خصومات رواتب السلطة.. دلالات أزمة فعلية أم استجداء للمانحين؟

صلاح أبو حنيدق- خاص شبكة مصدر الإخبارية:

أعلنت وزارة المالية الفلسطينية صرف رواتب الموظفين العموميين ( السلطة) اليوم الثلاثاء عن شهر تشرين ثاني (نوفمبر) الماضي، بنسبة 75% وبحد ادنى 1650 شيكل، مما يضع فئة الموظفين والاقتصاد المحلي بأوضاع صعبة، لاسيما وأن السواد الأعظم منهم مقترضون من البنوك الفلسطينية، ويضع تساؤلات عديدة حول حجم الأزمة المالية التي دفعت بالحكومة لاتخاذ هذه الخطوة.

ويرى محللون اقتصاديون، أن قرار الخصومات سيترك تداعيات كبيرة على الموظفين كونهم يعولون بشكل أساسي لتلبية احتياجاتهم المعيشية، ولا يملكون مصادر دخل أخرى، وأكثر من نصفهم في فلسطين مقترضين من البنوك، وفي قطاع غزة ترتفع النسبة لما يزيد عن 80%.

ويقول الاقتصادي أسامة نوفل لشبكة مصدر الإخبارية، إنه يجب الأخذ بالاعتبار بدرجة أولى إذا كان قرارها بصرف 75% قيمة الراتب ينبع عن حاجتها الملحة لتمويل ميزانيتها بشكل عاجل ووجود مشكلة بحجم ايراداتها العامة.

ويضيف نوفل أنه وفق التقارير الرقابية لميزانية الحكومة الفلسطينية تشير إلى وجود زيادة بنسبة 6% بحجم الإيرادات المحلية، مقابل تراجع بالإنفاق العام منذ منتصف العام 2021 بنسبة 30%، مما يضع تساؤلات عديدة عن مدى جدية عدم مقدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه فئة الموظفين بسبب الاقتطاعات الإسرائيلية من المقاصة والتراجع الكبير بالمساهمات الخارجية للمانحين.

خلل بالتعامل مع الأزمة المالية

ويشير نوفل إلى أن سياسات الحكومة المتبعة تجاه التعامل مع أزمتها المالية تدلل على وجود خلل واضح في إدارة الميزانية كون اجراءاتها لم تمس النفقات الأخرى والكماليات مثل مصروفات السفر وشراء السيارات والرواتب العالية لكبار مسئولي السلطة التي تصل رواتبهم لأكثر من 16 ألف شيكل، وإيجارات الفنادق والشقق، والمبالغ الأخرى التي تستهدف السفارات والقنصليات الخارجية.

غزة المتضرر الأكبر

ويؤكد نوفل أن الضرر الاكبر من قرار الحكومة سيقع على قطاع غزة مقابل الضفة الغربة، حيث أكثر من 80% من رواتب الموظفين هي قروض وتعتبر رواتبهم رافد أساسي للسيولة النقدية وتحريك الأسواق المحلية وخفضها سيؤدي لتضرر الحركة الشرائية بدرجة أولى لكافة فئات المجتمع.

ويشير نوفل إلى أن مداخيل الاقتصاد في الضفة الغربية لا تعتمد على رواتب الموظفين فقط في ظل حجم العمالة الفلسطينية الكبيرة في الداخل المحتل وعوائدهم المالية التي تضاهي بكثير مدخولات الموظفين.

ويلف إلى أن سبب لجوء الحكومة لإجراء الخصومات على الرواتب يرجع لكونها تستحوذ على القسم الأعلى من حجم الانفاق.

إجراء غير قانوني مُشرع فلسطينياً

بدوره يقول الاقتصادي هيثم دراغمة، إن إجراء الخصم من رواتب الموظفين لا يستند لأي قانون لكنه في الحالة الفلسطينية والأوضاع الاقتصادية تُعطي الحكومة أحقية بتقديم ما تستطيع من رواتب، حال كانت أزمتها حقيقية ولا تدخر شيء.

