تزامناً مع الأزمة الروسية الأوكرانية ..أكبر مصدري الغاز يجتمعون في قطر

وكالات-مصدر الإخبارية

انطلقت في العاصمة القطرية الدوحة اجتماعات أكبر المنتجين للغاز عالمياً بحضور رفيع من رؤساء وقادة الدول المصدرة للغاز، والتي يتزامن موعد انعقادها مع تطورات الأزمة الروسية الأوكرانية، التي تُلقي بظلالها على الاجتماع، الذي يكشف مسؤول قطري رفيع تفاصيله لـ”القدس العربي”، وأهميته والمخرجات المتوقعة.
ووصل رؤساء وفود الدول المشاركة في قمة دول الغاز السادسة التي تحتضنها قطر، وعلى رأسهم عبد المجيد تبون الرئيس الجزائري، وإبراهيم رئيسي الرئيس الإيراني، ورؤساء حكومات ووزراء نفط الدول الأعضاء.
وانطلقت أعمال اللجان التحضيرية واجتماعات المنتدى -الذي تمتلك الدول الأعضاء فيه أكثر من 70% من الاحتياطيات في العالم- قبيل قمته السادسة والتي تعقد الثلاثاء تحت رعاية أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وزادت وتيرة النشاط في منتجع شيراتون الدوحة الذي يستضيف أعمال المنتدى للدول المصدرة للغاز، والذي يعقد والأنظار متجهة نحو أوروبا التي تعيش على وقع وتيرة تحولات الأزمة الروسية الأوكرانية، مع ما يصاحبها من صعود ونزول حدة التصريحات الأمريكية واتهاماتها لموسكو.
وحصلت صحيفة “القدس العربي” على تصريح حصري من عبد الله بن حمد العطية النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الطاقة والصناعة القطري السابق، الذي حلل أبعاد وأهمية الاجتماع الرفيع ،في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية.
ويكشف بداية رداً على سؤال عن أهمية انعقاد قمة منتدى الدول المصدرة للغاز في قطر، أن الدوحة تستضيف للمرة الثانية قمة منتدى الدول المصدرة للغاز. ويستطرد المسؤول القطري أنه بالإضافة إلى كونها دولة المقر للمنتدى، فهي ضمن أكبر ثلاث دول مصدرة للغاز الطبيعي المسال في العالم، (أستراليا وقطر والولايات المتحدة).
ويكشف العطية الذي يعتبر من أبرز الخبراء العالميين في مجال النفط والغاز، أن الدوحة شهدت انعقاد القمة الأولى للمنتدى في عام ‎2011، والذي تم تأسيسه بهدف تعزيز التعاون وتبادل الخبرات بين الدول الأعضاء، ودعم قدراتهم على التخطيط وإدارة موارد الغاز بشكل مستدام وفعال، تعزيرًا لاقتصادات بلدانهم.
ويشدد العطية في تصريحه الخاص لـ”القدس العربي”، أن انعقاد القمة حالياً يتزامن والتقلبات الشديدة التي تشهدها أسواق الغاز الطبيعي، ومعها الارتفاع غير المسبوق في الأسعار، وزادت حدتها التوترات الجيوسياسية التي تمر بها أوروبا، والناجمة عن الأزمة بين روسيا وأوكرانيا.
ويرافق ذلك الانخفاض الكبير في إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا خلال الأشهر الأخيرة، وتدني مستويات تخزين الغاز في دول الاتحاد الأوروبي في هذا الوقت من العام، وارتفاع الطلب على الغاز الطبيعي المسال في آسيا، ومحاولة زيادة إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا من قبل الدول المصدرة، ومن ضمنها دولة قطر.
ويضيف عبد الله بن حمد العطية، أن انعقاد قمة المنتدى يأتي أيضاً في ظل متغيرات كبيرة تشهدها أسواق الغاز العالمية، على خلفية النمو غير المسبوق في حجم المعروض؛ وبروز لاعبين جدد على الساحة، والتحول نحو إبرام عقود قصيرة الأجل، وارتفاع وتيرة الصفقات الفورية في العديد من الأسواق، ما أدى إلى زيادة ترابط الأسواق.
ويشدد الخبير والمسؤول القطري الذي يشغل منصب رئيس مجلس أمناء مؤسسة عبد الله بن حمد العطية الدولية للطاقة والتنمية المستدامة، أن التغيرات السعرية في أحد الأسواق، تنعكس بشكلٍ مباشر وسريع على الأسواق الأخرى، ما أعطى مرونة كبيرة في التسويق لم تكن موجودة في السابق.

