لبنان.. بدء أولى مراحل تسليم أسلحة المخيمات الفلسطينية
المبعوث الأميركي يهنئ الحكومة اللبنانية وحركة "فتح": خطوة تاريخية نحو الوحدة والاستقرار

ذكرت مصادر لـتلفزيون “الشرق” أن سلاح “حركة فتح” في مخيم برج البراجنة ببيروت سوف يسلم إلى الجيش اللبناني، الخميس، ضمن المرحلة الأولى من مسار تسليم أسلحة المخيمات الفلسطينية في لبنان على أن تستكمل العملية في الأسابيع المقبلة.
وقال رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني رامز دمشقية، إن المرحلة الأولى ستنطلق من مخيم برج البراجنة في بيروت، حيث من المقرر استلام الدفعة الأولى من سلاح المخيمات الفلسطينية على أن توضع في عهدة الجيش اللبناني.
وأضاف دمشقية في بيان نشرته رئاسة مجلس الوزراء اللبناني، أن عملية التسليم تمثل الخطوة الأولى على أن تُستكمل الدفعات الأخرى خلال الأسابيع المقبلة في سائر المخيمات.
وهنأ المبعوث الأميركي توم باراك، الحكومة اللبنانية، وحركة “فتح” الفلسطينية على ما سماه “اتفاقهما بشأن نزع السلاح طوعياً في مخيمات بيروت، معتبراً أنه “إنجاز عظيم نتيجة للخطوة الجريئة التي اتخذها مجلس الوزراء اللبناني مؤخراً”.
وقال باراك في منشور عبر منصة “إكس” إن “الاتفاق على تسليم الأسلحة خطوة تاريخية نحو الوحدة والاستقرار تظهر التزاما حقيقيا بالسلام والتعاون”.
وتأتي هذه الخطوة تنفيذاً لقرارات القمة اللبنانية الفلسطينية التي عقدت في مايو الماضي، بين الرئيسين اللبناني جوزاف عون والفلسطيني محمود عباس، التي أكدت على سيادة لبنان على كامل أراضيه، وتطبيق مبدأ حصرية السلاح، بحسب البيان.
واتفقت لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني في اجتماع عقد في مايو الماضي، أيضاً على وضع آلية تنفيذية وجدول زمني لمعالجة ملف السلاح الفلسطيني في لبنان.
الرئاسة الفلسطينية تؤكد والفصائل تنفي
في حين قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، إنّ دولة فلسطين تعلن أنه تمّ الاتفاق مع الدولة اللبنانية على البدء بتسليم السلاح الموجود داخل المخيمات الفلسطينية للجيش اللبناني كعهدة لديه (وديعة).
وأضاف أبو ردينة في تصريح، أنّ الجهات الفلسطينية المختصة قامت، الخميس، بتسليم الدفعة الأولى من السلاح الموجود في مخيمي برج البراجنة والبص للجيش اللبناني، على أن تُستكمل عمليات التسليم لباقي المخيمات تباعًا.
وأوضح الناطق الرسمي أن ذلك جاء بناءً على البيان الرئاسي الصادر عن رئيس دولة فلسطين محمود عباس، والرئيس اللبناني العماد جوزاف عون، في 21 أيار الماضي، عقب جلسة المباحثات الرسمية بينهما والتي عقدت في العاصمة بيروت، حيث أكد خلالها الرئيس محمود عباس عمق العلاقات الأخوية الفلسطينية اللبنانية، وتعزيز أواصر التعاون والتنسيق بين البلدين والشعبين الشقيقين، ودعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الحرة المستقلة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967، وعاصمتها القدس، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية.
وأشار إلى أن الجانبَيْن أكدا تمسّكهما بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجروا منها، وفقًا للقرار الدولي 194، ورفضهما لكل مشاريع التوطين والتهجير.
وأوضح أبو ردينة أن الجانبين اتفقا على تشكيل لجنة مشتركة لبنانية – فلسطينية لمتابعة أوضاع المخيمات الفلسطينية في لبنان، والعمل على تحسين الظروف المعيشية والإنسانية للاجئين، مع احترام السيادة اللبنانية والالتزام بالقوانين اللبنانية.
