أحيا المسيحيون الفلسطينيون، مساء الأربعاء، قداس عيد الميلاد في كنيسة العائلة المقدسة شرقي مدينة غزة، وذلك بعد عامين من حرب الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل، وأسفرت عن خسائر بشرية كبيرة ودمار هائل في مختلف أنحاء القطاع.
وأقيم القداس داخل مجمع دير اللاتين (الكاثوليك)، وسط أجواء حاول فيها المشاركون استعادة رمزية العيد الدينية والإنسانية، رغم أن آثار الحرب ما زالت حاضرة بقوة في الواقع النفسي والمعيشي لسكان غزة.
فرح منقوص
ورغم توقف القصف، لم تختف تداعيات الحرب عن وجوه المشاركين، الذين عاشوا النزوح وفقدان الأمان، وترافق حضورهم مع أمنيات بأن يشكل هذا العيد بداية لمرحلة أكثر استقرارًا بعد عامين من المعاناة.
وخيم الحزن هذا العام على أروقة الكنيسة، في ظل ما لحق بها وبالقطاع عمومًا خلال الحرب التي بدأت في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وانتهت باتفاق لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2025.
وقبيل بدء القداس، انشغل المواطنون بتزيين شجرة ميلاد صغيرة والمغارة، في مشهد بسيط حاولوا من خلاله بث أجواء من الفرح واستعادة شيء من روح العيد، فيما جلس الحضور على وقع التراتيل الخافتة وأضواء الشموع في لحظة صمت وسلام عابرة.
أمل بالسلام
وقال إدوارد صباغ، أحد المشاركين في القداس، إن أجواء العيد هذا العام أفضل نسبيًا مقارنة بفترة الحرب، رغم ثقل المعاناة التي لا تزال ترافق حياة المواطنين.
وأوضح أن العائلات تحاول إحياء العيد بتزيين الكنيسة وشجرة الميلاد والمغارة، واستعادة شيء من الفرح الداخلي بعد عامين من الإبادة، مشيرًا إلى أن مشاعر الفرح تبقى منقوصة لكنها حاضرة جزئيًا مع توقف الحرب.
وأكد صباغ أن سكان غزة لا يريدون الدمار، بل الحياة بسلام، معربًا عن أمله بألا تعود الحرب مرة أخرى، وأن يعم السلام البلاد.
استهدافات وخسائر
وخلال عامي الإبادة، تعرضت كنيسة العائلة المقدسة لقصف إسرائيلي عدة مرات، كان آخرها في يوليو/ تموز 2025، وأسفر عن استشهاد ثلاثة نازحين وإصابة تسعة آخرين، بينهم كاهن الرعية الأب جبرائيل رومانيللي.
كما قتلت إسرائيل 20 مسيحيًا في هجمات متفرقة بالقطاع، واستهدفت ثلاث كنائس رئيسية في غزة أكثر من مرة، فيما لا تزال الكنيسة تؤوي عائلات مسيحية فقدت منازلها خلال الحرب.
وتحتفل الطوائف المسيحية التي تعتمد التقويم الغربي بعيد الميلاد في قداس منتصف ليل 24–25 ديسمبر/ كانون الأول، بينما تحتفل الطوائف التي تتبع التقويم الشرقي في 7 يناير/ كانون الثاني. ويُشكّل أتباع طائفة الروم الأرثوذكس نحو 70 بالمئة من مسيحيي قطاع غزة، فيما يتبع البقية لطائفة اللاتين الكاثوليك.