يعيش مرضى السرطان في قطاع غزة أوضاعًا صحية كارثية، وسط استمرار الإغلاق الإسرائيلي للمعابر ومنعهم من السفر لتلقي العلاج خارج القطاع، الذي يتعرض منذ ما يقارب العامين لعمليات إبادة جماعية، ما جعل حياتهم مهددة بالموت البطيء.
وتتفاقم معاناتهم بفعل النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، إضافة إلى توقف خدمة العلاج الكيماوي الوريدي منذ نهاية مايو/أيار الماضي، الأمر الذي ضاعف احتمالات تعرضهم لمضاعفات خطيرة.
في مقطع فيديو نشرته وزارة الصحة بغزة، ناشد أطباء ومرضى مصابون بسرطان الدم المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية التدخل العاجل لإجلائهم من القطاع لإنقاذ حياتهم. ووفق بيانات الوزارة، فإن أكثر من 11 ألف مريض سرطان محرومون من العلاج والرعاية المناسبة، في وقت نفدت فيه 64% من الأدوية الأساسية الخاصة بالمرض.
إغلاق المعابر يزيد الكارثة
منذ سيطرة إسرائيل على معبر رفح في 7 مايو/أيار 2024، ومنعها حركة سفر المرضى والجرحى باستثناء أعداد محدودة عبر منظمة الصحة العالمية، ينتظر 25 ألف مريض وجريح فرصة للعلاج بالخارج، بينهم 17 ألفًا أنهوا إجراءات التحويلات الطبية لكنهم عالقون بسبب الإغلاق.
وبحسب إحصاءات وزارة الصحة، فقد توفي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى يونيو/حزيران الماضي 1500 مريض سرطان نتيجة حرمانهم من العلاج، بمعدل حالتي وفاة يوميًا.
أصوات استغاثة
أخصائي أمراض الدم في وزارة الصحة، الدكتور صالح الشيخ عيد، حذّر من خطورة تأخر العلاج، مشيرًا إلى أن بعض المرضى لديهم تحويلات علاجية لكن الإغلاق الإسرائيلي يمنع مغادرتهم، مثل الشاب أحمد عيسى المصاب بسرطان الدم منذ أربعة أشهر، والذي ناشد عبر الفيديو المجتمع الدولي لتأمين خروجه.
كما روى والد المريض عبد الرحمن الناجي أن ابنه حصل على تحويلة للعلاج منذ عام كامل دون أن يتمكن من السفر، موضحًا أن المرض عاد إليه بشكل أعنف بعد أن تعافى سابقًا.
استهداف منهجي للقطاع الصحي
منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تعمدت إسرائيل استهداف البنية التحتية الصحية، حيث دُمّر أو أُخرج عن الخدمة 38 مستشفى و96 مركز رعاية أولية و197 سيارة إسعاف، وفق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
وطال القصف مركز غزة للسرطان الوحيد بمستشفى الصداقة التركي الفلسطيني، الذي توقف عن العمل نهاية 2023، ما اضطر لنقل الخدمات إلى مستشفى غزة الأوروبي، قبل أن يتوقف هو الآخر في 15 مايو الماضي. ولم يبق سوى مستشفى ناصر في خان يونس يقدم الجرعات الكيماوية، لكنه يواجه نقصًا حادًا في الأدوية والمستلزمات.
انهيار شامل للنظام الصحي
الحصار الإسرائيلي المشدد منذ مارس/آذار الماضي، ومنع دخول المساعدات إلا بكميات محدودة، أدى إلى تفاقم انهيار النظام الصحي. ومع تفشي الأمراض المعدية نتيجة النزوح القسري، سجلت السلطات المحلية أكثر من مليوني إصابة بأمراض معدية و71 ألف إصابة بالكبد الوبائي منذ بدء العدوان.
مؤسسات حقوقية وصحية دولية حذرت مرارًا من انهيار كامل للنظام الصحي في غزة ما لم يتوقف الاستهداف الإسرائيلي وتُفتح المعابر أمام المرضى والمساعدات.