كتب توفيق أبو شومر: ممنوع الاقتراب والتصوير!

أقلام- مصدر الإخبارية

كتب توفيق أبو شومر: أظل أتذكر رئيس الوزراء الماليزي، مهاتير محمد، باعتباره نموذجا ناجحا لرؤساء الوزارات الذين فهموا معادلة التقدم والنهضة، فعندما تولى رئاسة الوزراء من عام 1981-2003 بدأ تطبيق معادلة النهضة والتقدم، نقل ماليزيا إلى دولة تكنلوجية متقدمة، بدأ أولا بالتعليم، لأنه كان كذلك وزيرا التعليم، بدأ مشروعه الثوري في التعليم بتطهير المدارس والجامعات من ألعاب السياسة؟

ثم أشرف على إرسال البعثات التعليمية في المجالات العلمية ليقتبس المبعوثون الخبرة التكنلوجية من اليابان والصين، ولم يفعل مثلما يفعل المسؤولون في الدول النائمة! حين يرسلون المتفوقين من أبنائهم إلى الخارج ليحصلوا على الجنسيات الأجنبية ويساهموا في نهضة تلك البلدان ولا يشاركون في نهضة أوطانهم! أشرف، مهاتير محمد على تحسين ظروف المعلمين وبنى المدارس الجميلة ووضع المناهج الحديثة، ونقل أبناء المزارعين الماليزيين من فلاحة الحقول التقليدية إلى عالم التكنلوجيا الحديثة، وأسس المصانع!

قال بتواضع في كتابه، (طبيب ورئيس الوزراء): “أنا بنيت مشاريعي على ما أسسه أسلافي، وضعت استراتيجية التقدم، وبدأت بالحد من الفقر، وجذب الاستثمارات الأجنبية، بحيث نما الاقتصاد الماليزي عام 1997 إلى فائض يقدر بتسعة في المائة”!

هو نفسه طارد الجواسيس من المرتشين والفاسدين والعملاء لجهاتٍ أجنبية، حظر على المسؤولين قبول الهدايا والمكافآت والرشاوى من الجهات الأجنبية!

سأظل أتذكر جملةً كانتْ تُكتبُ على جدران المواقع العسكرية في بلاد العرب: (ممنوع الاقتراب والتصوير) كان الجاسوس بالمفهوم التقليدي السالف هو من يُفشي معلوماتٍ سريةً عن أعداد الجيش وعتاده، واستعداداته القادمة! تغير هذا المفهوم في ألفيتنا الثالثة، بعد أن تمكنت الأقمار الصناعية وتكنلوجيا العالم الرقمي الحديث من كشف المستور من قوات الجيش والعتاد الحربي، صارت العمالة والجوسسة تعني شيئا آخر، تعني في أبسط مدلولاتها الحديثة استخدام العملاء لنشر الشائعات، لأن الشائعات سلاحٌ تدميريٌ فائق القدرة، يُدمِّر الروح المعنوية لجميع المواطنين، ويحول الأوطان من أوطانٍ منتجة، إلى أوطان كئيبة محبطة، لا ترغب في الانتقام من الأعداء الحقيقيين، بل تحول غضبها إلى انفجار داخلي واقتتال وطني بين الإخوة والأشقاء، يصبح العدو صديقا، والصديق عدوا لدودا!

ومن أشكال العمالة، أن يُمكَّن العملاءُ من قيادة مفاصل الأوطان الخطيرة!

إذ يكفي مثلا تعيينُ وزيرٍ واحد عميلٍ للأعداء لوزارة المالية أو الاقتصاد في أي بلد ليُدمر اقتصادها، ويُضلل الجماهير ويدَّعي بأن إصلاحاته الاقتصادية تدخل تحت شعار تحرير(الاقتصاد الوطني)!

