الأسرى بحاجة إلى أكثر من احتفال في يوم الأسير

مقال- هاني المصري

الأسرى بحاجة إلى ما هو أكثر من احتفال سنوي بهم في يوم الأسير، بل هم بحاجة إلى إجابات لماذا هناك أسرى أمضى بعضهم أكثر من أربعين عامًا في الأسر، وأكثر من ألف منهم أسرى إداريون، وبعضهم منذ ما قبل توقيع اتفاق أوسلو، الذي لم ينص على إطلاق سراحهم.

وفي كل يوم يزيد عدد الأسرى؛ حيث زاد عددهم بأكثر من ٢٣٠٠ أسير منذ بداية هذا العام ، وتقسو إجراءات الاحتلال ضدهم، لدرجة إقرار قوانين تتعلق بالأسرى، تشمل الجنسية والإعدام وتقنين العلاج.

الأسرى الذين بلغ عددهم مليون أسير، قاموا بواجبهم عندما صمدوا رغم قسوة السجون والزنازين، وتمسكوا بقضيتهم وبالحقوق الفلسطينية، بما فيها حق الشعب المحتل بمقاومة الاحتلال مقاومة شاملة،كما قال القائد الأسير مروان البرغوثي.

بينما القيادة الرسمية أولًا، والقيادات والقوى ثانيًا، والنخب والمؤسسات المدنية ثالثًا، والأفراد رابعًا، وأخيرًا لم يقوموا بواجبهم الذي لن يكون إلا بوضع السياسات والإجراءات الكفيلة بتحرير الأسرى، لا تذكرهم بالمناسبات والإشادة بهم والتضامن معهم، وتخفيف قساوة السجن عليهم فقط.

يوم الأسير الفلسطيني.. بطولاتٌ خلف القضبان ولا رادع لقهر السجان

ساره عاشور – خاص مصدر الإخبارية 

تتفاقم معاناة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال عاماً بعد عام ويوماً بعد يوم ومع زيادة المعاناة وتطورها يصعب الوصف ويصعب معه شكل التضامن والدعم الذي يمكن أن يقدم في سبيل الضغط لنيل حريتهم أو حتى لنيل حقهم الإنساني داخل المعتقل، تمر اليوم ذكرى يوم الأسير الفلسطيني 17 نيسان / أبريل ليكون أبطال المعتقلات محور الصورة وليكونوا عنوان التضحية والصبر على مر التاريخ.

تعذيبٌ وتنكيل وحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية، عنوان يمكن أن يصف جزءً بالغ الصغر من حجم المعاناة التي يعيشها الأسير الذي يفني عمره وزهرة شبابه داخل المعتقل، معاناة تفرعت وتشعبت واتخذت من معاناة أخرى طريقاً لها، فمن مآسي داخل المعتقل تمتد إلى خارجه، حيث ذوي الأسرى الذين تحرمهم سلطات الاحتلال من رؤية أبنائهم وزيارتهم لأعوام طويلة، وقد يخرج الأسير بعد انقضاء محكوميته ليتجه لقبور والديه بدلاً من أن يعانقهم بعد طول الشوق، وقد يخرج أحدهم “عزيز النفس” أنساه قهر السجان حتى والدته ولكن لم ينسيه كرامته وعزته.

في السابع عشر من نيسان/ أبريل عام 1974 أقرّ المجلس الوطني الفلسطيني باعتباره السلطة العليا لمنظمة التحرير الفلسطينية، يوماً وطنياً للوفاء للأسرى الفلسطينيين وتضحياتهم، ليكون مناسبة لشحذ الهمم وتوحيد الجهود، لنصرة الأسرى ومساندتهم ودعمهم، وأيضاً لتكريمهم والوقوف بجانب ذويهم ووفاءً لشهداء الحركة الأسيرة، منذ ذلك التاريخ، وحتى يومنا هذا يحيي الفلسطينيين في مختلف أماكن تواجدهم هذه الذكرى بمختلف الوسائل والأشكال.

