قراءة فى كتاب ثمانون عاماً بلا دواء أو علاج للكاتب توفيق أبو شومر

مقال- رأفت حمدونة

تشعر بالدفء والمحبة والسعادة لمجرد اللقاء والتعرف والحديث مع الكاتب والإنسان والمحب الأستاذ توفيق أبو شومر، شاب سبعيني يتمتع بالحياة ويستثمر الوقت وينشر السعادة أينما ذهب، يشعرك بحنو الأب، ووفاء الصديق الصدوق، وينصحك نصح الحكيم المخضرم، بما ماجت به الأيام والسنون، بحلوها ومرها واختلاف زمانها ومكانها، تجده أخاً في لحظة وأباً في أخرى، وصديقاً للعائلة يسأل عن التفاصيل ولا ينسى.

إنه الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي الأستاذ توفيق أبو شومر، من مواليد فلسطين عام 1947، هُجّر إلى غزة عام 1948، ودرس في مدارس غزة.

التحق بجامعة القاهرة قسم اللغة العربية بكلية الآداب 1963، وحصل على شهادة الليسانس في الآداب في يونيو 1967، ولم يتمكن من العودة إلى غزة حيث يعيش الأهل، عمل في الجزائر وليبيا والسعودية صحافيا ومدرسا وموجها تربويا، وتولى في الجزائر الإشراف على تطوير المناهج التربوية لتدريس مادة اللغة العربية من عام 1968 إلى عام 1973.

كتب في الصحف الجزائرية الشعب وآمال الأدبية والمجاهد، في شكل دائم، وعمل محررا أدبيا في صحيفة الشعب وآمال الجزائريتين، كتب في صحيفة اليمامة والجزيرة السعودية زوايا تربوية متعددة، عاد إلى غزة في إطار جمع شمل العائلات عام 1990، عمل منسقا لطاقم الثقافة والفنون عن قطاع غزة، وكان يتبع بيت الشرق بالقدس برئاسة المرحوم فيصل الحسيني عام 1993.

عمل سكرتير تحرير جريدة الشروق الغزية عام 1992، وكان كاتبا دائما في مجلة البيادر السياسي ومجلة البيارق والمنار وصحيفة القدس.

عمل في وزارة الإعلام الفلسطينية منذ تأسيسها مسؤولا عن المطبوعات والنشر، وشارك في إعداد اللوائح والقوانين، ومواثيق الشرف الصحافية، وعمل مستشارا إعلاميا وثقافيا للتوجيه السياسي والوطني.

والآن يُعتبر من أبرز المختصين في الشؤون الإسرائيلية، وأصدر عددا من الكتب المطبوعة، مثل (هدير وعناكب، والتخريب المنظم للتعليم، وأنابيش، ومختارات من مختاراتي، والصراع في إسرائيل، ورواية الصبي والبحر، ورواية بشير وعاموس، وقصص نساء يهوديات معنفات، وآخرها ثمانون عاماً بلا دواء أو علاج.

كتاب “ثمانون عاماً بلا دواء أو علاج”، بمجرد النظر إلى غلافه تشعر بالأمل، بفسحة العمر وإمكانات العطاء مهما مضت الأعوام، فلكل عام مميزاته وظروفه وجماله، الغلاف وردتان متعرجتا الغصون بتعرج ظروف الزمن، لكنها في النهاية أنتجتا زهرة، بل وفى كل سنة أو أكثر ترى في العمر زهرة.

يقول الكاتب في مقدمة الكتاب: “سأسرد لقطات من قصة حياتي الشخصية، كي تكون شاهداً على تجربتي في الموضوعات المطروحة.

لم يكتفِ بتجاربه، بل دعمها بأقوال الفلاسفة وحكمتهم “الكاتب والفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو، والعلم الألماني جون بانستر، تحدث عن حقوق الطفل وقتل أهم مزايا في المجتمعات القبلية، عن إطالة مرحلة الشباب في المجتمعات المتقدمة، عن الطعام والشراب والعلاج والنوم والرياضة، ونظام الحياة على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والنفسي، وعن مظلومية الإنسان بتحديد سن التقاعد بالستين كحد فاصل بين العطاء والسكون، وما ينتج عن هذا القانون من تداعيات على الصعيدين النفسي والاجتماعي.

وكان موفقاً حينما لخص الكتاب بالقول “ما أكثر الذين يُغادرون الحياة من دون أن يكتشفوا قدراتِهم وطاقاتهم المكنونة في نفوسهم، ولم يكتشفوا أنهم كانوا قادرين على التخلص من أمراضهم بلا وصفات علاج أو دواء، بدواءٍ سهل ميسور رخيص الثمن، هو مزيجٌ من الغذاء والثقافة والنشاط والمرح! حاولت أن أركز على أبرز مسببات الألم والمرض في الحياة، ووجدتُ أن الكآبة والإحباط ودوام الشكوى هي الجالب الرئيس للمرض، وربما تسبق نظرية العدوى، والميراث الَمرَضي الجيني، اقتبستُ بعض التجارب من أشهر الكتب، سردتُ قصصَ بعض من كانوا ينوون الانتحار بسبب ضائقة الحياة والكآبة، لكنهم نجحوا في التخلص من وباء الكآبة والإحباط، وأصبحوا سعداء بعد قراءتهم الكتب، واستشارة المختصين في العلاج النفسي، واليوم يعيشون بلا أمراض!

وأشار إلى أثر روح المرح والدعابة والسعادة بمختلف أنواعها في إقصاء الأمراض وإبعاد صيدلية الدواء، حتى أن هناك باحثين أثبتوا بأن إلقاء الكآبة في سلة القمامة أسهم في التخلص حتى من مرض السرطان المستعصي على العلاج!”.

وفى نهاية الكتاب يقول: “ليس العلاج ما يوضع في الفم ، بل العلاج الشافي ما لا يُوضع في الفم، وتناول طعامك كدواء، قبل أن يصبح الدواء طعامك الدائم.

ويستطيع الإنسان أن يستأجر كثيرين، لكنه لا يستطيع أن يستأجر من يقاسمونه المرض، ولا تجعل السعادة لمحة طارئة، اقبض عليها بقوة، ثم أسكنها في نفسك لتصبح جينة للتوريث.

أنصح بقراءة الكتاب لما لصاحبه من تجربة، فهو زبدة عمر من قصص وروايات وخبرات ونصائح ونظام حياة على الصعيد الحياتي والاجتماعي والإنساني والعلمي الفلسفي وعلى كل الصعد.