وكذلك الحال عندما يُعيَّن وزيرٌ من قبل المتآمرين على الأوطان ليتولى وزارة التربية والتعليم، حتى يقضي قضاء مبرما على مستقبل الأمة، ويُقصيها عن المنافسة على قيادة عربة المستقبل!

مع العلم أن هناك أيضا رؤساء دول يحكمون بلدانهم حكما مُطلقا، مكَّنهم الأعداءُ من الوصول إلى سدة الحكم يخضعون للتوصيف السابق، هم أيضا يقودون شعوبهم إلى مقصلة التاريخ، يعدمونهم بالفقر والفاقة، ويُمرضونهم بالكآبة والإحباط، ويهجِّرون أبناءهم من أوطانهم! هؤلاء جميعُهم مُضلِّلون، يفعلون ما يفعلون خدمة لأسيادهم ممن مكنونهم من قيادة بلدانهم، والغريب في ذلك أن معظم هؤلاء المأجورين يرفعون شعار مُضلِّلا ويُبررون أعمالهم تحت الشعار المعروف وهو (خدمة الوطن)!

هؤلاء المتآمرون يُعلِّمون الأبناء في المدارس الأحاجي الصعبة، والنظريات المعقدة، ويدعون أن تلك الصعوبة مطلبٌ ضروريٌ سيرفع الأمة للعلا، وكذلك حين يجرعونهم أناشيد مدح الرؤساء، والثناء عليهم، فإنهم يدعون أيضا بأن الولاء فضيلة وطنية وعلامة طاعة تؤدي إلى التقدم والرفعة، وإذا كدسوا الطلاب في فصول الدراسة، وأنهكوا المدرسين وأفقروهم يزعمون أنهم جنودٌ في سبيل الوطن!

ويكفي أن يكون قادةُ الجيش مُواليين لجهاتٍ أجنبية، فالقائد العميل يمكنه في غمضة عين أن يُلقي بالوطن كله في أتون حربٍ طاحنة، ويدعي أن ما فعله يدخل في إطار (البطولة الوطنية)، ومن أبرز العلامات على هؤلاء القادة أنهم يُحوِّلون الهزيمة إلى نصر مُبين! مُدَّعينَ أن غايتَهُ رفعُ الروح المعنوية، واستثارة الحمية الوطنية لأبناء الشعب!

لن أنسى أيضا أن هناك زعماءَ عربا مخلصين كثيرين تولوا السلطة وأحدثوا نقلة نوعية في المجتمع العربي قبل الألفية الثالثة، هؤلاء الرؤساء والقادة الناجون من مؤامرة العملاء والجواسيس تمكنوا من نقل دولهم إلى مصاف الدول المتقدمة، عندما انتبهوا إلى أن التقدم لا يمكن أن يتم إلا عبر خطط عديدة تبدأ بالبنية التحتية للتقدم، وهي التعليم، فلا غرابة

حين كانت الجامعات المصرية، والعراقية والسورية والتونسية تتفوق على الجامعات العالمية في مجالات العلوم والأبحاث والدراسات، وكان شعار التعليم هو رفع مستوى الوطن، والمشاركة في تقدم وتحضر المجتمع، كل ذلك قبل هيمنة جواسيس العولمة، ممن تمكنوا من إحباط تلك الجهود!

للأسف فإن هؤلاء العملاء حولوا الغاية من التعليم من مصنع لإنتاج المستقبل إلى حواضن ودفيئات لمنح الشهادات لتحقيق هدف واحد فقط وهو الحصول على وظيفة حكومية خالية من الإبداع والإنتاج، وتحويل الأوطان إلى أوطان العجزة والمقعدين!

اقرأ/ي أيضًا: السلطة وحماس ماذا يريدون من المجتمع المدني

كتب توفيق أبو شومر: هل اتفاق أوسلو سفينة تايتنك؟!

