تشيلي تطلق حملة دولية لمساءلة إسرائيل وطردها من الأمم المتحدة

20 نوفمبر 2025 02:38 م

وكالات- مصدر الإخبارية

تستعد قوى المجتمع المدني في تشيلي إلى إطلاق واحدة من أوسع المبادرات الحقوقية والمدنية التي تستهدف مساءلة إسرائيل داخل منظومة الأمم المتحدة، عبر حملة دولية تدعو إلى طردها من المنظمة الأممية استناداً إلى المادة السادسة من ميثاق الأمم المتحدة، على خلفية ما تصفه الحملة بـ"الانتهاكات المتواصلة والممنهجة" للقانون الدولي وقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن.

وسيكون الـ26 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري موعد الانطلاق الرسمي للحملة خلال فعالية عامة في العاصمة سانتياغو، فيما بدأ جمع التوقيعات على العريضة الإلكترونية خلال الأيام الماضية.

وتشير بيانات الحملة، وفق ما رصدته "قدس برس"، إلى أنّ العريضة الموجّهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تجاوزت 57 ألف توقيع حتى لحظة إعداد التقرير، مع هدف للوصول إلى 100 ألف توقيع خلال فترة وجيزة.

ويقول منظمو المبادرة إن التفاعل السريع يعكس "حالة استجابة شعبية واسعة" تجاه الوضع الإنساني الخطير في فلسطين، ويجسّد "ضغطاً مدنياً دولياً" لتحريك النظام الدولي بعد عقود من العطالة.

وفي فعالية تقديم المبادرة للإعلام، قدّم المحامي والسفير التشيلي السابق، نيلسون حداد، الإطار القانوني للحملة، موضحاً أن إسرائيل باتت "دولة منبوذة وفق توصيفات القانون الدولي"، وأنها "لا تلتزم بقرارات الأمم المتحدة، ولا بالقواعد الأساسية للقانون الدولي الإنساني، وتمارس انتهاكات ممنهجة تمتد منذ أكثر من سبعة عقود". وأكد حداد أن المبادرة تستند إلى المادة السادسة من ميثاق الأمم المتحدة، التي تتيح طرد أي دولة عضو في حال ارتكبت خروقات متكررة للمبادئ الأساسية للميثاق.

وأوضح حداد، أن المبادرة لا تمثل مجرد عريضة إلكترونية، بل "مساراً قانونياً ودبلوماسياً متكاملاً" يجري التحضير له للاستخدام داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة، وضمن تحركات أوسع تهدف إلى "إعادة الاعتبار" لمبدأ المساءلة الدولية، بعد عقود من تعطيل قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بفلسطين منذ عام 1948، مؤكداً أن الحملة تسعى إلى "تحريك إرادة الدول وإعادة بناء مسار ضغط من المجتمع الدولي نحو إجراءات ملموسة".

من جانبها، قالت المحامية باولا أبوغاتس، وهي إحدى الناشطات البارزات في الحملة، إن المبادرة "عمل مدني مستقل قيد التشكل منذ أشهر"، لكنها شددت على أنها بحاجة إلى دعم سياسي من الدول كي تتحول إلى قوة ضغط فعّالة داخل المؤسسات الأممية. واعتبرت أبوغاتس أن السياق الدولي الراهن "لحظة طوارئ حقيقية"، وأن تفاقم الوضع الإنساني في قطاع غزة والضفة الغربية يجعل "التحرك الدولي ضرورة أخلاقية وقانونية".

وأشارت أبوغاتس إلى أن أحد أسباب إطلاق المبادرة هو "انسداد الأفق داخل مجلس الأمن" نتيجة استخدام الولايات المتحدة المتكرر لحق النقض (الفيتو) في أي تحرك يتعلق بإسرائيل، معتبرة أن هذا الانسداد "أفرغ منظومة الأمن الجماعي من وظيفتها الأساسية".

ولهذا يتجه الفريق القانوني في الحملة إلى تفعيل القرار 377 (متحدون من أجل السلام)، الذي يتيح للجمعية العامة التدخل واتخاذ تدابير عندما يعجز مجلس الأمن بسبب اعتراض أحد أعضائه الدائمين.

ويقول منظمو الحملة إن هذه الآلية استخدمت في لحظات تاريخية مشابة، مثل الحرب الكورية والغزو الروسي لأوكرانيا، وأن تفعيلها اليوم قد يشكّل "أداة ضغط مؤسسية" قادرة على تجاوز العرقلة داخل مجلس الأمن.

كما يرى المنظمون أن الهدف لا يقتصر على فرض إجراءات ضد إسرائيل، بل يمتد إلى "إعادة فتح ملف إصلاح بنية الأمم المتحدة"، وتقييد سلطة الفيتو، وإعادة مبدأ المساواة القانونية بين الدول، بما يحد من قدرة دولة واحدة على "تعطيل العدالة الدولية".