ويضيف دراغمة في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية، أن” أي حكومة لو كانت الأموال متوفرة ستدفع رواتب كاملة إلا إذا كان على أجندتها رغبتها بالضغط والتأثير على دول العالم فيما يتعلق بتحويل مساهماتها المالية للخزينة الفلسطينية”.

ويتابع” لربما يكون هناك أموال وتتظاهر الحكومة بوجود أزمة أمام العالم للاستجابة العاجلة لمطالبها فيما يتعلق بالمساعدات المالية وتحسين الاوضاع الاقتصادية، وهذا الإجراء مشروع بعد توقف الدول عن تقديم أي مبالغ مالية للميزانية ووصولها للحد الأعلى من الاقتراض”.

ويشير دراغمة إلى أن قرار الخصومات على الرواتب ليس بالجديد وسببها الأساسي الاستنزاف الكبير لأموال المقاصة من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي التي تجريها بشكل شهري، والتي توسعت لتشمل رواتب الأسرى وأسر الشهداء ومستحقات الكهرباء والمياه والشركات الأخرى.

إرباك حسابات الموظفين

ويؤكد دراغمة، أن قرار الحكومة من شأنه التأثير على الاقتصاد بشكل عام وارباك حسابات الموظفين والمواطنين على حد سواء، وزيادة الركود الاقتصادي في الأسواق المحلية، خصوصاً وأن أكثر من نصف رواتب الموظفين تقد لصالح قروض للبنوك المحلية وشيكات مؤجلة.

ويشدد دراغمة أن 25% التي جرى خصمها من الراتب هي السقف التي كان الموظف يغطي بها التزاماته الحياتية مما سينعكس سلباً على جميع القطاعات الاقتصادية خلال الأيام القليلة القادمة.

ويبلغ عدد الموظفين العموميين المثبتين في دفاتر ديوان الموظفين، وهم على رأس عملهم، نحو 136 الف موظف تشكل فاتورة أجورهم قرابة 550 مليون شيكل. وترتفع فاتورة الرواتب الموظفين العموميين إلى متوسط 850 مليون شيكل مع إضافة أشباه الرواتب (متقاعدون، مخصصات.. الخ)، ليبلغ إجمالي المستفيدين نحو 210 آلاف.

غانم: مقترح لإجراء خصومات على رواتب موظفين السلطة للأشهر القادمة

رام الله- مصدر الإخبارية:

قال أمين عام مجلس الوزراء الفلسطيني أمجد غانم، اليوم الأربعاء، إن الحكومة ناقشت مقترحاً لاقتطاع جزء من رواتب موظفين السلطة خلال الأشهر القادمة.

وأوضح غانم في حديث لإذاعة صوت فلسطين الرسمية، أن هناك مقترح لاقتطاع جزء بسيط من رواتب موظفي السلطة خلال الأشهر القادمة، للإيفاء بالالتزامات المالية لجميع فئات الموظفين والطبقات الاجتماعية، والقطاع الخاص والأدوية والتحويلات الطبية، وتشغيل مؤسسات الحكومة كاملة.

وأكد غانم، أن الأمر لا يزال محل النقاش وهو مقترح لم يتخذ القرار فيه.

وأشار إلى أن جلسة الحكومة الأخيرة خصصت لمناقشة الوضع المالي الصعب بسبب الخصومات المتكررة من قبل إسرائيل وعدم حصول الميزانية على أي دعم من الدول العربية والاجتماعية، وارتفاع فاتورة الرواتب والكثير من القضايا المرتبطة بهذا الشأن.

ولفت إلى أن الجلسة لفتت لمعالجة هذه الأوضاع للخروج بطريقة سليمة تمكن الحكومة من تجاوز الأزمة المالية في الأشهر القادمة.

ونوه إلى أن الجلسة ركزت على تعظيم الإيرادات وتقليل النفقات الى أقل درجة ممكنة، مؤكداً عدم فرض ضرائب جديدة على المواطنين.

