شنّ الجيش الإسرائيلي، مساء الثلاثاء، عدة غارات على أهداف في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، بزعم تعرض قواته لإطلاق نار، في خرق جديد لاتفاق التهدئة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إن الجيش الإسرائيلي ارتكب 125 خرقًا للاتفاق منذ بدء سريانه، أسفرت عن استشهاد 94 فلسطينيًا وإصابة 344 آخرين واعتقال 21، مشيرًا إلى أن الخروقات شملت 52 عملية إطلاق نار، و9 عمليات توغل، و55 قصفًا، و11 عملية نسف.
وأوضح المكتب أن هذه الانتهاكات تشكل تهديدًا مباشرًا لمسار التهدئة والجهود الدولية الرامية لتثبيت وقف إطلاق النار، والتقدم نحو المرحلة الثانية من الاتفاق التي يفترض أن تؤدي إلى وقف دائم للحرب.
الاتفاق الذي تم برعاية مصر وقطر وتركيا والولايات المتحدة أنهى حربًا دامية استمرت عامين منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأسفرت عن أكثر من 68 ألف شهيد فلسطيني و170 ألف مصاب، وخسائر مادية تُقدر بنحو 70 مليار دولار، وفق بيانات رسمية فلسطينية.
وزعمت هيئة البث العبرية الرسمية أن "مسلحين مجهولين أطلقوا صواريخ مضادة للدبابات ونيران قناصة على قوات إسرائيلية في رفح"، مضيفة أن الجيش "ينفذ عمليات عسكرية لتطويق المنطقة وفرض السيطرة عليها".
وشهدت مناطق غرب رفح سلسلة غارات جوية إسرائيلية، بحسب شهود عيان، الذين أكدوا وقوع انفجارات عنيفة وتحليق مكثف للطائرات الحربية في أجواء المدينة.
وذكرت صحيفة "معاريف" أن اشتباكات مسلحة اندلعت في حي الجنينة شرق رفح بين قوات إسرائيلية وعناصر من حركة حماس، بمشاركة مقاتلات سلاح الجو الإسرائيلي.
أما صحيفة "هآرتس"، فادعت أن مقاتلين من حماس أطلقوا صواريخ مضادة للدبابات ونيران قنص على قوة إسرائيلية كانت تقوم بأعمال هندسية في المنطقة، وأن الجيش ردّ بقصف مدفعي مكثف.
ووفق "يديعوت أحرونوت"، استهدفت المدفعية الإسرائيلية مبانٍ وأنفاقًا، مشيرة إلى أن نطاق العمليات "قد يتوسع لاحقًا"، لافتة إلى أن رفح تقع ضمن نطاق سيطرة الجيش خلف الخط الأصفر — خط الانسحاب الأول المنصوص عليه في خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار.
ولا يزال الجيش الإسرائيلي يسيطر على نحو 53% من مساحة قطاع غزة بانتظار تنفيذ مراحل انسحاب لاحقة وفق الاتفاق.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان لاحق إن الأخير وجه الجيش إلى تنفيذ ضربات قوية ضد قطاع غزة عقب مشاورات أمنية طارئة.
في المقابل، أعلنت كتائب القسام — الجناح العسكري لحركة حماس — تأجيل تسليم جثمان أحد الأسرى الإسرائيليين الذي كان مقرّرًا مساء الثلاثاء، احتجاجًا على "الخرقات الإسرائيلية المتكررة"، مؤكدة أن أي تصعيد سيؤدي إلى تأخير عمليات البحث وانتشال الجثامين.
وكانت حماس قد اتهمت في وقت سابق تل أبيب باتباع سياسة ممنهجة لإعاقة جهود البحث عن جثامين الأسرى الإسرائيليين والفلسطينيين في غزة، وطالبت الوسطاء بالتدخل العاجل.
وبحسب المكتب الإعلامي في غزة، فإن حماس أطلقت حتى الآن 20 أسيرًا إسرائيليًا حيًا، وسلمت رفات 17 أسيرًا من أصل 28، بينما ما تزال جثث 9500 مفقود فلسطيني تحت أنقاض الدمار الذي خلّفته الحرب.
كما يقبع في السجون الإسرائيلية أكثر من 10 آلاف أسير فلسطيني، بينهم نساء وأطفال، يعانون من ظروف احتجاز قاسية وتعذيب وإهمال طبي، وفق تقارير حقوقية فلسطينية وإسرائيلية.