وتشير نسخة من العريضة الرسمية التي اطّلعت عليها "قدس برس" إلى أنّ الحملة وجّهت خطاباً مباشراً إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورؤساء الدول والبعثات الدبلوماسية والدول الأعضاء في مجلس الأمن.

وجاء في نص العريضة: "نتوجّه إليكم نحن الموقّعين أدناه باحترام، ولكن بحزم، لنطالب بالشروع في الإجراءات الرسمية لطرد دولة إسرائيل من المنظمة، وفقاً للمادة السادسة من ميثاق الأمم المتحدة، بسبب انتهاكها المتكرر للمبادئ الواردة فيه".

وتتابع الرسالة: بالتأكيد على أن إسرائيل، تعلن من خلال تصريحات رسمية نيتها القضاء على دولة فلسطين بكل سكانها وبنيتها التحتية وذاكرتها، وتتهم كل جهة تنتقد سياساتها بـ"معاداة السامية"، وتمارس القمع حتى ضد المواطنين اليهود الذين يعارضون الإبادة، مما يجعل انتهاكاتها ممتدة وعميقة وموجهة ضد كل من يخالف توجهاتها".

وتصف الرسالة ما يجري في قطاع غزة بأنه "جريمة حرب مركّبة"، مشيرة إلى أن دولة الاحتلال تقتل "الفلسطينيين بالقنابل والصواريخ، وتدمر البنى التحتية الطبية، وتفني ما يقارب مليوني إنسان جوعاً وعطشاً"، وأن حرمان السكان من الماء والغذاء والدواء وتدمير الأرض وتسميمها يمثل "أحد أخطر الجرائم الموثقة في العصر الحديث".

وتضيف الرسالة أن استمرار المؤسسات الدولية والأكاديمية في التعامل مع إسرائيل يعتبر "غير مبرر وغير مقبول"، وأنه يتوجب "الطرد الفوري لإسرائيل من كل الفعاليات الدولية، وقطع جميع العلاقات المؤسسية معها، وفرض حظر شامل على توريد الأسلحة التي تسهم في استمرار الإبادة".

وتختم الرسالة بالقول: "مع غزة تموت الإنسانية أيضاً. نريد لفلسطين أن تعيش، فهي قلب العالم".

وأشارت الحملة إلى أن النص القانوني للرسالة أعدّه المحامي والأكاديمي والسفير السابق نيلسون حداد، ليكون الوثيقة المرجعية للتحرك الدولي المزمع إطلاقه رسمياً في 26 نوفمبر، باعتباره خطوة تهدف إلى فتح مسار ضغط دولي يوازي العريضة الإلكترونية ويستند إلى أدوات القانون الدولي وإلى تعبئة جماهيرية واسعة عبر القارات.

وتأتي هذه الحملة في سياق مواقف تصعيدية اتخذتها تشيلي خلال الأشهر الماضية ضد حكومة الاحتلال. ففي خطابه أمام الأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر الماضي، وصف الرئيس التشيلي غابرييل بوريك ما يجري في غزة بأنه "أزمة إنسانية عالمية"، مؤكداً أن آلاف الفلسطينيين يُقتلون "لمجرد أنهم فلسطينيون".

وقال بوريك إن التركيز يجب أن يبقى على "الإنسانية"، لا على البيانات التقنية أو لغة الإدانات.

وأشار الرئيس التشيلي إلى ضرورة مواجهة الألم بالعدالة وليس الانتقام، قائلاً: "لا أريد أن أرى نتنياهو يُقصف بصاروخ مع عائلته، بل أريد أن أراه هو والمسؤولين عن الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني أمام محكمة العدل الدولية"، في تعبير لافت عن تمسّكه بالمساءلة القانونية بوصفها المسار الصحيح لمحاسبة إسرائيل.

وتنسجم الحملة مع الإجراءات السياسية والاقتصادية التي أعلنتها تشيلي في حزيران/يونيو الماضي، والتي شملت استدعاء السفير للتشاور، وسحب الملحقين العسكريين، وتعليق مشاركة دولة الاحتلال في معرض (FIDAE) الجوي، ودعم دعوى جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، ومطالبة المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيقات بجرائم الحرب في غزة.

كما منح بوريك صفة الاستعجال لمشروع قانون يحظر استيراد منتجات المستوطنات، ووجّه بتنويع التعاون الدفاعي بعيداً عن الصناعة العسكرية الإسرائيلية، مؤكداً أن ما يجري في غزة هو "إبادة جماعية وتطهير عرقي".

المقالات المرتبطة

تابعنا على فيسبوك