خلق آفاق جديدة بين المنتجين والمستهلكين

وتسعى القمة السادسة للمنتدى لخلق آفاق جديدة من العلاقة بين المنتجين والمستهلكين، لا سيما أن الغاز الطبيعي يحتل مكانة مرموقة على خريطة الطاقة العالمية، باعتباره بديلاً أنظف من الفحم والنفط من الناحية البيئية، ويدعم الجهود العالمية للتخفيف من تغير المناخ، يشير العطية.

أكبر المنتجين والمصدرين للغاز يلتقون في قطر

ويؤكد رداً على سؤال عن النتائج المتوقعة من المنتدى، أن القمة ستساهم في التأكيد على المكانة الرائدة للدول الأعضاء في المنتدى، والتي تمتلك الحصة الأكبر من موارد الغاز الطبيعي في العالم، حيث تشكل دول المنتدى ما مجموعه ‎71 ٪ ‏من احتياطيات الغاز الطبيعي المؤكدة في العالم، و43٪ من إنتاجه المسوق، و58٪ من صادرات الغاز الطبيعي المسال، و52٪ من تجارة خطوط الأنابيب حول العالم، كما أنها فرصة لإعادة تأكيد دعم رؤساء الدول الأعضاء المستمر لأهداف المنتدى على أعلى مستوى.
ويضيف الخبير العطية، أنه من المتوقع أن تعزز القمة مساعي الدول الأعضاء في التأكيد على أهمية القيمة العادلة للغاز الطبيعي، من أجل ضمان وجود استثمارات كافية عبر سلسلة القيمة للغاز، وضرورة تقاسم المخاطر بشكل عادل بين أصحاب المصلحة في الأسواق العالمية للغاز الطبيعي، وإبراز الدور الذي تقوم به الدول الأعضاء كموردين موثُوقين للغاز الطبيعي، والتأكيد على قدرتهم في تلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة.
ويقول وزير الطاقة والصناعة القطري السابق رداً على سؤال “القدس العربي”، إن كان لانعقاد القمة تأثير على النزاع الحالي بين روسيا ودول الغرب، إن أوروبا تستورد ما يقرب من ‎40 ٪ من احتياجاتها من الغاز الطبيعي من روسيا. ويضيف قائلاً: “علماً أن الصادرات الروسية إلى أوروبا عبر أوكرانيا تدنت إلى أقل مستوى خلال الأشهر الماضية، في حين يتزايد التوتر بسبب حشد روسيا لقواتها على الحدود مع أوكرانيا، ما دفع أسعار الغاز الأوروبية إلى بلوغ مستويات قياسية”.
ويشير النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الطاقة والصناعة القطري السابق إلى أن “القمة ستتيح فرصة لقادة الدول الأعضاء لتبادل وجهات النظر والتنسيق فيما بينهم بشأن القضايا الهامة المتعلقة بالغاز، مثل التطورات الأخيرة والاتجاهات والسياسات على المستوى العالمي”.
ويضيف العطية أن “المنتدى يهدف إلى تعزيز التعاون الدولي الهادف إلى تطوير صناعة الغاز، وفتح آفاق للتعاون بين الدول الأعضاء في القضايا المتعلقة بتطوير ونشر ونقل التقنيات المتقدمة، وتبادل المعلومات وأفضل الممارسات والتجارب، من أجل إنتاج واستخدام الغاز الطبيعي بفاعلية وكفاءة، بما يعود بالمنفعة الاقتصادية والبيئية على الدول الأعضاء”. ويستطرد “أن المنتدى يهدف إلى تبادل وجهات النظر والتحليل المشترك لأوضاع السوق وآفاق تعزيز التجارة الدولية للغاز الطبيعي”.

