الأراضي المحتلة - مصدر الإخبارية
خلص تحقيق داخلي شامل أجراه الجيش الإسرائيلي لتقييم مراجعاته السابقة حول الإخفاقات التي سبقت هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وخلاله، إلى أن تلك التحقيقات كانت "فاشلة" و"سطحية"، ولم تُنفّذ بالعمق المطلوب، في وقت لم تُتخذ فيه حتى الآن أي قرارات بمحاسبة القادة العسكريين المسؤولين عن التقصير.
وبحسب ما أوردته إذاعة الجيش الإسرائيلي، فإن لجنة فحص جودة التحقيقات العسكرية، التي ترأسها اللواء الاحتياط سامي ترجمان، أكدت أن المراجعات التي تناولت الاستراتيجية العامة والتخطيط العملياتي وآليات اتخاذ القرار وأداء شعبة العمليات وسلاح البحرية، جاءت غير مهنية، ولم تضع استنتاجات كافية لاستخلاص الدروس من الهجوم الذي شكّل أخطر إخفاق أمني في تاريخ إسرائيل.
وذكرت الإذاعة أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، لم يتخذ بعد أي قرارات تتعلق بالمسؤولية الفردية، رغم توصيات اللجنة التي شددت على أن "حدثًا بهذا الحجم لا يمكن أن يمرّ دون مساءلة شخصية". وأوصت المذكرة التي رفعها ترجمان بضرورة اتخاذ إجراءات بحق ضباط كبار شغلوا مناصب مركزية في قيادة الجيش خلال الهجوم، معتبرة أن غياب المحاسبة يضعف ثقة المؤسسة العسكرية بنفسها ويعيق عملية الإصلاح.
ورغم أن اللجنة طالبت بتوسيع التحقيق ليشمل الأبعاد القومية والسياسية، فإن الجيش تجنّب استخدام مصطلح "لجنة تحقيق رسمية"، واكتفى بالدعوة إلى تشكيل "لجنة خارجية متعددة التخصصات" تراجع منظومة الأمن القومي بأكملها. وأكد التقرير أن "المسؤولية الكاملة عمّا حدث في السابع من أكتوبر تقع على عاتق الجيش"، لكنه أشار إلى ضرورة فحص أعمق لتداخل الصلاحيات بين الأجهزة الأمنية.
وبحسب هيئة البث الإسرائيلية "كان 11"، فقد صنّفت اللجنة عدداً من التحقيقات باللون "البرتقالي"، أي أنها "ناقصة وتحتاج إلى استكمال"، وتشمل مجالات الدفاع الجوي في القيادة الجنوبية، والدفاع الحدودي، والاستخبارات الميدانية، والتنسيق بين الوحدات، إلى جانب تحقيق خاص بهجوم مهرجان "نوفا" الموسيقي الذي شكّل رمزاً لهشاشة الجبهة الداخلية.
في المقابل، وُصفت بعض التحقيقات بأنها "جيدة"، وصُنّفت باللون الأخضر، ومنها أداء منظومة الجدار الأمني وسلاح الجو وقسم التكنولوجيا واللوجستيات. ومع ذلك، أشار التقرير إلى وجود ملفات لم تُفتح بعد، أبرزها إخفاق الاستخبارات في التعامل مع معلومة "جدار أريحا" التي كشفت مبكرًا عن نوايا حركة حماس، وعدم التحقيق في التنسيق بين الجيش وجهاز الشاباك والشرطة.
وأوضحت إذاعة الجيش أن رئيس الأركان صادق على توصيات اللجنة، وأمر باستكمال التحقيقات وتعيين ضباط كبار لمتابعتها، إلى جانب تشكيل فريق خاص برئاسة نائبه لتحويل نتائج التقرير إلى خطة عمل متعددة السنوات تهدف إلى "تطبيق الدروس المستخلصة من الهجوم وتحسين الجاهزية المستقبلية".
ويأتي نشر نتائج هذا التقرير في ظل تصاعد الانتقادات داخل إسرائيل ضد غياب المساءلة الفردية، إذ تتزايد الضغوط على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لتشكيل لجنة تحقيق رسمية مستقلة تُحدّد المسؤوليات على المستويين العسكري والسياسي. وتؤكد دوائر المعارضة أن المماطلة في فتح تحقيق شامل تمثل "محاولة سياسية للهروب من المحاسبة" في أخطر إخفاق أمني تواجهه إسرائيل منذ تأسيسها.