دبلوماسيون أوروبيون يحذرون: “سلوك إسرائيل بمثابة بصقة في الوجه”
في ظل الخطوات التي اتخذتها الدول الأوروبية ضد إسرائيل، أوضح دبلوماسيون أوروبيون خطورة الوضع: "هناك استياء كبير من الوضع الحالي في جميع أنحاء أوروبا" • مسؤول بريطاني: نحاول تجنب تدهور العلاقات - ولكن هناك خطوات أخرى في طور الإعداد

القدس المحتلة – مصدر الإخبارية
في الأسابيع الأخيرة، شهدت إسرائيل واحدة من أصعب الأزمات السياسية في تاريخها ، وبات عدد متزايد من الدول الغربية يتخذ موقفا انتقاديا تجاه سياسات الحكومة الإسرائيلية. دبلوماسيون أوروبيون تحدثوا إلى القناة 12 الإسرائيلية، ألقوا الضوء على الدوافع وراء قرار العديد من الدول الأوروبية التحرك ضد إسرائيل، وأوضحوا أن هذا بمثابة إنذار حقيقي. وقال مسؤول أوروبي إن “إسرائيل تقف الآن على بداية مرحلة دومينو دبلوماسية خطيرة”.
قال دبلوماسي أوروبي رفيع المستوى في حديث مع القناة العبرية: “ما يقلقنا هو أنه بعد عشرين شهرًا من الحرب، لا يوجد استعداد من جانب الحكومة الإسرائيلية للتفكير والعمل على سيناريو “اليوم التالي”. وأضاف: “هناك قرار فقط بالمضي قدمًا عسكريًا. في الأيام الأخيرة، سمعنا من رئيس الوزراء نتنياهو أنه يسعى إلى حل عسكري لا نؤمن به، وسيستغرق شهورًا، ويعرض حياة الرهائن للخطر، ويودي بحياة العديد من المدنيين. هذه الإجراءات، إلى جانب الخطاب العدواني للغاية والصور التي نراها يوميًا في غزة، ترسم صورة قاتمة للغاية”.
انتقد المصدر نفسه أهداف نتنياهو الحربية، وخاصةً رغبته في إخلاء غزة من الفلسطينيين، وقدّم تحذيرًا مقلقًا: “في نظر أوروبا، تبدو خطة ترامب خاطئة، وبعد بضعة أشهر تبدو أيضًا غير واقعية تمامًا. لهذا السبب، كان من المقلق سماع نتنياهو يذكر تنفيذها كأحد أهدافه الحربية. إذا استمر تدهور وضع حقوق الإنسان في غزة والضفة الغربية، وإذا رأينا بوادر ضم، فسيكون لذلك تداعيات واضحة على كيفية تطبيقنا لسياساتنا”.
علاوةً على ذلك، كشف الدبلوماسي الأوروبي أن خطوات الثورة القانونية التي تُواصلها الحكومة الإسرائيلية تُقلق الدول الأوروبية أيضًا، وقد تؤثر على مكانة إسرائيل الدولية: “ليست حرب غزة وحدها ما يُقلقنا، بل أيضًا التطورات على الساحة الداخلية ذات التداعيات الدولية. يُعدّ قانون فرض الضرائب على الجمعيات التي تتلقى تمويلًا أجنبيًا قضيةً مُقلقةً تُناقش في الأوساط السياسية في جميع أنحاء أوروبا، لأنه سيُصنّف إسرائيل ضمن مجموعة الدول غير الديمقراطية الليبرالية، وهي لا تنتمي إليها”.
وأوضح الدبلوماسيون الذين تحدثوا إلى القناة 12 الإسرائيلية، أن النشاط الإسرائيلي في الضفة الغربية يشكل أيضا محورا مركزيا لعدم الرضا الأوروبي عن إسرائيل. وقال مسؤول أوروبي آخر إن “سلوك إسرائيل في يهودا والسامرة هو بمثابة بصقة في وجه الدول الأوروبية”.
التحذير: محاولة لتجنب تدهور العلاقات – ولكن هناك خطوات أخرى في الطريق
وكانت بريطانيا من بين الدول الرائدة في التحرك لتصعيد لهجتها تجاه إسرائيل ــ ففي الأيام الأخيرة أعلنت عن عقوبات ضد المستوطنين، وحركات الاستيطان، والبؤر الاستيطانية غير القانونية في الضفة الغربية، واستدعت السفيرة الإسرائيلية في لندن، تسيبي حوتوفلي، إلى اجتماع توضيحي في أعقاب توسع الحرب في قطاع غزة، وأعلنت عن تعليق المحادثات للتوصل إلى اتفاق تجاري مع إسرائيل، وأوضح كبار وزرائها أنهم “منزعجون” من السياسة الإسرائيلية وأن العلاقات لا يمكن أن تستمر كالمعتاد.