منتدى الغاز يختلف عن منظمة الأوبك

يشدد العطية الذي يحظى باحترام في مجال الطاقة والنفط لخبرته المتراكمة في المجال لعقود، أنه من الضروري الإشارة إلى أن منتدى الدول المصدرة للغاز لا يعمل وفق السياسات التي تحكم عمل منظمة أوبك النفطية، مثل الاتفاق على حصص الإنتاج، حيث أن الدول الأعضاء في المنتدى ليس بينها أي تنسيق أو اتفاق حول كميات الإنتاج، ولكل عضو الحرية في إنتاج وتسويق الغاز وفق ما يراه مناسباً. ويستطرد حول الأمر التأكيد أنه لا يمكن المقارنة بين عمليات إنتاج ونقل وتسويق الغاز بمثيلاتها في النفط، وبالتالي فإن عملية احتكار إمداد الغاز غير ممكنة، كما أن معظم عقود بيع الغاز طويلة الأمد. ويقول العطية إنه “علاوة على ذلك، فإن آليات تسعير الغاز في الأسواق العالمية تختلف من سوق لآخر، ولكل سوق خصوصيته التي تفرضها الظروف المحلية والإقليمية، وبالتالي لا يمكن وضع الغاز ضمن الأطر التنظيمية التي تحكم سوق النفط، ومن الصعوبة بمكان وضع سياسات للتدخل في أسعار الغاز.

منتدى الدول المصدرة والمنتجة للغاز

قمة “GECF” هي اجتماع لرؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء في منتدى الدول المصدرة للغاز، والذي يوفر فرصة للقادة للتفاعل وتبادل الخبرات والآراء والمعلومات والتنسيق بشأن الأمور المتعلقة بالغاز.
يضم المنتدى 11 دولة عضو، وهي: الجزائر، وبوليفيا، ومصر، وغينيا الاستوائية، وإيران، وليبيا، ونيجيريا، وقطر، وروسيا، وترينيداد وتوباغو، وفنزويلا.
كما يضم المنتدى 7 دول أعضاء بصفة مراقبين وهم: أنغولا، وأذربيجان، والعراق، وماليزيا، والنرويج، وبيرو، والإمارات.
إجمالي أعضاء المنتدى يشكلون 70 بالمئة من احتياطيات الغاز المؤكدة، و44 بالمئة من إنتاجه المسوق، و52 بالمئة من خطوط الأنابيب، و51 بالمئة من صادرات الغاز الطبيعي المسال في جميع أنحاء العالم.
وفي قائمة الدول العشر الأولى من مجمل الأعضاء البالغ عددهم 18 عضواً دائماً ومراقباً، تتواجد 4 دول عربية وهي: قطر، الجزائر، مصر، الإمارات.
وتتصدر روسيا الأعضاء من حيث حجم الإنتاج بإجمالي 638 مليار متر مكعب، تشكل نسبته 16.57 بالمئة من إجمالي الإنتاج العالمي في 2021، وفق تقرير لـ (BP).
في المرتبة الثانية، تأتي إيران بإنتاج 249.6 مليار متر مكعب في 2021، تشكل نسبته 6.48 بالمئة من إجمالي الإنتاج العالمي للعام الماضي.
بينما ثالثا، تأتي دولة قطر التي تنتج سنويا 205.7 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي، تشكل نسبته 5.34 بالمئة من الإنتاج العالمي.
في المرتبة الرابعة، تأتي الجزائر التي أنتجت في 2021 نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي بحسب بيانات شركة “سوناطراك” الحكومية، شكلت خلالها 3.37 بالمئة من الإنتاج العالمي.
في المقابل، جاءت النرويج في المرتبة الخامسة، بإجمالي إنتاج 108 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي، تشكل نسبته 2.8 بالمئة من الإنتاج العالمي.