فاز الفيلم الوثائقي «غزة: أطباء تحت الهجوم» بجائزة الصحافة الأجنبية البريطانية، في خطوة لافتة أعادت إلى الواجهة الجدل الذي رافق قرار هيئة الإذاعة البريطانية BBC إلغاء بث العمل، بدعوى عدم التزامه بمعايير الحياد التحريري.
وكان الفيلم قد أُنتج في الأصل لصالح BBC، إلا أن الشبكة قررت في يونيو/حزيران الماضي عدم عرضه بعد أشهر من التأجيل والمراجعات الداخلية، ما دفع الجهة المنتجة إلى نقله لاحقًا إلى القناة الرابعة البريطانية، التي عرضته في يوليو/تموز، حيث حظي باهتمام إعلامي وحقوقي واسع.
ويوثق الفيلم الاستهداف الإسرائيلي الممنهج للأطباء والطواقم الطبية والمنظومة الصحية في قطاع غزة، مسلطًا الضوء على الظروف القاسية التي يعمل فيها العاملون بالمستشفيات، في ظل حرب متواصلة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، ونقص حاد في المعدات الطبية، إلى جانب القصف المباشر للمرافق الصحية.
ووصف حكّام جائزة الصحافة الأجنبية البريطانية الوثائقي بأنه «عمل لا يُنسى» و«صادم على نحو غير مسبوق»، معتبرين أنه من أقوى الشهادات الصحفية التي قُدمت خلال العام، ويجسد شجاعة الصحفيين والجهة المنتجة في معالجة ملف شديد الحساسية وذي أهمية عامة.
من جهتها، اعتبرت معدّة الفيلم الصحفية راميتا نافاي أن الفوز بالجائزة يشكل تبرئة واضحة للعمل بعد قرار BBC إلغاء بثه، مشيرة إلى أن تجربتها مع الشبكة كانت مخيبة للآمال ومزعجة على المستويين المهني والشخصي. وأوضحت أن BBC احتفظت بالفيلم لفترة طويلة مع وعود متكررة بعرضه، قبل أن تتراجع عن ذلك، رغم كونه تحقيقًا صحفيًا في جرائم حرب محتملة.
وأثنت نافاي في المقابل على تعامل القناة الرابعة البريطانية مع الوثائقي، مؤكدة أنها تحركت بسرعة وعرضت الفيلم وفق معايير مهنية عالية، ما أتاح وصوله إلى الجمهور دون تأخير إضافي.
وشددت على أن العمل استند إلى شهادات ميدانية ووثائق مصورة، وافتُتح بتحذير للمشاهدين من مشاهد قاسية من داخل مستشفيات غزة أثناء محاولات إنقاذ المصابين تحت القصف.
كما أبرزت الدور المحوري للصحفيين الفلسطينيين في إنجاز الفيلم، مؤكدة أنه ما كان ليرى النور دون جهودهم، رغم المخاطر الكبيرة التي واجهوها في ظل استهداف الصحفيين والعاملين في الإعلام داخل القطاع.
وكان قرار BBC عدم بث الوثائقي قد أثار انتقادات داخل المؤسسة نفسها، حيث وقّع أكثر من 300 من موظفيها رسالة احتجاج مفتوحة، اتهموا فيها الإدارة بالانحياز في تغطية الشأن الفلسطيني، والإخفاق في إتاحة المجال لعرض عمل صحفي ذي قيمة عامة.
ويُنظر إلى فوز الفيلم بالجائزة على أنه تأكيد على مكانته الصحفية، ورسالة دعم قوية لحرية العمل الإعلامي الاستقصائي، في وقت تتزايد فيه الضغوط والتحديات أمام الصحفيين العاملين في مناطق النزاع.