استقلال تونس بين مطرقة السياسة وسنديان الحِراك الشعبي

خاص مصدر الاخبارية – أسعد البيروتي

شكّلت ذكرى استقلال دولة تونس بتاريخ 20 مارس/ أذار 1956، نقطة تحول حقيقية في تاريخ الشعب الشقيق، حيث أصبح يشهد تطورًا عمرانيًا واقتصاديًا مشهودًا له على مستوى الساحة العربية والدولية.

وعلى الرغم من تفشي جائحة كورونا، والحالة السياسية المتردية في البلاد، إلى أن التونسيين خرجوا عن بكرة أبيهم للاحتفال بهذه المناسبة الوطنية، رغم الإجراءات المُعلنة والتي بموجبها عُطل الدستور وعمل البرلمان والنيابة العامة في البلاد.

حدثًا تاريخيًا ملهمًا

بدورها قالت النائبة التونسية سلاف القسنطيني: “بالنسبة لنا كتونسيين نعتبر تاريخ السادس من مارس للعام 1956 حدثًا تاريخيًا ملهمًا جاء تتويجًا للحركة الوطنية، ونضالات شهداء الاستقلال والتحرير، مشيرةً إلى أن الاستقلال شكّل في تلك الفترة “جلاءً” فقط، وفق قولها.

وأضاف خلال تصريحات لشبكة مصدر الاخبارية: “ننتظر حصولنا على الاستقلال الفِعلي التي تُعزز فيه السِيادة الوطنية، سيادة القرار، السيادة في المجال التربوي، السيادة على الثروات الطبيعية، جميعها مراحل تحتاج إلى نضالات من نوعٍ آخر، نُذكر الجميع بها بصورة دائمة لتكون تونس في مقدمة الدول دائمًا”.

وأوضحت، “في هذه المناسبة الوطنية كُنا نُقيم احتفالات وندوات تفكر وتظاهرات شعبية، ومحلية على المستوى الوطني احياءً لهذا اليوم، للتباحث في كيفية تحويل جلاء المستعمر إلى استقلال حقيقي، حيث أن تونس هذا العام حزينة نتيجة تفشي فيروس كورونا الذي حال دون الاحتفال بهذا اليوم التاريخي”.

ضرورة استقرار المؤسسات

وتابعت: “كافة القطاعات تضررت بسبب تفشي كوفيد 19 وأصبحت الدول المانحة والممولين يشترطون استقرار المؤسسات ضمن مبدأ التشاركية الفعلية في اتخاذ القرارات من أجل ضخ الأموال اللازمة لإنعاش الاقتصاد الوطني، لافتةً إلى أن الجائحة الفِعلية التي تعيشها البلاد منذ تاريخ 25 جويلية والمتمثلة في تعطيل الرئيس قيس سعيّد الدستور ووقف عمل المؤسسات والاستحواذ على كافة السُلطات في البلاد” وفق قولها.

ولفتت، إلى أن الوزارات المعنية بالبلاد تقوم بتعزيز الوعي والشعور الوطني لدى الجيل الجديد، مؤكدةً أن تربية الأطفال مسؤولية مشتركة وتنشئة الأجيال على الوطنية مهمة تقع على كل الأسرة في المقام الأول، ومن ثم الإعلام والمجتمع المدني، إلى جانب الدولة.

وأردفت: “باتت تونس اليوم تعيش خطابًا إحاديًا، مما يتطلب العمل الجاد لاسترجاع السلطات المسلوبة من الشعب التونسي، لتفادي أن تصبح الثورة نخيوية سياسية فقط، وإنما تكون ثورة اعلامية، ثقافية، تربوية، تعزيزًا للشعور والاحساس الوطني بما يضمن تحول البلاد من مرحلة “جلاء المستعمر” إلى استقلال حقيقي ومن الوصاية إلى السيادة التي تشمل السيادة على الغذاء والبرامج التربوية الثقافية في مختلف أشكالها”.

ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين

وأكدت، “ربما لم نسكن فلسطين لكنها تسكن قلوب كل التونسيين، وبقاء الاحتلال كل سنوات القهر والظلم والعنجهية والاستيطان، هو وصمة عار على جبين الانسانية، لافتة إلى أنه في حال توفرت إرادة حقيقية لتحرير فلسطين لكان ذلك منذ سنوات، مضيفةً: “كل الشرفاء والمتابعين بشكلٍ موضوعي للأحداث لاحظوا الانحياز الواضح وازدواجية المعايير في الحرب الروسية الأوكرانية”.

وأدانت النائبة التونسية سلاف القسنطيني، سياسة الكيل بمكيالين التي تنتهجها المنظمات الدولية فيما يتعلق بقضايا الدول العربية، وهو ما يستوجب علينا جميعًا حمل قضايانا وحقوقنا والنضال من أجلها، حيث من السراب والوهم انتظار الحقوق من تلك المؤسسات المنُحازة للاحتلال والولايات المتحدة.

فلسطين قضية الجميع

وشددت على أن فلسطين قضية جميع المسلمين والعرب قائلة: “أنتم تيجان فوق رؤوسنا، حيث أنكم تُقاتلون مِن أجل تحرير مقدسات الامة العربية والاسلامية، لكم منا يا شعب فلسطين كل التقدير والاحترام، نشد على أياديكم ونبوس الأرض تحت نعالكم وسنبقى إلى جانبكم حتى تحققوا استقلالًا قريبًا كاستقلال تونس.”

وختمت حديثها لمصدر الاخبارية بالقول: “لا نملك لكم سوى الدعاء، مطالبةً كل الأحرار الشرفاء إلى ضرورة دعم المقاومة في إسنادها ونضالها ضد الاحتلال، داعيةً الله بأن يَمُن علينا بتحرير فلسطين، ليكون الملتقى في ساحات المسجد الأقصى المبارك محررًا سالمًا”.

يُذكر أن دولة تونس، كانت من أوائل الدول التي فتحت ذراعيها لاحتواء منظمة التحرير الفلسطينية، التي كانت تتبنى خيار الكِفاح المُسلح ضد الاحتلال، رغم الضغوط الكبيرة ضد تونس لتسليم الفدائيين الفلسطينيين للجيش الاسرائيلي، وهو ما اعتبره الكثيرون موقفًا مشرفًا يُعبّر عن أصالة الشعب التونسي الشقيق.