قطاع غزة - مصدر الإخبارية
يواصل آلاف الفلسطينيين في قطاع غزة العودة إلى منازلهم ومناطقهم المدمرة مع دخول الهدنة يومها الثالث، بعد حرب استمرت أكثر من عامين خلّفت دمارًا واسعًا في البنية التحتية وتشريد مئات الآلاف من السكان. وخلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، سُجلت عودة ما يقرب من نصف مليون نازح إلى مدينة غزة، في مشهد إنساني يعكس حجم الكارثة التي عاشها القطاع.
وعلى صعيد آخر، تجري في غزة استعدادات ميدانية لبدء عملية تبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل، والمتوقع أن تنطلق صباح الإثنين، وفق ما أكده القيادي في حماس أسامة حمدان. وأوضح أن عملية الإفراج ستشمل 48 محتجزًا، من بينهم أحياء وأموات، معظمهم من الإسرائيليين، مشيرًا إلى أن التنفيذ سيتم تحت إشراف مباشر من الوسطاء الدوليين.
في موازاة الهدنة، تستعد مصر لاستضافة قمة دولية في شرم الشيخ تحت عنوان قمة شرم الشيخ للسلام، بمشاركة أكثر من عشرين زعيمًا عالميًا، من بينهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وذكرت الرئاسة المصرية أن القمة ستُعقد برئاسة مشتركة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الأميركي، وستركز على آليات إنهاء الحرب وإطلاق مسار سياسي شامل يضمن استقرار المنطقة وإعادة إعمار غزة.
وفي الجانب الإنساني، دخلت مئات شاحنات المساعدات إلى معبري كرم أبو سالم والعوجة للتفتيش قبل دخولها القطاع، وذلك للمرة الأولى منذ آذار/ مارس 2025. وتشمل المساعدات مواد غذائية وأدوية ومستلزمات طبية عاجلة، في وقت يواصل فيه آلاف الأهالي العودة إلى منازلهم المدمرة، بينما تعمل طواقم الدفاع المدني على انتشال جثامين الشهداء من تحت الأنقاض في مختلف المناطق.
وقال مدير مجمع الشفاء الطبي في غزة إن الوضع الصحي ما زال كارثيًا رغم دخول الهدنة حيز التنفيذ، مؤكدًا أن 350 ألف مريض من أصحاب الأمراض المزمنة لا يجدون أي علاج. وأضاف أن حاجة القطاع ماسة إلى بدائل عاجلة للمستشفيات المدمرة والخارجة عن الخدمة، وأن التواصل مع المنظمات الدولية لم يثمر عن تحسن ملموس حتى الآن، مشيرًا إلى أن إعادة ترميم القطاع الصحي ستحتاج إلى سنوات طويلة وموارد مالية ضخمة.
في المقابل، أفاد مجمع ناصر الطبي في خانيونس بارتقاء شهيد بنيران الاحتلال شمال غرب مدينة رفح، حيث لا تزال قوات الجيش الإسرائيلي متمركزة في المنطقة، كما تم انتشال جثامين ثلاثة عشر شهيدًا من مواقع متفرقة في مدينة خان يونس جنوبي القطاع، ما يؤكد استمرار الخروقات الميدانية رغم سريان وقف إطلاق النار.
أما الوساطة القطرية، فأكد رئيس الوزراء القطري في تصريحات لصحيفة نيويورك تايمز أن الوسطاء اختاروا تأجيل الملفات الأكثر تعقيدًا لأن الأطراف لم تكن جاهزة لحوار شامل، موضحًا أن هذا النهج المرحلي هو ما مكّن من تحقيق النتائج الحالية، وأن إحدى القضايا الجوهرية المطروحة هي مصير سلاح حماس بعد انتهاء الحرب.
وبينما تسعى الأطراف الإقليمية والدولية إلى تثبيت الهدنة وإطلاق عملية سياسية جديدة، يعيش الفلسطينيون في غزة لحظات متباينة بين الأمل بوقف دائم للقتال والخوف من انهيار التفاهمات، في وقت تبدو فيه إعادة الإعمار والعودة إلى الحياة الطبيعية تحديًا طويل الأمد يتجاوز حدود السياسة والهدنة المؤقتة.