في ذكرى يوم الأسير. أطفالاً تنتهك براءتهم داخل المعتقل

تحل ذكرى يوم الأسير مع استمرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي باعتقال قرابة 4500 أسير، بينهم 41 أسيرة و140 طفلاً، بينهم 550 أسيراً يعانون أمراضاً ويحتاجون إلى رعاية طبية وعلاج، كما أن هناك على الأقل عشرة أسرى مصابون بالسرطان و بأورام، ويأتي في مقدمتهم الأسير فؤاد الشوبكي (82عاماً) وهو أكبر الأسرى سناً.

بمرور الأعوام يصعد الاحتلال من انتهاكاته تجاه الأسرى ويبتكر طرقاً أحدث للتنكيل بهم والنيل من عزيمتهم، وخلال العامين الأخيرين أتت جائحة كورونا التي اجتاحت العالم ووصلت إلى المعتقلات الإسرائيلية لتخدم الاحتلال و ليتخذها وسيلة جديدة لإذلال الأسرى وتهديد سلامتهم، فقد أصاب الفيروس العديد من الأسرى دون أن يوفر لهم أدنى متطلبات الأمان والوقاية فأصبح الوباء والاحتلال جنباً إلى جنب في مواجهتهم.

ووفقًا لمؤسسات تعنى بشؤون الأسرى فقد وصل عدد الأسرى الذين أُصيبوا بفيروس (كورونا) منذ بداية انتشار الوباء إلى (368) أسيرًا كان من بينهم مرضى، وكبار في السّن، وأطفال.

أعداد وإحصائيات تظهر جزءً من المعاناة

تتوالى الإحصائيات السنوية والشهرية وتتحدث معها الأرقام وفي كل زيادة ونقصان هنالك قصة ألم أو قصة فقد، فقد رصدت المؤسسات التي تعنى وتهتم بأحوال الأسرى الفلسطينيين أعدادهم داخل السجون وكانت على النحو الآتي:

  • قرابة 4500 أسير وأسيرة يقبعون في 23 سجناً ومركز توقيف وتحقيق.
  • 41 أسيرة يقبعن في سجن “الدامون”.
  • 140 طفلاً قاصراً، موزعين على سجون (عوفر، مجدو، الدامون).
  • عدد الأسرى القدامى و القابعين في سجون الاحتلال قبل توقيع اتفاق أوسلو 25 أسيراً، أقدمهم الأسير كريم يونس وماهر يونس المعتقلان منذ عام 1983.
  • 62 أسيراً مر على اعتقالهم 20 عاماً بشكل متواصل ويعرفون بعمداء الأسرى.
  • 543 أسيراً صدر بحقهم أحكاماً بالسجن المؤبد وعلى رأسهم الأسير عبد الله البرغوثي والذي يقضي حكماً مدته 67 مؤبداً

شهداء الحركة الأسيرة

منذ عام 1967 بلغ عدد شهداء الحركة الأسيرة 226 شهيداً، إضافةً إلى مئات الأسرى الذين استشهدوا بعد تحررهم على إثر أمراض ورثوها من السجون، وهنا نرصد ظروف استشهاد الأسرى وهي كالتالي:

  • 75 أسيراً ارتقوا نتيجة القتل العمد
  • 73 استشهدوا جراء التعذيب
  • 7 ارتقوا بعد إطلاق النار عليهم بشكل مباشر
  • 71 نتيجة الإهمال الطبي والقتل البطيء، فقد ارتقى خلال عام 2020 أربعة أسرى داخل السجون نتيجة الإهمال الطبي والتعذيب وهم: نور الدين البرغوثي، وسعدي الغرابلي، وداوود الخطيب، وكمال أبو وعر.

احتجزت إسرائيل جثامين 7 أسرى شهداء وهم الشهيد الأسير أنيس دولة الذي استشهد في سجن عسقلان عام 1980، والشهيد الأسير عزيز عويسات الذي استشهد عام 2018 وفارس بارود وناصر طقاطقة، وبسام السايح وثلاثتهم استشهدوا خلال عام 2019، والشهيدين الأسيرين سعدي الغرابلي وكمال أبو وعر اللذان استشهدوا خلال العام المنصرم 2020.

  • كما بلغ عدد الأسرى المعتقلين إدارياً (440) معتقلاً.

