مقابل التمويل.. لماذا يسعى المانحون لتغيير المنهاج الفلسطيني؟

صلاح أبو حنيدق- خاص شبكة مصدر الإخبارية:
أثار إعلان وزير الخارجة رياض المالكي، رفض فلسطين أي مساعدات مالية مشروطة من الاتحاد الأوروبي تتعلق بإجراء تغييرات في المنهاج المدرسي الفلسطيني، تساؤلات حول أهداف الاتحاد من الشروط، وقدرته على الضغط لتنفيذها.
وقال المالكي، إن خلافاً كبيراً بين أعضاء الاتحاد بشأن الافراج عن الأموال المخصصة لفلسطين لعامي (2021-2022).
ويبلغ إجمالي الأموال المقرر تحويلها من الاتحاد لفلسطين 600 مليون يورو، 280 مليون يورو لموازنة الحكومة، و170 مليون يورو لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، و150 مليون يورو لمشاريع تنموية مختلفة.
وبدأ المانحين والدول الغربية، بضغوطهم لإحداث تغييرات في مناهج التعليم في المدارس الفلسطينية عمومًا، بما فيها مدارس (أونروا)، في العام 2017.
وقال وكيل وزارة التربية والتعليم ثروت زيد، إن فلسطين تتعرض لهجمة كبيرة من سلطات الاحتلال الإسرائيلي على صعيد المناهج داخلياً وخارجياً بهدف النيل وتشويه التاريخ الفلسطيني، ودفنه وطمسه.
أساليب الاحتلال
وأضاف زيد في تصريح خاص لشبكة مصدر الإخبارية، أن الاحتلال يعمل على الصعيد الداخلي من خلال التشكيك داخل المجتمع الفلسطيني بالمناهج وأنها ممولة من جهات خارجية وتتم وفقاً لسياساتها، والخارجي من خلال الضغط على المانحين بأن أموال الضرائب التي يدفعها المواطن الأوروبي وتحول للفلسطينيين تسخر لخدمة الإرهاب الفلسطيني.
وأكد زيد، أن ادعاءات الاحتلال حول المنهاج الفلسطيني، عارية عن الصحة كلياً، فالمناهج تُمول بالكامل من خزينة وزارة المالية الفلسطينية من خلال الضرائب التي يدفعها المواطنون الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس.
وشدد زيد أنه ” لا وجود لأي دعم يحول من أموال المانحين للمناهج الفلسطينية”.
وبين زيد أن الاحتلال يضغط على العالم من خلال الرواية الأسطورية الصهيونية التي يزرعونها بأنهم مظلومون والفلسطينيين يمارسون أعمال عنف وإرهاب، ويشجعون ويرسخون ذلك من خلال المناهج التعليمية عند الحديث عن المسميات والقضايا الوطنية.
الشهداء
وتابع زيد “عند الحديث في المناهج عن الشهداء، يكون من خلال سياق حياتي فلسطيني يتوافق مع المجتمع والشارع والواقع الحياتي، والأمر موجود بالعالم كله، فالأمريكي يتحدث عن الواقع الأمريكي، والأوروبي عن أوروبا، والمصري عن مصر، وعن الخصوصية الوطنية بحرية”.
واستطرد زيد أن “السياق الوطني الفلسطيني بالأساس لوطن يخضع تحت الاحتلال، ويمارس الإرهاب على الأطفال والحجز والشجر، وبذلك ذكر الشهداء في فلسطين حق طبيعي، كونها ليست كلمة غريبة عن المجتمع، ولا يوجد بيت إلا وفيه شهيد أو جريح أو أسير”.
وأشار زيد إلى أنه “من حق الفلسطينيين التحدث عن شهدائهم، كما يتحدث العالم عن قتلاه بمسميات أخرى، كفدائيين أو ضحايا، وفقاً للتسمية التي تروق لهم، وتستوعبها مجتمعاتهم”.
ولفت زيد إلى أنه “حتى الاحتلال يسمى الشوارع بأسماء شخصيات كإسحاق رابين، ويعتبرها الفلسطينيين قمة الإرهاب كونها حملت أسماء ارتكبت مجازر ضدهم”.
القدس عاصمة
وفيما يتعلق بالاشتراط والرفض للثوابت الفلسطينية، قال زيد إن الاحتلال يعترض على القول إن القدس عاصمة فلسطين وأرض فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني واحدة، ويعتبرها تحريضاً، رغم أن القوانين والأعراف الدولية نصت على ذلك.
ورفض زيد ادعاءات الاحتلال بأن الفلسطينيين يحرضون على الإنسانية، مبيناً أنهم يرفضون الاحتلال للأرض، كون كامل القوانين والأعراف الدولية أجازت مقاومة الاحتلال بكافة الأشكال.
