الزعتر في غزة بين شبح الاستيراد وآمال بالاكتفاء الذاتي
غزة – خاص مصدر الاخبارية
يقف المزارع ابراهيم فرينة، متنقلًا ببصره يمينًا وشمالًا، تُحطيه أشتال نبات “الزعتر”، إلى جانب العديد من النباتات الخضراء التي وجدت لنفسها مكانًا في أرضه الخضراء شمال قطاع غزة.
يقول المزارع فرينة لمراسل “مصدر”: “بدأت أولى محاولاتي لزراعة الزعتر قبل أربع سنوات بـ 15 دونمًا فقط، وتعتبر مزرعتي الأولى والأكبر على مستوى قطاع غزة، حيث أزرع 65 دونمًا من أصل 100 دونم في جميع محافظات ومناطق القطاع”.
وأضاف فرينة: “أزرع نبات الزعتر في نهاية فصل الصيف وبداية فصل الربيع، لتلبية حاجة السوق من المنتج الوطني الفلسطيني، ذو الجودة العالية والطعم الذي يُعيد أكليه إلى رائحة البلاد قبل احتلالها مِن قِبل القوات الاسرائيلية”.
وأردف: “نزرع الزعتر مرة واحدة كل خمس سنوات، ونقوم بقصه مرتين أو ثلاثة على طول العام، وتتم عملية تجفيفه بآلات خاصة، ومن ثم نفرز الأوراق عن العيدان ومن ثم طحنه وتوزيعه ليكفي حاجة المواطنين في قطاع غزة”.
وعن المعيقات التي تُواجهه في زراعة الزعتر، أوضح فرينة لمصدر، أن التحديات عَديدة لكن أبرزها انقطاع التيار الكهربائي، مما يُعيق عملية ري المحصول، قبل تقديم مؤسسة “الفاو” الدولية مشروعًا للطاقة الشمسية لإنهاء المشكلة.
ويُبدي المزارع فرينة، استعدادًا كاملًا لتصدير منتج الزعتر لأسواق الضفة الغربية والخارج، لكن اجراءات وسياسات الاحتلال تجاه غزة تحول دون تحقيق ذلك. وفق قوله.
ويلفت إلى أن مزارع الزعتر تضررت خلال عدوان الاحتلال في شهر مايو 2021 وبلغت الأضرار 15-20 ألف دولار، ولم يتم تعويضهم مِن قِبل الجهات المختصة حتى اللحظة.
منتج وطني يتطلب الدعم
وأشار المزارع فرينة، إلى أن التحدي الأبرز هو عدم سماح الاحتلال تصدير نبات الزعتر إلى الخارج، مما يُشكّل عقبة كبيرة في ظل الوضع الاقتصادي المتردي وانخفاض الأسعار في أسواق قطاع غزة.
ودعا “فرينة” وزارة الزراعة، إلى ضرورة المحافظة على المنتج المحلي ووقف استيراد نبات الزعتر من الخارج، معللًا ذلك بأن مزارع قطاع غزة، لديها الكميات الكافية لحاجة المستهلكين في قطاع غزة.
وبيّن، أنه في حالة استمرار الوضع على ما هو عليه، سيقوم بخلع أشتال الزعتر، واستبدالها بالقصب أو أشجار أخرى، حيث أصبح يُعاني وضعًا ماليًا صعبًا نتيجة الصعوبات والمعيقات التي يُواجهها في زراعة الزعتر وتسويقه داخل قطاع غزة.
ويستعين فرينة، بعشرات العُمال لمساعدته في زرعة نبات الزعتر، مرورًا بريه بالماء، وتنظيفه وتنشيفه، وقصه، وصولًا إلى تعبئته بالأكياس المخصصة وتوزيعه على المحلات الغذائية والمولات التجارية في قطاع غزة.
أقرأ أيضًا: الزعتر البري .. محاولة الاحتلال الجديدة لسرقة المنتج الفلسطيني
ذو جودة عالية وتكفلة منخفضة
أما المهندس رائد أبو زعيتر رئيس قسم البستنة الشجرية يقول: “يُعد الزعتر من المحاصيل العشبية، التي يرغبها المواطنون، وتشهد اقبالًا كبيرًا في المجتمع الفلسطيني، لهذا كان التوجه للاهتمام بزراعته ومتابعته بشكل كبير، حيث يُزرع بجودة عالية وبتقنيات حديثة، لكنه يُواجه صعوبة التسويق والتصدير للخارج”.
ودعا أبو زعيتر خلال تصريحات لمصدر الاخبارية، وزراتي الزراعة والاقتصاد إلى ضرورة التوافق فيما بينهم، لتعزيز تسويق المنتج الوطني في كافة محافظات قطاع غزة، كونه متاح طوال العام، إلا أن الأصناف الوافدة من خارج القطاع تلقى سوقًا لها داخل القطاع كونها مناسبة للوضع المادي للمستهلك المتأثر نتيجة الوضع المعيشي الصعب.
وأوضح أبو زعتير، أن الزعتر يحتاج إلى أيدٍ عاملة بشكل كبير، كونه يحتاج للمتابعة الحثيثة، لاعتماده على التعشيب أولًا بأول، بعيدًا عن رش المبيدات الكيماوية، لأنه مصدر استهلاك للمواطنين، مما يتطلب ساعات لريه بالشكل المطلوب، وهو أمرٌ مُكلف على المزارعين، ما يتطلب دعمًا معنويًا وماديًا مِن قِبل وزارة الزراعة والجهات ذات العلاقة.
ماضون نحو سياسة الاكتفاء الذاتي
يقول المتحدث باسم وزارة الزراعة بغزة، أدهم البسيوني: إن “الوزارة تعمل على توطين زراعة الزعتر، سعيًا لتحقيق الاكتفاء الذاتي، من خلال تعزيز زراعة الزعتر، كونه منتجًا للعديد من النباتات العطرية، إضافة لاعتباره رمزًا للتراث الفلسطيني والتمسك بالأرض”.
ويُضيف البسيوني لشبكة مصدر: “قبل 5 سنوات بدأت زراعة الزعتر في شمال قطاع غزة، ضمن مساحة لا تزيد عن 56 دونمًا، حيث كانت باكورة الانتاج المتخصص للزعتر، وكان الدونم الواحد ينتج حوالي 600 كلغ، ومنذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا هناك انتاج مستمر واقبال ملحوظ مِن قِبل المواطنين”.
وأكد البسيوني، نجاح زراعة الزعتر في قطاع غزة، ونظرًا لذلك يتم احلال الواردات وصولًا إلى الاكتفاء الذاتي والاعتماد على الانتاج المحلي، سعيًا من الوزارة لتعزيز صمود المزراع الفلسطيني.