اقرأ أيضاً: “حماس” و “الجهاد الإسلامي” تؤكدان تمسكهما بخيار تحرير الأسرى

وحتى مطلع العام الجاري واصلت سلطات الاحتلال اعتقالاتها الممنهجة التي لم تستثني فيها أي من فئات المجتمع الفلسطيني حيث اعتقلت منذ يناير 2021 أكثر من 230 طفلاً تقل أعمارهم عن 18 عاماً و39 امرأة، فيما أصدرت مخابرات الاحتلال الإسرائيلي أكثر من (280) أمر اعتقال إداريّ، كانت أعلى نسبة اعتقالات في القدس، حيث وصل عدد حالات الاعتقال لـ(500) حالة اعتقال، بينهم (144) طفلًا، و(28) من النساء.

اعتقال النساء والأطفال

وتفيد دراسات الرصد والتوثيق أن سلطات الاحتلال اعتقلت أكثر من (16) ألف امرأة فلسطينية منذ العام 1967، وكانت أول أسيرة في تاريخ الثورة الفلسطينية هي الأسيرة فاطمة برناوي من القدس، والتي اُعتقلت عام 1967، وحُكم عليها بالسّجن المؤبد، وأُفرج عنها عام 1977.

فيما تواصل اليوم سلطات الاحتلال اعتقال (41) فلسطينية في سجونها، أقدمهنّ الأسيرة أمل طقاطقة من بيت لحم، المعتقلة منذ تاريخ الأول من كانون الثاني/ ديسمبر 2014، ومحكومة بالسجن لمدة (7) سنوات، ومن بين الأسيرات (3 رهن الاعتقال الإداريّ).

وتتعرض الأسيرات الفلسطينيات لكافة أنواع التّنكيل والتّعذيب التي تنتهجها سلطات الاحتلال بحقّ الأسرى الفلسطينيين، بدءاً من عمليات الاعتقال من المنازل، وحتّى النقل إلى مراكز التوقيف والتحقيق، ولاحقاً احتجازهنّ في السجون.

الأسرى يواجهون سياسة الاحتلال

رسخ الأسرى على مدار سنوات الاعتقال أدواتهم الخاصة في مواجهة إدارة السجون وسياستها، وتمكنوا بأمعائهم الخاوية، وبخطوات وأدوات احتجاجية جماعية كانت أم فردية، من الدفاع عن حقوقهم وانتزاعها، كما تمكن العديد منهم من استكمال دراستهم، وشكلت عملية التعليم والتثقيف جزءاً مركزياً في أدواتهم لمواجهة إدارة السجون وكسر أهدافهم الرامية إلى عزل الأسرى وسلب فعاليتهم، كما تمكن العديد منهم من إنتاج الدراسات والكتب والروايات، والتي تركز في معظمها حول ظروف الاعتقال وجور السجان وظلمه.

يأتي هذا العام استثنائياً في ظروفه السياسية أيضاً، فقد بدء بإعلان مرسوم رئاسي يقضي بإجراء الانتخابات العامة، الأمر الذي من شأنه أن يجدد الشرعيات ويعطي قضية الأسرى ثقلها من جديد من خلال جعلها محوراً وملفاً على رأس الملفات التي ينبغي أن يكون بها حلاً ينهي حالة القهر والظلم التي يكابدها الأسرى الفلسطينيين، كما يأتي قرار المحكمة الجنائية الدولية في مصلحة الأسرى إذ يمكنهم من مقاضاة الاحتلال حول قضايا تخصهم وعلى رأسها قضية التعذيب والقتل العمد والإهمال الطبي، وغيرها

صدى قضية الأسرى في ذكرى يومهم حاضراً أيضاً على منصات التواصل الاجتماعي بقوة فقد دعا نشطاء للتغريد والتفاعل على وسم #عيش_معهم لنقل الصورة القاتمة التي يراها الأسير الفلسطيني داخل المعتقل ومحاولة معايشة واقعهم ولو بشكل افتراضي كشكلٍ من أشكال التضامن التي أنتجها العصر الحديث وفي ظل ظروف جائحة كورونا التي تمنع أشكال التجمع دعماً لرموز القضية.

 

Exit mobile version