الاستعمار
وعند الحديث عن الاستعمار بين زيد، أن المناهج تقول إنه لا يجوز لأرضنا وفقاً للقانون الدولي لاسيما في اتفاقية جنيف الرابعة أنه لا يحق للمحتل الاستيلاء على أرض وحقوق الغير بالقوة.
التراث
وأوضح زيد أن الاحتلال يعتبر الحديث عن التراث الفلسطيني الغني بالموروث الثقافي الذي يشمل الثوب الفلسطيني والعادات والمأكولات والاحتفالات والأفراح والاتراح، وحياة الكنعانيين وتاريخهم وجذور الفلسطينيين العريقة التي ذكرتها كتب التاريخ، تحريضاً على العنف وفي ذات الوقت يحاولون سرقته بأشكال مختلفة.
اسم دولة فلسطين
ولفت زيد، إلى أن “الاحتلال يعتبر اسم دولة فلسطين تحريضاً وعنفاً رغم أنه مثبت في ميثاق الأمم المتحدة، وتاريخياً فلسطين عندما كانت تحت الانتداب البريطاني عرفت بأنها وحدة واحدة لا تتجزأ، فلا يمكن لنا كمناهج إنكار ذلك، وبالتالي إنها فلسطين ولا يمكن لأحد تغيير اسمها”.
ونوه زيد إلى أن “جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل سابقًا كانت تتفاخر بأنها تحمل جواز السفر الفلسطيني، ورئيس دولة الاحتلال شمعون بيرس عند دخوله لفلسطين أخذ الفيزة من السلطات فيها”.
حدود دولة إسرائيل
وذكر زيد أن، “الاحتلال يحتج في مراسلاته لدول العالم التي تديرها مؤسسات تابعة لمخابراته، أن الفلسطينيين لم يحددوا حدود دولة إسرائيل على الخارطة، فكيف يمكن ذكرها، ونفسهم لم يحددوها، هذا ليس من حقنا، ونحن مع الاحتلال في حالة صراع وجودي”.
المقلاع
“عند الحديث عن المقلاع، لم يستخدم ضد الاحتلال الإسرائيلي فقط، بل استخدمه الأجداد لحماية الماشية، والأراضي الزراعية، وفي الألعاب، ولم تتحدث المناهج عنها لقتل الأخرين”، وفق قول زيد.
ونوه زيد إلى أن ” النزعة العنصرية موجودة عند الاحتلال من خلال الحديث أن الله خلق الانسان لخدمة اليهود، وأنهم ملاك أرض فلسطين، والقران الكريم كان واضحاً عند القول (فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض)، وحتى خبرائهم ومؤرخيهم أكدوا عدم وجود أثار لليهود في القدس”.
أخر الدعاوي
وقال إن أخر الدعاوي الأوروبية ضد المنهاج الفلسطيني تنص بأنه يجب أن يتوافق مع معايير منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، وعند دراسة الأمر تبين أنها تتوافق معها، والخلاف يتعلق بطريقة تفسير المضمون والمسميات.
وأكد زيد أن التاريخ الفلسطيني الحديث المذكور بالمناهج مهمته التحدث عن الأرض كمكان وزمان وحياة السكان في الداخل والخارج، والتعبير عن نبض الشارع والوعي، مشدداً أن التاريخ والقانون الدولي نص أنه من حق الاوصياء والأولياء أن يختاروا التربية والقيم والأخلاق التي يريدونها.
وشدد وكيل وزارة التربية، أن الوزارة تأخذ الملاحظات حول المنهاج والمحتوى الفلسطيني، وتناقشها ضمن الإطار العام للمناهج الفلسطينية وسيادته وحيادتيه دون أي املاءات من أحد، فاذا كانت علمية (الملاحظات) يأخذ بها وإن كانت افتراءات مدعومة من الاحتلال لا يرضخ لها.
وقدّم الاتحاد الأوروبي، في تشرين الأول(أكتوبر) 2021، تعديلًا يشترط تقديم 23 مليون دولار من التمويل الأوروبي بتغيير المنهاج الفلسطيني، إذ أقرَّت لجنة الميزانيات التابعة للاتحاد تعديلًا على ميزانيتها للعام 2022 ما لم تتم مراجعة مناهج السلطة، ووافقت لجنة الميزانية في البرلمان الأوروبي على التعديل لحجب 23.2 مليون دولار من المساعدات المقدمة إلى الأونروا إذا لم يتم إجراء تغييرات فورية على المناهج الدراسية التي تدرس في مدارسها.