توفي الباحث والناشط الفلسطيني حمزة العقرباوي، فجر اليوم الثلاثاء، غرقًا في نهر النيل بمصر، إثر سقوطه من قارب كان يستقله خلال ساعات الليل، قبل أن تتمكن فرق الإنقاذ من انتشال جثمانه صباحًا.
وبحسب مصادر مقربة من عائلته، فإن العقرباوي كان قد سافر إلى مصر في أول رحلة خارجية له، بعد سنوات من منعه من السفر، دون أن تُعرف حتى اللحظة تفاصيل إضافية حول ظروف الحادث.
ويُعد العقرباوي أحد الوجوه البارزة في مقاومة الاستيطان، لا سيما في بلدات ومخيمات محافظة نابلس، إلى جانب نشاطه الثقافي والبحثي الممتد في مختلف المناطق الفلسطينية.
واشتهر الراحل بلقب «حكواتي فلسطين»، لكونه باحثًا وناشطًا مهتمًا بجمع وتوثيق الموروث الشعبي الفلسطيني، بما يشمل الأمثال، والأهازيج، والمعتقدات الشعبية المرتبطة بالحياة اليومية، فضلًا عن تنظيمه جولات معرفية وثقافية في القرى والمواقع التاريخية.
وُلد حمزة العقرباوي عام 1984 في بلدة عقربا جنوب نابلس، ونشأ في بيئة ريفية وثيقة الصلة بالأرض والذاكرة الجمعية، وهو ما شكّل الأساس لمشروعه المعرفي الذي ركّز على توثيق الذاكرة وربط المكان بالسرد الشعبي.
واعتمد العقرباوي في عمله على منهج يجمع بين البحث الميداني والسرد الحكائي، حيث وثّق التحولات الاجتماعية والحياة اليومية للفلسطينيين عبر أرشيف واسع يضم مئات الصور والوثائق التاريخية، من دفاتر ومراسلات ووثائق ملكية وشهادات، تغطي فترات تمتد من أواخر القرن التاسع عشر وحتى أواخر القرن العشرين.
كما قدّم عروضًا وجولات معرفية في القرى والمواقع المفتوحة، محولًا الجغرافيا إلى نص حيّ تُروى فيه الحكايات في سياقها الطبيعي، في محاولة لإعادة الاعتبار للذاكرة الشفوية بوصفها مصدرًا معرفيًا أصيلًا، وليس مجرد مادة للترفيه.
ومثّل العقرباوي خلال مسيرته جسرًا بين الذاكرة الشعبية والتوثيق المعاصر، إذ حرص على وضع الروايات الشفوية ضمن أطر تاريخية واقتصادية واجتماعية، مساهمًا بذلك في صون الهوية الثقافية الفلسطينية ونقلها للأجيال القادمة بوعي نقدي ومنهجي.