في قاعة شبه فارغة خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، عاد بنيامين نتنياهو، المطلوب للعدالة أمام المحكمة الجنائية الدولية، لنشر الأكاذيب بشأن المسيحيين الفلسطينيين. لكن الحقيقة واضحة لا لبس فيها: إن السياسات الاستعمارية الإسرائيلية من تطهير عرقي، ونظام فصل عنصري، وإبادة جماعية، هي السبب المباشر في تآكل الوجود المسيحي في فلسطين.
· قبل نكبة 1948: شكّل المسيحيون الفلسطينيون 12.5% من سكان فلسطين التاريخية.
· اليوم: لم يتبقَّ سوى 1.2% في فلسطين التاريخية، و 1% فقط في الأراضي المحتلة عام 1967.
هذا التراجع الخطير نتاج مباشر للتطهير العرقي، والتهجير القسري، ومصادرة الأراضي، والقمع الممنهج. ومن أبرز الشواهد:
· تهجير 90 ألف مسيحي فلسطيني خلال النكبة وإغلاق نحو 30 كنيسة.
· مجزرة فندق سميراميس عام 1948 حيث قتلت عصابات "الهاجاناه" 25 مسيحياً.
· إعدام 12 مسيحياً في قرية عيلبون بالناصرة عام 1948.
· تهجير أهالي إقرث وكفر برعم عام 1948 وتفجير بيوتهم عام 1953 رغم قرارات قضائية بعودتهم.
· في غزة، قصف الاحتلال كنائس ومؤسسات مسيحية، بينها كنيسة القديس برفيريوس، وكنيسة العائلة المقدسة، والمستشفى المعمداني، ما أدى إلى استشهاد 44 مسيحياً فلسطينياً منذ بداية العدوان.
· هجمات متكررة على قرية الطيبة المسيحية في الضفة من قبل المستوطنين.
· اعتداءات على الكنائس والمقابر ورجال الدين، وتجميد حسابات البطريركية الأرثوذكسية، وفرض ضرائب وحجوزات على ممتلكات الكنيسة الأرمنية في القدس.
· خنق مدينة بيت لحم، مدينة ميلاد المسيح، بالجدار الفاصل والمستوطنات والحواجز (أكثر من 150 حاجزاً)، ما قلّص مساحتها من 37 كلم² إلى 7.3 كلم² فقط.
· تنفيذ مخطط E1 الذي يعمّق عزل القدس عن محيطها الفلسطيني ويزيد من حصار بيت لحم.
إن الواقع يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن إسرائيل هي من دمّرت الوجود المسيحي التاريخي في الأرض المقدسة، وأن خطاب نتنياهو في الأمم المتحدة لا يمكنه تزوير التاريخ أو إنكار معاناة الفلسطينيين – مسيحيين ومسلمين – تحت الحكم الاستعماري الإسرائيلي.
إنقاذ الوجود المسيحي: مسؤولية عالمية
الدفاع عن المسيحيين الفلسطينيين ليس شأناً محلياً فحسب، بل هو قضية إنسانية وأخلاقية وقانونية عالمية. ومن هنا، ندعو:
· المجتمع الدولي إلى محاسبة إسرائيل على جرائمها وفق القانون الدولي.
· الكنائس العالمية إلى رفع صوتها نصرةً للمسيحيين في أرض المسيح.
· الأمم المتحدة إلى تحمّل مسؤولياتها في حماية حرية العبادة والوجود المسيحي في فلسطين.
الحقيقة لن تُمحى: ما تبقى من وجود مسيحي في فلسطين يواجه خطر الزوال بفعل سياسات إسرائيلية ممنهجة، وإنقاذه يتطلب موقفاً دولياً حاسماً وعاجلاً.