د. عماد عمر .. أكاديمي وباحث سياسي
في يومٍ استثنائي، خرج صدى الفرح من غزة ليصل إلى كل بيت في فلسطين، بل تجاوز حدودها ليطرق أبواب العالم بأسره، يومٌ بدا مختلفًا عن كل أيام الحرب الثقيلة، لأنه حمل قصةً مختلفةً تمامًا، هنا شعبٍ ينهض من تحت الركام ليعلن أن الحياة ما زالت ممكنة، وأن الفرح يمكن أن يولد حتى من قلب الألم.
ذلك كان مهرجان “ثوب الفرح” الذي نظمته عملية الفارس الشهم (3) لعدد (54) عريسًا، والذي أعاد لطعم الحياة نكهته، وللوجوه بريقها، وللقلوب نبضها.
جاء هذا الحدث الكبير ليعلن أن الإمارات، التي وقفت إلى جانب الشعب الفلسطيني طوال عامين من الحرب، تبدأ اليوم مرحلة جديدة من الدعم، لا تقتصر على الغذاء والدواء والإنقاذ، بل تمتد لتزرع الفرح والبهجة والسعادة في هذا القطاع المنهك، تزامنًا مع احتفالات بمناسبة عيد الاتحاد.
وكأن الرسالة تقول: "فرحة الإمارات تمتد من أبوظبي إلى غزة، لتضيء ليلًا طال، وتعيد رسم البسمة على وجوه أنهكتها المأساة".
لم يكن “ثوب الفرح” مجرد مهرجان، كان شهادة ميلاد جديدة لأملٍ لا ينطفئ، وحكاية مقاومة من نوعٍ آخر، فالعرسان الذين ارتدوا ثوبًا جديدًا من الفرح، إنما خلعوا ولو ليومٍ واحدٍ ثوب الحزن والدمار الذي لازم غزة لعامين كاملين.
جاء هذا المهرجان الجماهيري بجهود عملية الفارس الشهم (3) ليقدّم مشهدًا وطنيًا وإنسانيًا نادرًا، أدخل البهجة إلى كل قلب، ورسم لحظة نورٍ وسط عتمة الحرب.
انطلقت من المهرجان رسالة صادقة إلى العالم بأن الشعب الفلسطيني يحب الحياة، ويصنع الفرح من قلب الركام، وأن غزة ستبقى تفرح رغم كل الظروف.
ولعل أبلغ ما في هذا الحدث أنه لم يكن مجرد ترفٍ عابر، بل كان فعل شجاعة إنسانية أعاد الاعتبار لحق الإنسان في الفرح، وأثبت أن غزة قادرة على أن تحتفل بالحياة حتى في أكثر اللحظات قسوة.
كل التحية لسمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على هذا الخير اللامحدود، وعلى الفرح النبيل الذي أدخله إلى قلوب أهل غزة، وشكرًا لشعب الإمارات وقيادتها في يوم عيد الاتحاد، فقد شاركوا غزة فرحتهم كما شاركوها آلامها، ولا يفوتنا أن نثمّن جهود عملية الفارس الشهم (3) بكل طواقمها الذين أشرفوا وساهموا في إنجاح هذا العمل الإنساني العظيم، ليخرج بهذه الصورة المشرفة التي تعكس روح العطاء، والأصالة، والموقف العربي الأصيل.
هكذا يثبت مهرجان "ثوب الفرح" أن غزة لا تموت، وأن إرادة الحياة أقوى من كل ما خلّفته الحرب.