تتواصل في فلوريدا، لليوم الثالث على التوالي، المحادثات بين أوكرانيا والولايات المتحدة بشأن الخطة الأميركية الرامية لإنهاء الحرب مع روسيا، في وقت كثفت فيه القوات الروسية هجماتها الليلية على عدة مناطق أوكرانية.
وأعلنت القوات الجوية الأوكرانية أن البلاد تعرضت خلال الليل لـ653 طائرة مسيّرة و51 صاروخًا، استهدفت في معظمها منشآت الطاقة، ما أدى إلى انقطاع التدفئة عن آلاف المنازل في ظل البرد الشتوي القارس.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن الضربات الروسية “تهدف إلى معاناة ملايين الأوكرانيين”، فيما أشار حاكم كييف ميكولا كالاتشنيك إلى “هجوم واسع” بالطائرات المسيّرة والصواريخ على العاصمة أسفر عن ثلاث إصابات.
كما طالت الهجمات مواقع للطاقة في مناطق تشيرنيهيف وزابوريجيا ولفيف ودنيبروبيتروفسك. وفي أوديسا، أفادت الحكومة بأن أكثر من تسعة آلاف مشترك ما زالوا بلا تدفئة، و34 ألفًا بلا مياه جارية نتيجة الأضرار.
ومن جانبها، ذكرت وزارة الدفاع الروسية أنها اعترضت 116 طائرة مسيّرة أوكرانية فوق الأراضي الروسية خلال الليل.
وتتزامن هذه التطورات مع استئناف جولة جديدة من المفاوضات بين وفد أوكراني يضم كبير المفاوضين رستم عمروف والجنرال أندريه هناتوف، ووفد أميركي يقوده المبعوث ستيف ويتكوف وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، جاريد كوشنر.
وأوضح زيلينسكي أنه أجرى محادثة “جوهرية وبنّاءة” مع الفريقين، مشددًا على عزم أوكرانيا مواصلة “العمل الصادق” مع واشنطن للتوصل إلى “سلام حقيقي”، ومشيرًا إلى أنه ينتظر تقريرًا مفصلًا عقب انتهاء الجولة.
وفي بيان لها، أكدت وزارة الخارجية الأميركية أن التقدم في أي اتفاق يعتمد على “استعداد روسيا لإظهار التزام جاد بسلام طويل الأمد”، بما يشمل خفض التصعيد ووقف أعمال العنف. كما أشارت إلى توافق المشاركين على “إطار للترتيبات الأمنية وقدرات الردع” اللازمة لضمان سلام دائم.
ورغم عدم دعوتها إلى المفاوضات، جدد الاتحاد الأوروبي تحذيراته من الخطة الأميركية التي تعتبرها بروكسل “مفيدة لبوتين”، إذ قالت مسؤولة السياسة الخارجية كايا كالاس إن “فرض القيود على أوكرانيا لن يحقق سلامًا دائمًا”، محذّرة من أن مكافأة العدوان “ستشجع تكراره في العالم”.
وفي السياق ذاته، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه سيجتمع الإثنين في لندن مع زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والمستشار الألماني فريدريش ميرتس لمناقشة الوساطة الأميركية، مؤكدًا ضرورة ضمان “ضمانات أمنية حقيقية لأوكرانيا”.
ومنذ طرح الخطة الأميركية قبل نحو ثلاثة أسابيع، عُقدت جلسات عدة مع الأوكرانيين في جنيف وميامي لتعديل نصها بما يراعي مصالح كييف.
كما عُرضت على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارة لوفد أميركي ضم ويتكوف وكوشنر إلى موسكو.
ورغم شح المعلومات حول النسخة المعدلة، كانت المسودة الأولية مثيرة للجدل لتضمّنها مقترحات تتعلق بتنازل أوكرانيا عن أراضٍ غير محتلة مقابل ضمانات أمنية أدنى من تطلعات كييف للانضمام إلى الناتو، إضافة إلى وضع طائرات تابعة للحلف في حالة تأهب في بولندا للدفاع عنها.
وأكدت واشنطن في بيانها أن المفاوضين ناقشوا نتائج اجتماع موسكو، فيما شدد عمروف على أن أولوية كييف هي اتفاق يحفظ استقلالها وسيادتها.
وفي المقابل، تحدث الكرملين عن “تقدم” في المحادثات مع استمرار الحاجة إلى “الكثير من العمل” للتوصل إلى تسوية، بينما قال المستشار الدبلوماسي يوري أوشاكوف إن لقاء موسكو جرى في “جو ودي”، مرحّبًا بمشاركة جاريد كوشنر في المشاورات.