تسعى شركة «ميتا» إلى توسيع آفاق الواقع الافتراضي ليصبح أكثر قرباً من الحياة اليومية، من خلال ميزة جديدة تسمح لمالكي خوذة «كويست في آر» (Quest VR) بإنشاء نسخ رقمية واقعية من غرف منازلهم، ودعوة الآخرين لزيارتهم فيها كما لو كانوا في لقاء فعلي.
ويقول فيشال شاه، نائب رئيس قسم التجارب متعددة الأبعاد في «ميتا»: «هناك شيء سحري في فكرة أن تمسح مساحة تعرفها، ثم تجلب شخصاً آخر إليها وتشعر بأنكما معاً بالفعل».
الميزة الجديدة، التي تأتي ضمن تطبيق «هايبرسكيب» (Hyperscape)، تم استعراضها لأول مرة في مؤتمر «كونيكت» العام الماضي، وتُظهر كيف يمكن إعادة إنشاء أماكن حقيقية — مثل مطبخ الشيف العالمي غوردون رامزي أو استوديو مغني الراب تشانس — بدقة لافتة تثير الإحساس بالوجود داخل المكان الحقيقي.
مع التحديث القادم، سيتمكن مستخدمو خوذة «كويست 3» من مسح غرفهم باستخدام الكاميرات المدمجة في الجهاز. العملية لا تتجاوز 20 دقيقة، تُرفع بعدها البيانات إلى خوادم «ميتا» ليُعاد تشكيل الغرفة رقمياً خلال نحو ساعتين فقط، ثم تُبث مباشرة من السحابة دون الحاجة إلى تنزيل ملفات ضخمة.
تعتمد هذه التقنية على ما يُعرف باسم «الترسيب الغاوسي» (Gaussian Splatting)، وهي طريقة حديثة لالتقاط المشاهد ثلاثية الأبعاد لا تكتفي بتصوير الأسطح، بل تحول كل عنصر إلى مجموعة من النقاط ثلاثية الأبعاد تتضمن تفاصيل الملمس واللون والشفافية من زوايا مختلفة، مما ينتج صوراً واقعية مذهلة.
في البداية ستكون هذه النسخ الرقمية خاصة بصاحبها، لكن «ميتا» تخطط مستقبلاً للسماح بمشاركتها وتحويلها إلى أماكن اجتماعية ضمن عالمها الافتراضي «هورايزون وورلدز» (Horizon Worlds)، بحيث يمكن للأصدقاء الاجتماع على «أريكة رقمية» في نسخة ثلاثية الأبعاد من غرفة المعيشة الحقيقية.
ويقول شاه: «نعتقد أن هناك فرصة حقيقية للتواصل الإنساني، حيث تكون البيئة بنفس أهمية الأشخاص الذين تتفاعل معهم».
تُعد هذه الخطوة جزءاً من استراتيجية «ميتا» لجعل الواقع الافتراضي أكثر جاذبية لشرائح أوسع من المستخدمين، خصوصاً غير المهتمين بالألعاب. فقد باعت الشركة أكثر من 20 مليون خوذة «كويست» حتى الآن، وحققت بعض التطبيقات أكثر من 50 مليون دولار من الإيرادات.
كما تعمل «ميتا» على تطوير تقنية «أفاتار كوديك» (Codec Avatars)، التي تهدف إلى إنشاء صور رمزية ثلاثية الأبعاد واقعية للغاية للمستخدمين، ما يجعل تجربة «هايبرسكيب» أكثر اندماجاً وواقعية في المستقبل.
ويرى الخبراء أن هذه الابتكارات قد تمثل الجيل الجديد من «التصوير ثلاثي الأبعاد»، الذي يمكن أن يصبح وسيلة لتوثيق اللحظات والذكريات كما فعل التصوير الفوتوغرافي قبل قرنين من الزمن.
ومع اشتداد المنافسة من «أبل» بسماعة «فيجن برو» (Vision Pro)، واستعداد «غوغل» و«سامسونغ» لإطلاق مشروعهما المشترك «موهان» (Project Moohan)، يبدو أن سباق السيطرة على مستقبل العوالم الافتراضية قد بدأ فعلاً، و«ميتا» تريد أن تكون في الصدارة.