أقلام- مصدر الإخبارية

يختلف تقييم اتفاقيأوسلو من وجهة النظر الإسرائيلية عن تقييم الفلسطينيين والعرب ودول العالم، أما العقيدة السائدة أو الاستراتيجية الرئيسة عند معظم الإسرائيليين، بخاصة في ظل حكومة اليمينيين الحالية هي أن الغالبية العظمى من السياسيين الإسرائيليين يُجمعون على أن اتفاق أوسلو التي مرَّ على توقيعه ثلاثون عامًا هو إحدى أكبر الكوارث على إسرائيل.

وقد أكَّد أحد الليكوديين البارزين، وهو من مستشاري نتنياهو، وهو رئيس أهم جمعية لتهجير يهود العالم إلى وطننا، وهو، متشل فروند، أكَّد على العقيدة السابقة في مقالٍ له في صحيفة الجورسلم بوست يوم 10-9-2023م، شبَّه اتفاق أوسلو بسفينة تايتنك الغارقة، وأنها شجعت الإرهاب، حين سمحت للفلسطينيين (الإرهابيين) أن يعودوا ومعهم الذخيرة والسلاح، أورد، متشل فروند إحصاءً عن عدد القتلى الإسرائيليين يؤكد نظريته: “قُتل في خمس السنوات الأولى من اتفاقية أوسلو 279 إسرائيليا، وهذا العدد أكبر مما قُتل من الإسرائيليين في خمسة عشر سنة قبل توقيع اتفاق أوسلو، فقد بلغ عدد القتلى الإسرائيليين خلال 15 سنة، قبل أوسلو 254 إسرائيليا فقط”!

ردد الكاتب ادعاءات إسرائيل الرسمية، وهي أن السلطة الفلسطينية تُحرِّض على القتل، وتدعم الإرهابيين بالمرتبات والمزايا، وكذلك فإن غزة تُطلق الصواريخ على المدنيين!

أورد كل ذلك ليؤكد مطالبه بأن تُعلن إسرائيل لأمريكا والعالم، بأن حل الدولتين أصبح مستحيلا، وهو لا يكتفي بذلك، بل إنه يعتبر حل الدولتين أكبر النتائج الكارثية أكبر من الاتفاق نفسها، أوسلو أفرزت شعار (حل الدولتين) هذا الحل لم يعد شعارا بل أصبح حلا مُتبنَّى من أمريكا وأوروبا ومعظم دول العالم!

وهو أيضا يُحذر الإسرائيليين من توقيع أية اتفاقية سلام لأن السلام سرابٌ خادع، وهو أيضا يردد ما زعمته إسرائيل، أن الفلسطينيين أعداء السلام، لأنهم رفضوا مشروع إيهود باراك للسلام، ورفضوا أيضا عروض إيهود أولمرت رئيس الوزراء الأسبق، وكأن أولمرت وباراك قدما مشروعا وتنازلات للفلسطينيين!

أشار الكاتب إلى أن رابين وبيرس اللذينِ وقعا اتفاق السلام جلبا الكارثة على إسرائيل!

أوردتُ شطرا من هذا المقال لأنه يمثل وجهة نظر الأكثرية في حكومة نتنياهو!

لم يكتفِ، متشل فروند بنقد الاتفاقية، بل إنه وضع إستراتيجة وخطة طريق لكل حكومات إسرائيل، وهي لا للتفريط في أمن إسرائيل بالاعتماد على الضمانات الأمريكية والدولية، يجب أن يظل الأمن في يد إسرائيل وحدها فقط، أما الاستراتيجية الثانية فهي منع أية حكومة من العودة إلى اقتراح حل الدولتين، لأن التاريخ لم يحفظ في سجله تأسيس أية دولة فلسطينية، إن حل الدولتين كارثيٌّ على إسرائيل، لأن ذلك سيمنع أصحاب الأرض الإسرائيليين من البناء في أرضهم، أما الإستراتيجية الأخرى فهي استراتيجية الاستيطان المركزية ملخصها، الإسرائيليون هم أصحاب الأرض فقط، وكأن أصحاب الأرض الفلسطينيين أصبحوا في عقيدة هذه الحكومة غُزاة أرض إسرائيل!