وتعاني السلطة الفلسطينية من أزمة مالية خانقة نتيجة اقتطاع الاحتلال الشهري لأموال المقاصة منذ العام الماضي، وعدم تلقي خزينتها أي مساعدات مالية من المانحين منذ بداية 2021 سوى مساهمة واحدة بقيمة 15.6 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي في حين تصل قيمة الالتزامات المالية المتراكمة عليها 30 مليار شيكل، 12 مليار شيكل منها دين عام، و18مليار شيكل متأخرات للقطاع الخاص وهيئة التقاعد.

مسئول بمالية رام الله: خصومات على رواتب السلطة وتأجيل صرف الشؤون

صلاح أبو حنيدق –مصدر الإخبارية:

كشف مسئول فلسطيني رفيع المستوى، أن وزارة المالية برام الله عمدت فور إعلان الاحتلال الإسرائيلي اقتطاع 597 ملايين شيكل من أموال المقاصة العمل وفق خطة تقشفية تقوم على تقليل النفقات العامة وإجراء خصومات على رواتب موظفين السلطة وتأجيل صرف مخصصات الشؤون الاجتماعية إلى أجل غير مسمى قد يستمر إلى حين تحويل الاتحاد الأوروبي لمساهمته المالية بأكتوبر المقبل.

وقال المسئول في وزارة المالية الذي فضل عن هويته لشبكة مصدر الإخبارية، إن القرار الإسرائيلي بخصم 597 ملايين شيكل من المقاصة كانت السلطة الفلسطينية على علم مسبق به قبل إعلان الاحتلال عنه، وحاولت معالجة الأمر من خلال إبلاغ الإسرائيليين بأن ملف رواتب الأسرى تم تسويته من خلال إحالتهم للتقاعد وفرزهم كموظفين رسمين في مؤسساتها، وأنها قد تنهار وتعجز عن تقديم خدماتها قريباً.

وأكد المسئول، أن الاحتلال الإسرائيلي كان يبلغ وزارة المالية برام الله باقتطاعات شهرية من أموال المقاصة، وكان أخرها إبلاغها نهاية مايو الماضي بخصم 597 ملايين شيكل من المقاصة وصنفته وزارة المالية في حينه تحت بند “صافي الإقراض”.

يذكر أن الاحتلال أعلن عن الاقتطاع من المقاصة بداية يوليو أي بعد شهرين من إبلاغ وزارة المالية برام الله بالاقتطاعات الشهرية.

وقال المسئول إن المالية تتجه لإقرار خطة تقوم على ترشيد النفقات، شملت مبدئياً تأجيل صرف مخصصات الشؤون الاجتماعية إلا أجل غير مسمى مع عدم تحويل الاتحاد الأوروبي لمساهمته فيها، وإجراء خصومات على رواتب موظفي السلطة تتراوح مابين 50 و60 % على أن تصرف رواتب كاملة لمن تقل رواتبهم عن 1750 شيكل.

وأشار المسئول إلى أن ما يصل إلى 25% من الموظفين سيتلقون رواتب كاملة والباقين ستتراوح رواتبهم ما بين 50 و60%.

وأكد المصدر أن القرار الإسرائيلي بالاقتطاع جاء رغم إبلاغ السلطة للاحتلال بتحويل ما يصل إلى 5 ألاف أسير للتقاعد وفرز2500 أخرين في المؤسسات الحكومية مما يعتبر انتهاكا صارخاً للقوانين الدولية.

وشدد أن هناك توجه رسمي نحو العودة لسياسة الاقتراض من البنوك المحلية كخيار أولي على أن تجدد مطالباتها للمانحين للوفاء بالتزاماتها المالية منوهاً إلى أن عدم تحويل الدول المانحة لأي أموال لميزانية السلطة سيزيد الأمور تعقيداً.

ولفت إلى أن السلطة الفلسطينية تنتظر رداً من الولايات المتحدة على مطالب قدمتها لنائب وزير الخارجية الأمريكي هادي عمرو، بتراجع الاحتلال عن سياسات الاقتطاع من المقاصة وتقديم تسهيلات اقتصادية تحول دون انهيارها.

وتصل قيمة عوائد المقاصة الضريبة لحوالي 180 مليون دولار أمريكي شهرياً يجبيها الاحتلال الإسرائيلي بدلاً من السلطة الفلسطينية مقابل نسبة عمولة 3%.

Exit mobile version