الاقتصاد بغزة تكشف لمصدر آلية تعاملها مع تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية

خاص مصدر الاخبارية – أسعد البيروتي
قال وكيل وزارة الاقتصاد الوطني بغزة م. عبد الفتاح الزريعي: إن “وزارته كان لديها استشراف بمجريات التطورات المتعلقة بالأزمة الروسية الأوكرانية وخَلُصّت الوزارة إلى أن حجم التداخل في العلاقة المالية بين الاقتصاد الفلسطيني والأوكراني على وجه الخصوص يُشكّل أقل من 1 %”.
وأضاف الزريعي خلال تصريحاتٍ خاصة لمصدر الإخبارية، أن حجم التجارة بين أوكرانيا وفلسطين يبلغ 60 مليون دولار سنويًا، بينما نسبة اقتصاد الاحتلال مع ذات الدولة يصل إلى 700 مليون سنويًا، موجه معظمه في “الهاي تك” والتكنلوجيا، أكثر من استيراد السِلع والخدمات الأخرى بين الطرفين.
وتابع: “توقعنا أن يكون أثر الأزمة محدودًا مِن خلال 3 سيناريوهات أولًا أن تكون الحشودات العسكرية هدفها تقوية المواقف الروسية من أجل انتزاع نقاط خلال التفاوض بين روسيا وأكرانيا، ثانيًا وقوع نزاع محدود كما حدث في احتلال جزيرة القِرم عام 2014، ثالثًا اندلاع حرب عسكرية شاملة وكان مستبعدًا وسط تخوفات من تحولها لحرب عالمية، مؤكدًا أن الحرب العالمية الاقتصادية مُندلعة دون توقف منذ خروج روسيا من النظام السوفيتي المالي”.
وفيما يتعلق بمدى تأثير النزاع الروسي الاوكراني على منطقة الشرق الأوسط وفلسطين على وجه الخصوص، أشار إلى أن الأمر المُفاجئ كان مرتبطًا بمدى ترابط الاقتصاد المصري مع طرفي الصراع، حيث يستورد الجانب المصري ما نسبته 80 % من القمح عبر روسيا وأوكرانيا، إضافة إلى أن “مصر” تستورد 97 % من الزيوت أكثر من 70 % منها قادمة من مناطق الصراع، مما يعني تأثر الجانب المصري بشكلٍ واضح ما يُؤثر على الواردات إلى قطاع غزة عبر معبر رفح البري.
وأكد الزريعي، أن الأصناف المستوردة مِن قِبل الجانب المصري شهدت تأثرًا كبيرًا، أكبر من تأثر الواردات عبر معبر كرم أبو سالم التجاري جنوب قطاع غزة، في ظل المساعي للمحافظة على عمل كلا المعبرين بشكلٍ مستمر لتنوع مصادر التوريد، لافتًا إلى أنه عند توقف معبر كرم أبو سالم عند العمل إبان التصعيد العسكري على غزة مايو 2021، اضطرت الحكومة إلى إدخال وقود محطة الكهرباء على نفقتها مِن قِبل الجانب المصري يُقدر بـ 6 مليون لتر، مشيرًا إلى أن استمرار عمل كلا المعبرين، يُعزز المخزون الغذائي في قطاع غزة، تجنبًا لأي أزمات قد تطرأ في أي لحظة.
ارتفاع الأسعار
قال وكيل وزارة الاقتصاد الوطني بغزة عبد الفتاح الزريعي: إن “الوزارة لدى متابعتها البضائع وأسعارها ومواصفاتها في قطاع غزة، عقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية لاحظت وجود توجه لدى عدد كبير من التُجار نحو رفع الأسعار، مما استدعى تدخلًا عاجلًا مِن قِبل الحكومة، حيث شُكّلت لجنة طارئة برئاسة النائب العام المستشار محمد النحال، بالتعاون مع وزارات الاقتصاد، الداخلية، الزراعة، الاعلام، المالية”.
وأضاف: “لدى هذه الوزارات جميعًا اجتماع كل عِدة أيام لتقييم الحالة الميدانية، حيث نجحت اللجنة من ضبط التلاعب بالأسعار، عبر تشديد الرقابة والحملات، أو توقيف التُجار المُخالفين وعددهم 44، وإحالتهم إلى النيابة العامة لاتخاذ المقتضى القانوني بحقهم، إضافة إلى أن لجنة الطوارئ الحكومية نَظمت عِدة جولات على المطاحن والمخابز والأسواق للتأكد من وجود رصيد كافٍ من المواد الغذائية للمواطنين بشكلٍ مستمر على مدار الساعة”.
