القدس المحتلة - مصدر الإخبارية
أصدر الاتحاد الفلسطيني في أميركا اللاتينية بياناً حادّ اللهجة تحت عنوان "القدس: الصليب تحت الحصار والإيمان الذي يقاوم"، كشف فيه عن صورة قاتمة للواقع الذي يعيشه المسيحيون الفلسطينيون في المدينة المقدسة، محذراً من سياسة ممنهجة تستهدف محو الهوية التاريخية للقدس واستبدالها بسردية جديدة مفروضة بقوة الاحتلال.
البيان، المستند إلى معطيات وتقييمات ميدانية وشهادات أبرزها تصريحات ديمتري دلياني رئيس "الحركة الوطنية المسيحية في الأرض المقدسة"، يؤكد أنّ القدس تعيش اليوم حصاراً لا يفرّق بين مسلم ومسيحي، وأنّ الاحتلال يسعى إلى اقتلاع الجذور الفلسطينية بكل مكوّناتها، الدينية والثقافية والإنسانية.
ويشدد البيان على أنّ المسيحيين الفلسطينيين ليسوا أقلية طارئة أو جماعة دخيلة، بل هم الامتداد الطبيعي لأول جماعات آمنت برسالة السيد المسيح على هذه الأرض. فالكنائس والأديرة العتيقة، والأحياء المسيحية الممتدة في قلب البلدة القديمة، تشهد على وجود عربي مسيحي أصيل، بقي متجذراً رغم صدمات التاريخ وتقلباته.
ويذكّر الاتحاد بأنّ المسيح نفسه، الفلسطيني مولداً ورسالة، كان أول من تحدّى الظلم وواجه القمع، وأنّ الصليب الذي حمله تحول عبر الزمن إلى رمز مقاومة، وليس فقط علامة تضحية. هذا الإرث الروحي، كما يقول البيان، يتعرض اليوم لواحدة من أخطر موجات الاستهداف عبر اعتداءات متكررة على الكنائس، وتدنيس للمقدسات، وهجمات على رجال الدين، وسط إفلات شبه تام من العقاب.
كما يحذر البيان من ضغوطات اقتصادية وإدارية منهجية، تشمل الضرائب التعسفية وحرمان العائلات من الخدمات والتصاريح وفرض قيود مشددة على الحركة، الأمر الذي يدفع بمزيد من المسيحيين الفلسطينيين إلى الهجرة، في عملية نزوح بطيئة لكنها مستمرة. وكل عائلة تغادر، بحسب الاتحاد، هي "نزيف في قلب القدس" وقطعٌ من ذاكرتها الحية.
ويرى الاتحاد الفلسطيني أن ما يجري ليس مجرد سلسلة اعتداءات منفصلة، بل سياسة متكاملة تستهدف تغيير الطابع الديمغرافي والروحي للمدينة، وإفراغها من تنوعها الديني الذي شكّل جوهر قدسيتها عبر العصور.
ويؤكد البيان أنّ الدفاع عن الوجود المسيحي في فلسطين ليس مسؤولية دينية فحسب، بل واجب إنساني وتاريخي، لأن المساس بالكنائس والمقدسات هو مساس بالقيم المشتركة للبشرية جمعاء، وللإرث الحضاري والروحي للعالم.
ويختم الاتحاد بالتأكيد أن الصليب والهلال، رمزَي الإيمان الفلسطينيين، يقفان اليوم في خندق واحد دفاعاً عن هوية القدس أمام محاولات الطمس والاقتلاع، وأن صمود الفلسطينيين، بمختلف انتماءاتهم، هو الذي سيحفظ للمدينة روحها الإنسانية المتعددة.