ولفت أبو ردينة إلى أنّ الجانبين أكدا التزامهما بتوفير الحقوق الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، بما يضمن لهم حياة كريمة من دون المساس بحقّهم في العودة، أو التأثير في هويتهم الوطنية.
وأكد أنّ الجانبين شدّدا على التزامهما بمبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، وإنهاء أي مظاهر مخالفة لذلك، وأهمية احترام سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه.
وقال الناطق الرسمي إنّ الرئيسَيْن أكدا أهمية حفظ الأمن والأمان لأبناء شعبنا في المخيمات، وصولًا لحالة أمنية مستقرّة بالتنسيق الكامل بين الأجهزة المختصة في الجمهورية اللبنانية ودولة فلسطين.
في المقابل، صدر عن الفصائل الفلسطينية في لبنان البيان التالي: “تداولت بعض الجهات الإعلامية أخبارًا عن نوايا لتسليم السلاح داخل المخيمات الفلسطينية، وخاصة في مخيم برج البراجنة. يهمّنا نحن الفصائل الفلسطينية في لبنان أن نؤكد بشكلٍ قاطعٍ أنّ هذه الأخبار عارية تمامًا عن الصحة ولا تمتّ إلى الواقع بصلة”.
وأضاف: “إنّ ما يجري داخل مخيم برج البراجنة هو شأن تنظيمي داخلي يخصّ حركة “فتح”، ولا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بمسألة السلاح الفلسطيني في المخيمات”.
وتابع: “نحن الفصائل الفلسطينية في لبنان، إذ نؤكد حرصنا الدائم على أمن واستقرار مخيماتنا وجوارها، فإنّنا نعيد التشديد على التزامنا الكامل بالقوانين اللبنانية واحترامنا لسيادة الدولة ومؤسّساتها، مع الحرص على تعزيز العلاقات الأخوية بين شعبنا الفلسطيني وأهلنا في لبنان”.
وختم البيان: “كما نؤكد أن سلاحنا لم ولن يكون إلا سلاحًا مرتبطًا بحقّ العودة وبالقضية الفلسطينية العادلة”.
المخيمات في لبنان
وتنتشر المخيمات الفلسطينية في مختلف مناطق لبنان، خاصة تلك التي كانت تضم أكبر تجمعات للاجئين الفلسطينيين، ففي العاصمة اللبنانية بيروت، توجد مخيمات “صبرا وشاتيلا” بالضواحي الجنوبية، ومخيم “برج البراجنة” غربي المدينة، ومخيم “مار إلياس” في قلب العاصمة قرب مقر وزارة التربية.
وفي جنوب لبنان، يقع مخيم “عين الحلوة” قرب مدينة صيدا، وهو أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان من حيث عدد السكان، ويعتبر من أبرز المخيمات التي تعيش فيها فصائل متنوعة، كما يقع مخيم “المية ومية” بالقرب من مدينة صيدا، وتقع مخيمات “الرشيدية” و”البص” و”برج الشمالي” في مناطق قريبة من مدينة صور.
أما في شمال لبنان، فيوجد مخيم “نهر البارد” بالقرب من مدينة طرابلس، ومخيم “البداوي” في شمال طرابلس. وشرقاً في البقاع، هناك مخيمات تعد أصغر حجماً مثل مخيم “الجليل” بمنطقة في البقاع الغربي و”دير الأحمر” بالبقاع الشرقي.
حصرية السلاح بيد الدولة
وفي مايو الماضي، شدد الرئيسان اللبناني والفلسطيني في بيان مشترك على التزامهما “بمبدأ حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، وإنهاء أي مظاهر خارجة عن منطق الدولة”، وضرورة ضمان عدم تحول المخيمات الفلسطينية في لبنان إلى “ملاذات آمنة” للمتطرفين.
كما أكد الجانبان على “أهمية احترام سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه..وأعلنا إيمانهما بأن زمن السلاح الخارج عن سلطة الدولة اللبنانية، قد انتهى، خصوصاً أن الشعبين اللبناني والفلسطيني، قد تحمّلا طيلة عقود طويلة، أثماناً باهظة وخسائر فادحة وتضحيات كبيرة”.
واتفق البلدان على تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، وضمان عدم تحول المخيمات الفلسطينية إلى ملاذات آمنة للمجموعات المتطرفة.