وتابع: “عقدنا لقاءً مع اللجنة الاقتصادية في المجلس التشريعي، لإطلاعهم على الواقع الغذائي والجهود المبذولة مِن قِبل الوزارة بهذا السِياق، حيث أشاد نواب المجلس التشريعي بالجهد الكبير لوزارة الاقتصاد على أرض الواقع، مؤكدًا: “مباحث التموين شركاء دائمين لهم في ضبط الأسواق، حيث لا تكتفي الوزارة بالتعاون مع جهات الاختصاص بمراقبة أسعار السِلع الأساسية فقط، بل تُراقب أسعار الدجاج والبيض، الخضراوات، وجميعها خاضعة للرقابة بصورة مستمرة”.
وأردف: “الحكومة قدمت إجراءات مساندة لأهالي قطاع غزة، منها تحمل زيادة أسعار الوقود كونه يمس جميع العمليات الإنتاجية، كما أعفت سلعة الدقيق من الرسوم والجمارك والضرائب الواردة عبر المعابر، وليست المرة الأولى التي تقوم بهذا الإجراء حيث سبق وتم اتخاذه العام الماضي حين أعفت الحكومة 9 سِلع وفي العام ما قبل الماضي أعفت الحكومة 22 سلعة لمدة شهرين تعزيزًا لصمود التُجار والمواطنين”.
وأكد، “الحكومة مستعدة وجاهزة لاتخاذ المزيد من الإجراءات بهدف التخفيف عن أهالي قطاع غزة، لضمان استقرار الأسعار وتوافر المواد الأساسية للمواطنين، مشددًا على أن الحكومة لا تُريد للتجار الخسارة وفي ذات الوقت أن يكون التجار عونًا للمواطنين لمواجهة الازمة القائمة، لافتًا إلى أن الوزارة عقدت خلال الفترة الماضية 3 لقاءات مع التُجار، وأخبرتهم أن من يشهد ارتفاع في أسعار السِلع من المَصدر، عليه مراجعة الوزارة واحضار فواتير الشراء للتأكد من الارتفاع الحقيقي للسِلع ليتم احتساب عملية فرق الزيادة بالأسعار وتجتهد الوزارة بصورة دائمة أن تكون فروقات الأسعار بين فئة التُجار قبل وصولها إلى المستهلك”.
ودعا وكيل وزارة الاقتصاد الوطني، المواطنين إلى ضرورة تفهم الأزمة الحالية، نتيجة حالة الغَلاء العالمي، حيث أن منطقة الشرق الأوسط في قلب الأزمة، وقطاع غزة تأثر بهذا الغَلاء والوزارة تجتهد أن يكون التأثر في حِده الأدنى تقديرًا للوضع المعيشي للمواطنين الذي يُعانون الحصار الإسرائيلي منذ ما يزيد عن 16 عامًا.
وطمأن الزريعي، المواطنين بأن لجنة متابعة العمل الحكومي ووزارة الاقتصاد لن يدخروا جهدًا في سبيل تخفيف موجة الغَلاء على المواطنين، لافتًا إلى أن الوزارة تقوم بعدة إجراءات لتعزيز حالة الاستقرار في أسعار السِلع في تعزيز الجولات الرقابية والتفتيشية بالتنسيق مع مباحث التموين، حيث نفذت الوزارة خلال الأسبوعين الماضيين ما يزيد عن 131 جولة على 1200 نقطة بيع، وحررت 210 محضرًا وأحالت التُجار المُخالفين إلى النيابة.
وأوضح أن الهدف من الإحالة إلى النيابة العامة، هو اتخاذ الإجراءات الرادعة بحق التُجار المُخالفين لضمان استقرار الأسعار في الأسواق، ولإيقاف ظاهرة الغَلاء ومنعها من الاستمرار والتوسع، كما أصدرت الوزارة منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية النشرة الاسترشادية لأسعار السِلع بهدف تعرف المواطن على الأسعار، ولتفادي وقوع التُجار في المحظور بمُخالفة الأسعار المحددة سلفًا، إلى جانب تشكيل مجموعة “رصد” لمطالعة كل ما يتم تداوله عبر وسائل الإعلام سلبًا وإيجابًا والأول قبل الأخير ليتم معرفة الخلل ومعالجته لتحسين أداء الوزارة في هذا الجانب.
أزمة عامة
أشار وكيل وزارة الاقتصاد في قطاع غزة د. عبد الفتاح الزريعي، إلى أن ما يُواجهه المواطنون من غلاءٍ في الأسعار هو جزءٌ من أزمةٍ عامة تعصف باقتصاديات العالم بأسره وتتمركز في منطقة الشرق الأوسط واوروبا نظرًا لقُربها من مناطق الصراع ودرجة اعتماد اقتصاد البلاد على الصادرات الاوكرانية والروسية.