تونس: قرارات مصيرية في محاولة “التطهير من الفساد”.. فهل ينجح قيس سعيد؟

متابعة – مصدر الإخبارية

في الآونة الأخيرة أصدر الرئيس التونسي قيس السعيد قرارات تخص أمن البلاد واستقرارها، وجدت قبولاً من مؤيديه وأشعلت فتيل غضب تجاه الانفراد بالسلطة بحسب ما اعتبره معارضيه، فهل ينجح في مبتغاه؟

الرئيس سعيد أعلن مساء اليوم الجمعة، تمديد حالة الطوارئ في البلاد حتى 31 ديسمبر المقبل من العام 2022.

وبحسب الجريدة الرسمية في تونس، فإن ذلك يعني تمديد إعطاء صلاحيات أوسع للسلطة التنفيذية، من أجل ضبط الأمن العام في تونس.

ولفتت الصحيفة إلى أنه كانت آخر مرة مدد فيها سعيّد حالة الطوارئ في 18 يناير الماضي، ولمدة شهر واحد، في حين تخضع تونس لحالة طوارئ منذ عام 2015 بعد هجوم قُتل فيه عدد من أفراد حرس الرئاسة.

وفي وقت سابق أعلن الرئيس التونسي إصداره قراراً يقضي باستحداث مجلس أعلى مؤقت للقضاء في تونس.

وبحسب بيان للرئاسة التونسية حينها، فإن سعيد ختم المرسوم المتعلق باستحداث المجلس الأعلى المؤقت للقضاء، وذلك بعد إعلانه قبل أيام أن المجلس الحالي أصبح من الماضي، وذلك رغم الرفض الواسع محليا ودوليا لقراره حل أعلى هيئة قضائية في البلاد.

ووفق البيان دعا سعيد مرة أخرى إلى “تطهير البلاد من الفساد”، عبر إرساء قضاء عادل يتساوى فيه الجميع أمام القانون.

وعلق الرئيس التونسي حينها أنه تم حل المجلس الأعلى للقضاء واستبداله بآخر مؤقت، من أجل وضع حد لحالات الإفلات من العقاب، مضيفا أن المحاسبة العادلة أمام قضاء عادل هو أحد المطالب المشروعة للشعب التونسي.

وتبعاً لذلك، دعت حركة النهضة وناشطون معارضون للرئيس للتظاهر، للتنديد بسياساته، مطالبين بالنزول إلى الشارع للمشاركة في وقفة احتجاجية ضد قرارات الرئيس قيس سعيد.

في الوقت نفسه دعت جمعية القضاة التونسيين عموم القضاة، إلى التعبئة بالتنسيق مع خلية الأزمة التي أعلنت عن تشكيلها لمواجهة قرارات سعيد، والانخراط في التصدي لما وصفته باستهداف السلطة القضائية، والنضال من أجل استقلالها وعدم إخضاعها للسلطة التنفيذية.

استمرار تعليق مجلس النواب

ليست هذه المرة الأولى التي يعلق فيها الرئيس التونسي جميع اختصاصات مجلس نواب الشعب،حيث أعلن سبتمبر الماضي تمديد تعليقه.

وبحسب وسائل إعلام شمل الأمر الرئاسي مواصلة تعليق جميع اختصاصات مجلس نواب الشعب، ومواصلة رفع الحصانة البرلمانية عن جميع أعضائه، ووضع حد لكافة المنح والامتيازات المسندة لرئيس مجلس نواب الشعب وأعضائه.

كما وشمل القرار التدابير الخاصة بممارسة السلطة التشريعية، والتدابير الخاصة بممارسة السلطة التنفيذية.

ووفق التقارير الإعلامية شمل الأمر الرئاسي الذي فرضه قيس سعيد كذلك “مواصلة العمل بتوطئة الدستور وبالبابين الأول والثاني منه، وبجميع الأحكام الدستورية التي لا تتعارض مع هذه التدابير الاستثنائية، إضافة إلى إلغاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين”.

في الوقت نفسه نص قرار الرئيس التونسي على تولي رئيس الجمهورية إعداد مشاريع التعديلات المتعلقة بالإصلاحات السياسية، بالاستعانة بلجنة يتم تنظيمها بأمر رئاسي.

جاء ذلك بعدما كان سعيد أعلن عقب اجتماع سابق مع قيادات عسكرية وأمنية، تجميد اختصاصات البرلمان، وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه، على أن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها.

وفي حينها اعتبر البرلمان التونسي قرارات الرئيس قيس سعيد الأخيرة “انقلابا على الثورة والدستور”.

وقال البرلمان إن الشعب التونسي وأنصار “النهضة” سيدافعون عن الثورة، محذراً من أن قرارات سعيد “خاطئة وستُدخل تونس وشعبها في ظلمات وسلطة الرأي الواحد.

لماذا اتخذ سعيد هذه القرارات؟

قرارات سعيد الأخيرة جاءت إثر احتجاجات شهدتها عدة محافظات تونسية بدعوة من نشطاء؛ حيث طالبت بإسقاط المنظومة الحاكمة واتهمت المعارضة بالفشل، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية.

ورغم كل التذبذبات السياسية ، إلا أنه يُنظر إلى تونس على أنها الدولة العربية الوحيدة التي نجحت في إجراء عملية انتقال ديمقراطي من بين دول عربية أخرى شهدت أيضاً ثورات شعبية أطاحت بالأنظمة الحاكمة فيها، ومنها مصر وليبيا واليمن.

ومنذ يناير/كانون الثاني الماضي، تعيش تونس على وقع أزمة سياسية بين سعيد ورئيس الحكومة المشيشي، بسبب تعديل وزاري أجراه الأخير ويرفضه سعيد.

وعل غرار أزمتها السياسية، تعاني تونس أزمة اقتصادية حادة، زادتها سوءا تداعيات جائحة “كورونا”، التي تضرب البلاد بشدة، مع تحذيرات من انهيار وشيك للمنظومة الصحية، ما استدعى استقبال مساعدات طبية عاجلة من دول عديدة، خلال الأيام الماضية، بحسب ما تنقل وسائل إعلام دولية.