها بيع الغاز والنفط بـ “الروبل” فقط.
ويستأنف: “الدولار لم يعد عملة عالمية، فعدا عن المحاولات الروسية، الصين دخلت على الخط لتفرض التداول بعملتها “الين” وهو ما سيؤدي لاهتزاز الاقتصاد العالمي.
تحالفات عالمية.. دمار عربي
اجتماعات وقمم عربية لخلق توجهات وعمل حلف إقليمي لحماية مصالحهم جراء تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وقرب التوصل لاتفاق نووي مع إيران.
اقتصاد متهاوي وارتفاع أسعار جنوني تعيشه الدول العربية منذ بدء الحرب الحالية، أدى لتفاقم الجوع في دول وضرب اقتصاد أخرى.
فبحسب الأرقام، تحصل الدول العربية على 60 في المائة من احتياجاتها للحبوب من روسيا وأوكرانيا، نظراً لسعرها المنخفض في البلدين.
وتعد دول شمال أفريقيا وبينها المغرب وتونس والجزائر من أكبر مستوردي القمح، حيث يعتمد المغرب على روسيا في توفير 10.5 في المائة من احتياجاته من القمح، في حين يحصل من أوكرانيا على نسبة 19.5 في المائة.
وبشكل عام، تعاني تونس من عجز، حيث يبلغ استهلاكها من الحبوب 3.4 مليون طن، تشمل القمح الصلب والقمح اللّين والشعير، وفقاً لديوان الحبوب التابع للحكومة.
ولا يقل الوضع سوءاً في ليبيا، حيث تشهد منذ اندلاع حرب روسيا على أوكرانيا نقصاً في إمدادات بعض السلع الغذائية، على رأسها القمح ومشتقاته، مما أدى إلى إغلاق عشرات المخابز.
وشهدت الأسواق الليبية ارتفاعا حاداً في أسعار القمح، حيث وصل قنطار الدقيق إلى 275 دينارا ارتفاعا من 210 دنانير، مع توقعات بزيادة أكبر، مما دفع بعض تجار الجملة إلى إغلاق محالهم.
في الوقت نفسه هناك محاولات لاحتواء تداعيات حرب روسيا أوكرانيا وآثارها الكارثية على اقتصاد لبنان المنهار أساساً، حيث قرر رسمياً منع تصدير لائحة طويلة من السلع الغذائية المصنعة فيه، لمنع تردي الأوضاع أكثر من ذلك.
وفي مصر وصل ارتفاع الأسعار للمواد التموينية والقمح إلى مستويات عالية، كما ضاعفت أزمة القمح والخبز في سوريا التي قفزت أسعارها مرتين خلال ثلاثة أيام لتباع ربطة الخبز بـ4500 ليرة سورية في العاصمة دمشق (الدولار 3880 ليرة سورية). ويتوقع الاقتصاديون تضاعف أسعار الخبز بشكل أكبر لتصل إلى 7000 ليرة سورية للربطة الواحدة، لاسيما وأن موسكو تزود دمشق بالقمح والشعير مما سيدفعها لاستيراد حاجتها من المادتين بأسعار عالمية وسينعكس ذلك على سعر رغيف الخبز والمواد الغذائية.
من المعروف أنه لا يمكن الرهان على السياسية فهي كل يوم في تغير، وخير دليل على ذلك الحرب الحالية التي ألقت بظلالها على العالم أجمع، والقادم ربما يكون أسواء للعالم.
اقرأ أيضاً: شهر على الحرب: دمار وعزلة وعقوبات بالجُملة.. هل حقق بوتين هدفه في أوكرانيا؟