وأوضح مصدر بريطاني تحدث للقناة 12 الإسرائيلية، أن الإجراءات المتخذة كانت تختمر منذ فترة طويلة في ظل عدم الرضا في بريطانيا عن السياسات الإسرائيلية، وكان المحفز لتنفيذها هو إطلاق عملية عربات جدعون ورفض إسرائيل السماح بدخول مساعدات إنسانية كافية إلى غزة. وبحسب المصدر فإن البريطانيين يحاولون تجنب تدهور العلاقات والوصول إلى عقوبات ثقيلة على إسرائيل، ولا تزال هناك خطوات صغيرة وكبيرة في طور التنفيذ ضمن تدهور الإجراءات حتى تصل إلى خطوات ثقيلة. لكن المصدر أوضح أن الوضع السياسي بين البلدين سيستمر في التدهور إذا استمرت إسرائيل على نهجها.
“يجب على إسرائيل أن تشعر بالقلق”
وفي أوروبا، يوضحون أن هذه ليست موجة أخرى من الانتقادات التي واجهتها إسرائيل في الماضي، بل هي أزمة حقيقية بين إسرائيل والغرب. وقال الدبلوماسي الأوروبي الكبير: “هناك استياء كبير في جميع أنحاء أوروبا إزاء الوضع الحالي. وهذا ينبغي أن يثير قلق إسرائيل، ويجب ألا تستهين به”.
وأضاف: “إن الخطوة الأخيرة المتخذة، وهي دراسة المادة الثانية من الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي (والتحقق مما إذا كانت إسرائيل تنتهك حقوق الإنسان)، ينبغي أن تُقلق إسرائيل لأنها تُظهر أن الأمور تسير في أوروبا، وليس نحو الحكومة الإسرائيلية. على الحكومة الإسرائيلية أن تأخذ هذه الأصوات الأوروبية على محمل الجد”.
الخطوات التي اتخذتها الدول الأوروبية
على مدى الأسبوع الماضي، تعرضت إسرائيل لسيل من الضربات السياسية من جانب أهم الشخصيات في أوروبا. أعلنت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي كايا كلاس أنه تم التوصل إلى “أغلبية ساحقة” لدعم اقتراح وزير الخارجية الهولندي بإعادة التفاوض على مستقبل اتفاقية الشراكة، وهي اتفاقية مهمة للغاية ترسخ العلاقات بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي.
وفي وقت سابق، اتخذت بريطانيا سلسلة من الخطوات التي تم ذكرها، والتي بلغت ذروتها بوقف المحادثات للتوصل إلى اتفاق تجاري مع إسرائيل. وترافقت التحركات البريطانية مع خطاب قوي ألقاه وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي في البرلمان، أوضح فيه أنه في الوضع الراهن، لا تستطيع الحكومة البريطانية مواصلة علاقاتها مع حكومة نتنياهو كالمعتاد. وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إنه “شعر بالصدمة والفزع إزاء الإجراءات العسكرية الإسرائيلية في غزة”.
وفي خطوة أخرى، أصدر زعماء كندا وفرنسا وبريطانيا بيانا مشتركا هددوا فيه باتخاذ “خطوات ملموسة” ضد إسرائيل إذا لم توقف الحصار العسكري على غزة وترفع القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية. وجاء في البيان أن الإجراءات الإسرائيلية تشكل انتهاكا للقانون الدولي، وأنهم يعارضون توسيع المستوطنات في يهودا والسامرة.
كما انتقد المستشار الألماني ميرز، الذي عبّر عن موقف واضح مؤيد لإسرائيل طوال مسيرته السياسية، سلوك إسرائيل في وقت سابق من هذا الشهر قائلاً: “ننظر إلى التطورات بقلق. ويجب التأكيد بوضوح على أن على الحكومة الإسرائيلية الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي”. وبعد أيام قليلة، شن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هجوما أكثر صراحة، قائلا إن “سياسة نتنياهو في غزة، حيث يواجه نصف مليون شخص الجوع، مخزية”.