أما نحن فقد اكتفى ناقدو هذا الاتفاق من الفلسطينيين، بمن فيهم معظم من وقَّعوا عليها، وأبرزهم الرئيس أبو عمار نفسه اكتفوا بنقد الاتفاقية أو بعض بنودها، واكتفوا بتبرير ظروف توقيعها، وبأنها كانت هي الخيار الوحيد أمام النضال الفلسطيني المهدد بالتصفية في معظم بلدان العالم، فمن قائلٍ: إنها كانت أسوأ كوارث التاريخ الفلسطيني، ومِن قائلٍ إنها كانت ناتجة عن مؤامرةٍ دولية وكلُّ مَن وقعوها متآمرون!

وما أكثر الذين نحتوا تبريراتٍ تسوِّغ توقيعها وجدتْ قبولا، وكان من أبرز تلك التبريرات، أنها سمحت للفلسطينيين المناضلين أن يعودوا لممارسة نضالهم في وطنهم، وليس في أوطان المنفى الأخرى!

نعم مرتْ ثلاثون سنة على توقيع اتفاق أوسلو، فهل كان هذا الاتفاق إنجازا تاريخيا فلسطينيا، أم أنه كان كارثة فلسطينية أيضا؟! لم يُناقش هذا الموضوع مناقشة كافية، تضع في الختام استراتيجيات فلسطينية نضالية يمكنها أن تقود النضال الفلسطيني، فمعظم الدراسات الفلسطينية كانت تؤكد فقط على بندٍ واحد وهو إنهاء حالة الانقسام!

أغفلتْ معظم الدراسات الفلسطينية اقتراح بند إجراء الانتخابات، لأن الانتخابات تشبه الجرافات التي تمهد الأرض للبناء، وتعيد تأسيس التربة الوطنية الفلسطينية، وهي تعيد صياغة وسائل النضال الفلسطيني!

كذلك لم يتنبه كثيرون من محللي السياسة الفلسطينيين، أن اتفاق أوسلو جاء في إطار مشروعٍ دولي جديد وخطير في الوقت نفسه، بدأ هذا المشروع في الألفية الثالثة بعد فشل مشاريع التسوية السياسية، تحت شعار شرق أوسط جديد بدون قضية فلسطين باعتبارها قضية فلسطينية وعربية ودولية حقوقية، أي تحويل قضية فلسطين من قضية حقوق وطنية إلى قضية ثانوية اقتصادية، هدفها تحسين ظروف أصحاب الأرض الفلسطينيين، بتلبية حاجاتهم البيولوجية من الطعام والدواء والكساء، أما الهدف الرئيس هو نزع القضية الفلسطينية من أجندة العرب والعالم، وتحويلها من قضية حقوقية عربية ودولية مقدسة إلى قضية ثانوية مُدنَّسة تُعطِّل مسار عربة العالم المتحضر، يجب وضعها في إطار جديد شعاره، دعم وإغاثة، وتمويل مشاريع الحياة اليومية، وهي كل الحقوق الفلسطينية!

اقرأ/ي أيضًا: في العام الثلاثين على خطيئة أوسلو

كتب توفيق أبو شومر: قصتان من علم النفس!

أقلام- مصدر الإخبارية

كتب توفيق أبو شومر: القصة الأولى، هي تجربة علمية في علم النفس أجراها، البروفسور وعالِم النفس، مارتن سليغمان الباحث والمحاضر في جامعة بنسلفانيا، ورئيس الرابطة الأميركية في علم النفس، عمره 81 سنة، وهو من أبرز علماء علم النفس الإيجابي، وهو ثورة على علم النفس التقليدي.

