كشفت وثائق حكومية أميركية داخلية حصلت عليها صحيفة واشنطن بوست، أن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو وجّه خلال الأسابيع الأخيرة رسائل عاجلة إلى روسيا والصين وإيران يطلب فيها مساعدات عسكرية فورية تشمل صواريخ ورادارات دفاعية وطائرات حربية، في ظل تصاعد الحشود العسكرية الأميركية في البحر الكاريبي.
ووفق الوثائق، سلّم مبعوث رفيع من كراكاس رسالة شخصية من مادورو إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منتصف الشهر الماضي، تضمنت طلبًا لدعم عاجل لتعزيز الدفاعات الجوية الفنزويلية، وإعادة تأهيل طائرات "سوخوي سو-30 إم كا 2"، إضافة إلى شراء 14 مجموعة صواريخ روسية وصيانة أنظمة الرادار والمحركات.
كما بعث مادورو برسالة مماثلة إلى الرئيس الصيني شي جين بينغ دعا فيها إلى توسيع التعاون العسكري وتسريع إنتاج أنظمة الرادار للكشف المبكر، “لمواجهة التصعيد بين الولايات المتحدة وفنزويلا”، وفق نص الوثيقة.
وتشير الوثائق أيضاً إلى أن وزير النقل الفنزويلي رامون سيليستينو فيلاسكيز نسّق مؤخرًا شحنة طائرات مسيّرة ومعدات عسكرية من إيران، تشمل “أنظمة تشويش على GPS وطائرات مسيّرة يصل مداها إلى ألف كيلومتر”.
وكتب مادورو في رسالته إلى موسكو أن أي هجوم أميركي على فنزويلا سيكون اعتداءً على الصين وروسيا أيضًا، “بحكم وحدة الموقف الأيديولوجي”، على حد تعبيره.
ولم توضّح الوثائق كيف ردّت الدول الثلاث على هذه الطلبات، لكن الخارجية الروسية أكدت دعمها لفنزويلا في الدفاع عن سيادتها الوطنية، مشيرة إلى استعداد موسكو “للرد المناسب على التهديدات المستجدة”.
كما صادقت روسيا مؤخرًا على معاهدة استراتيجية جديدة مع كراكاس تشمل التعاون في مجالات الطاقة والتكنولوجيا العسكرية، في وقت تُقدّر فيه الاستثمارات الروسية في قطاع النفط والغاز الفنزويلي بمليارات الدولارات.
ومع ذلك، يرى محللون أن اهتمام موسكو بفنزويلا تراجع منذ اندلاع حرب أوكرانيا، بعد نقل بعض منشآتها الاستخباراتية إلى نيكاراغوا وتركيزها على محيطها الأوروبي.
في المقابل، يعتبر دبلوماسيون أميركيون أن تحريك واشنطن جزءًا من أسطولها البحري نحو الكاريبي يُعد مكسبًا لموسكو، كونه يشتّت الانتباه الأميركي عن أوروبا.
ويرى مراقبون أن سقوط نظام مادورو سيشكل ضربة قاسية للكرملين، الذي قد يفقد أحد أبرز حلفائه في نصف الكرة الغربي، ما سينعكس أيضًا على كوبا التي تعتمد على التعاون الاستخباراتي مع فنزويلا.
ورغم محدودية الدعم العسكري المباشر، يؤكد خبراء روس أن النفط يبقى الرابط الأقوى بين موسكو وكراكاس، إذ تمتلك الشركات الروسية حصصًا في ثلاثة مشاريع مشتركة تنتج نحو 107 آلاف برميل يوميًا، أي ما يعادل 11% من إنتاج فنزويلا وتدرّ حوالي 67 مليون دولار شهريًا، إضافة إلى حقوق استكشاف حقول غاز بحرية بقيمة خمسة مليارات دولار.