القدس المحتلة - مصدر الإخبارية
أكدت محافظة القدس أن التصاعد الملحوظ في إعلانات ما تُسمّى “سلطة الآثار الإسرائيلية” بشأن مزاعم اكتشافات أثرية في محيط المسجد الأقصى والبلدة القديمة، يندرج ضمن سياسة ممنهجة تستهدف تزوير التاريخ العربي والإسلامي لمدينة القدس، وتوظيف علم الآثار كأداة سياسية لفرض رواية احتلالية أحادية.
وأوضحت المحافظة، في بيان صدر اليوم الإثنين، أن آخر هذه المزاعم تمثّل في الادعاء بالعثور على ما سُمّي “حوض طهارة” يعود لفترة الهيكل الثاني أسفل ساحة البراق، بالتعاون مع ما تُعرف بـ”مؤسسة تراث الحائط الغربي”. وأكدت أن هذه الادعاءات لا تستند إلى أي أساس علمي محايد أو منهج بحث أثري معترف به دولياً، بل تتعارض بشكل صارخ مع أبسط قواعد البحث الأثري المهني.
وبيّنت المحافظة أن الرواية الإسرائيلية حول حوض طقوسي محفور في الصخر ومطلي بالجبص، واحتوائه على بقايا رماد وأوانٍ نُسبت إلى يهود عاشوا في القدس قبل عام 70 للميلاد، تفتقر إلى أي توثيق علمي مستقل أو أدلة مادية موثوقة، فضلاً عن مخالفتها الصريحة لأحكام القانون الدولي الإنساني واتفاقيات حماية التراث الثقافي.
وأشارت إلى أن هذه المزاعم تتناقض مع قرارات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، ولا سيما القرار الصادر في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2016، الذي أكد أن المسجد الأقصى المبارك وحائط البراق تراث إسلامي خالص، ونفى وجود أي ارتباط ديني يهودي بهما، واعتبر جميع الإجراءات الإسرائيلية الأحادية في محيطهما، بما فيها الحفريات والتغييرات، باطلة وغير شرعية.
وشددت محافظة القدس على أن ما يتم الترويج له باعتباره “اكتشافات دينية يهودية” ليس سوى تزييف وظيفي للموجودات الأثرية، مؤكدة أن الدراسات التاريخية والأثرية الرصينة تثبت أن هذه الأحواض والمنشآت تعود في حقيقتها إلى أنظمة مائية، خاصة من الحقبة الأموية، وكانت جزءاً من القصور الأموية والمنشآت الخدمية المرتبطة بالمسجد الأقصى، إضافة إلى أحواض السقاية وشبكات نقل المياه من برك سليمان في بيت لحم إلى القدس.
ولفتت المحافظة إلى أن إقحام شخصيات سياسية إسرائيلية، من بينهم وزراء في حكومة الاحتلال، في الإعلان عن هذه المزاعم وربطها بمناسبات دينية عبرية، يكشف الطابع السياسي والدعائي لهذه الحفريات، ويؤكد أنها ليست أعمالاً علمية محايدة، بل أدوات تهدف إلى تهويد المكان وفرض وقائع جديدة على الأرض، في سياق محاولات مستمرة منذ عقود لإسقاط الرواية التوراتية على حجارة القدس، رغم الفشل المتكرر في تقديم أي دليل أثري حاسم.
وحذرت محافظة القدس من أن استمرار الحفريات أسفل ساحة البراق وفي محيط المسجد الأقصى يشكل تهديداً مباشراً وخطيراً لأساسات المسجد والأبنية التاريخية المجاورة، ويُعد انتهاكاً جسيماً للتراث الثقافي الإنساني وجريمة معمارية وتراثية مكتملة الأركان.
ودعت المحافظة المجتمع الدولي، ومنظمة اليونسكو، والأمم المتحدة، وكافة الهيئات القانونية والحقوقية الدولية، إلى التدخل الفوري لوقف هذه الاعتداءات، وإرسال لجنة دولية مستقلة ومحايدة للتحقيق في الحفريات الجارية، وضمان حماية التراث الإنساني في مدينة القدس، ومحاسبة الاحتلال على جرائمه بحق التاريخ والهوية والمقدسات.