“أحضر البروفسور مجموعة من الكلاب، وقسمها إلى ثلاث مجموعات، المجموعة الأولى تعرضتْ لصدمات بتيار كهربائي لفترة قصيرة، ولكنها تمكنت من الهروب، هذه المجموعة عادت إلى حياتها الطبيعية بلا أمراض”!.

أما المجموعة الثانية، فقد وُضعت في قفص يمكن فتحُه بحركة سهلة، تعرضت فيه هذه المجموعة أيضاً للصدمات الكهربائية نفسها، بقيت في القفص مدة أطول لكنها تمكَّنت من الخروج، ظهرت على هذه المجموعة علامات الاستسلام والخضوع، واحتاجت إلى علاجٍ حتى شُفيت!.

أما المجموعة الثالثة، فبقيت مدة طويلة في قفصٍ مغلق تماماً، وليس هناك أي وسيلة لفتح القفص، تعرضت هذه المجموعة للصدمات نفسها، فظهرت عليها علامات الاستسلام التام بوضوح، اعتادت هذه المجموعة احتمال الصدمات الكهربائية دون أن تبدو عليها علامات مقاومة، استسلمت وتأقلمت مع واقعها الجديد، ولم تحاول الخروج من القفص!

لم تنتهِ التجربة، بل قام البروفسور نفسُهُ بنقل المجموعة الثالثة المستسلمة إلى قفص المجموعة الثانية، حيث توجد إمكانية فتح القفص بحركات بسيطة والتحرر من الألم.. لم تحاول فتح باب الحرية والانعتاق!

استنتج البروفسور أن السجناء حين يُغلقون عليهم السجون ويتعرضون للتعذيب كما تعرضت له المجموعة الثالثة، فإن النتيجة هي وصول كثيرٍ من السجناء إلى حالة الخضوع، وبرزت عند بعضهم الرغبة في الانتحار، وانتقلوا إلى صراع مع بعضهم داخل السجن، وانقسموا إلى مجموعات وفرق متصارعة!

أما القصة الثانية، فهي قصة مشهورة أيضاً، وهي قصة (الفلاح وكيس الفئران) وهي تحكي قصة فلاحٍ مصري بسيط كان يحمل كيساً من الخيش ممتلئاً بالفئران الحية وهو مسافرٌ في أحد قطارات الريف إلى القاهرة، وكان يجلس إلى جوار هذا الفلاح مهندس، حيث لاحظ الأخير أن الفلاحُ يهزَّ الكيس بين الفينة والأخرى، سأل المهندسُ الفلاحَ عن محتويات كيس الخيش، فأجابه: «في الكيس عدد كبير من الفئران، اصطدتها لأبيعها لمركز الدراسات والأبحاث في القاهرة ليُجروا عليها التجارب العلمية، وهذا مصدر رزقي»!

سأل المهندس الفلاح مرة أخرى: ولكن لماذا تهزُّ الكيس بين الفينة والأخرى؟

رد الفلاح: «أنا أهزُّ الكيس حتى لا تتمكن الفئران من قرض الكيس المصنوع من الخيش لتحرر نفسها، فأنا أهزها باستمرار لتنشغل بمعاركها الداخلية بين بعضها البعض، لأن الفئران تعتقد أن حركة هزِّ الكيس ناتجةٌ عن مشاغبة وعبث بعض الفئران داخل الكيس، لذلك فهي تقتتل مع بعضها البعض، وتنشغل بحروبها الداخلية، وتنسى استخدام أسنانها الحادة لقرض كيس الخيش.

هكذا استثمر مسيّرو عصر العولمة والتكنولوجيا الرقمية هذه التجارب العلمية، ووظفوها لخدمة أهدافهم، فهم يهزون البشر المأسورين في شباكهم بالمشكلات الداخلية حتى لا ينافسوهم في ركوب قطار التقدم والرقي، ليظلوا رقيقاً لأباطرة الألفية الثالثة، وهم يصعقونهم صعقاتٍ كهربائية تنسيهم قضاياهم الرئيسة ومطالبهم المشروعة، يصعقونهم بأزمات، الكهرباء، والماء، وغلاء الدقيق والسكر، ومصارعات الأحزاب، وبحرارة الجو وبرودته، والإضرابات، والمباريات، وصراع الديكة في وسائل التواصل الرقمية!

هكذا أصبح إنسانُ عالم اليوم حقلَ تجاربٍ لكل أنواع المستحضرات ومنتجات عصر العولمة الجديد، فاستسلم معظمُ البشر ممّن عجزوا عن المنافسة النهضوية التكنولوجية فائقة السرعة، وخضعوا بلا جيوش أو حروب!

اقرأ/ي أيضًا: ارتباك إسرائيلي ووعي فلسطيني للمواجهة، يتقدم ببطء

ميدالية باروخ غولدشتاين الذهبية!

أقلام – مصدر الإخبارية

ميدالية باروخ غولدشتاين الذهبية!، بقلم المختص في الشؤون الإسرائيلية توفيق أبو شومر، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

اقتحمت مجموعة من أنصار الحاخام، إليعزر بيرلند يوم 4-8-2023 الدير المسيحي، ستيلا ماريس في حيفا، وقاموا بالصلاة أمامه ثم داهموه، وعبثوا بمحتوياته، وأساؤوا إلى رعاته، بادعاء أن الدير مقام فوق قبر النبي إيليا. للأسف، مر هذا الخبر علينا كما مر غيره مئات المرات!

إليكم قصة هذا الحاخام كما وردت في الصحافة الإسرائيلية: «أدين، إلعيزر بيرلند وهو الحاخام الحسيدي من طائفة، (شوفو بانيم)، المولود عام 1937 بتهمة ارتكاب جريمتي قتل شابين يهوديين، إحداهما لشاب عمره 17 سنة جرى اختطافه، ثم قتله وهو، نسيم شتريت عام 1986م والشاب إبراهام إدري على يد (فرقة العفاف الدينية) التي يقودها الحاخام إليعيزر نفسه! وأدين الحاخام أيضا في قضايا التحرش الجنسي والرشوة والتهرب من الضرائب، وغسيل الأموال، سجن 18 شهرا، كان يعد المصلين بالشفاء من الأمراض إذا منحوه خمسة آلاف شيكل إلى عشرين ألف شيكل. كان يأمر أتباعه بضرب الناس بادعاء مخالفتهم الشريعة». (يديعوت أحرونوت 17-10-2021).

المجرم، إليعزر هو مدير المدرسة الدينية التي تضم 1500 طالب، لها فرع في البلدة القديمة في القدس، هرب من التهم القضائية إلى أميركا وإيطاليا وسويسرا، ثم وصل المغرب ثم طرد منها عام 2013، وسافر للقاهرة، ثم جنوب إفريقيا، طالبت المحكمة الإسرائيلية بتسليمه، غير أنه هرب بواسطة طائرة خاصة مملوكة لأحد أتباعه إلى زمبابوي، ألقي عليه القبض في مطار أمستردام في أيلول 2014، ثم أطلق سراحه، وافقت المفوضية الأوروبية على تسليمه لإسرائيل!

هذا الحاخام الهارب من عشرات التهم فهم أهداف الحكومة الإسرائيلية اليمينية، ولكي يحصل على البراءة من كل التهم السابقة، فإنه اليوم يشارك في مطاردة الفلسطينيين المسيحيين، لنفيهم وتدمير مراكز عبادتهم!
للتذكير فقط فإن التخصص الأول لترحيل الفلسطينيين المسلمين احتكره زعيم العنصريين، إيتمار بن غفير الحفيد الفكري لمائير كاهانا، والحاخام يهودا غلك المختصين بنسف المسجد الأقصى لإقامة الهيكل الثالث مكانه، فهما يركزان جهودهما على ملف المسجد الأقصى بتنظيم مسيرات العنصرية!

أخيرا، إليكم شروط الحصول على الميدالية الذهبية، وهي ميدالية باروخ غولدشتاين الذهبية سفاح الحرم الإبراهيمي عام 1994 وهي تمنح للفائزين في آليات نفي غير اليهود من أرضهم بقتلهم وتشريدهم واغتصاب ممتلكاتهم، وهي:

الشرط الأول: إن ينضم الراغب في نيل الميدالية الذهبية إلى فرق الإجرام والعنصرية، مثل فرقة دفع فاتورة الثمن، أو زهران المستوطنات، أو شبيبة التلال الاستيطانية، أو عصابة لافاميليا، ولهبا، هذه العصابات تحظى بالحصانة! من أبرز جنود هذه العصابات، أليئور عزاريا قاتل الشهيد، عبد الفتاح الشريف 2016 أمام عدسات الكاميرات وهو أعزل، عزاريا اليوم يجوب إسرائيل كبطل تاريخي! أما أحدث مجرم فهو، يحيائيل إندور قاتل الشاب البريء قصي جمال معطان في برقة يوم 4-8-2023. اعتقلته شرطة بن غفير، غير أن أنصاره تجمعوا أمام المستشفى والسجن وهتفوا: (حرروا البطل)!

أما الشرط الثاني فهو، أن يتولى المدانون المجرمون من الحاخامين والمتطرفين تنفيذ الاعتداءات على مراكز العبادة، بأن يحرقوا المساجد والكنائس، ويشجعون طلابهم على البصق في وجه الكهنة المسيحيين في الشوارع العامة وأن يداهموا بيوت الفلسطينيين، في فجر كل يوم يحرقون ممتلكاتهم!

أما الشرط الثالث للحصول على الأوسمة ومحو كل التهم الجنائية للمجرمين الفارين من القضاء، والحصول على الحزام الأسود في الإجرام، والنجاح في انتخابات الكنيست القادمة، هو غزو الأرض المملوكة للفلسطينيين واغتصاب البيوت من مالكيها الأصليين وطردهم، مثلما فعلوا حين طردوا عائلة «صب لبن» الفلسطينية من القدس منذ أيام قليلة، ومن يرغب في الحصول على كأس بطولة إسرائيل في أولمبياد الاستيطان، عليه أن يغتصب أرض الفلسطينيين ويقيم عليها بؤرة استيطانية جديدة!

أقرأ أيضًا: كتب توفيق أبو شومر: لماذا يبصقون علينا؟!

هل هناك جامعات حزبية؟!

مقال- توفيق أبو شومر

سألني أحدُ المتابعين منذ عدة سنوات سؤالاً: هل هناك جامعة إسرائيلية حزبية يديرها قادةُ حزب الليكود، أو أعضاء حزب العمل؟

إليكم مجالات التخصص الرئيسة للجامعات الإسرائيلية: إن جامعة التخنيون في حيفا، لها امتداد مع جامعات أوروبا في مجال الهندسة والرياضيات والموارد الطبيعية، وهناك جامعة حيفا أيضاً مختصة بالقانون ودراسة علم الاقتصاد وأبحاث تطوير السياسة والتعليم!

أما الجامعة العبرية في القدس فتختص بحفظ التراث والدراسات الدينية والحفريات وموارد المياه والأبحاث!

أما جامعة وايزمن في رمات غان فهي مختصة بالعلوم الإنسانية وعلوم الكمبيوتر، أما جامعة تل أبيب فتركز على الأبحاث النووية والرقميات المستقبلية والطاقة!

كذلك فإن جامعة بن غوريون في النقب مختصة بدراسة علوم الصحراء وأبحاث التاريخ والحداثة، وعلوم الطب في مجال الشيخوخة، أما جامعة بار إيلان في رامات غان فمختصة بدراسة علوم التوراة والتاريخ!

أما جامعة أرئيل المقامة في المستوطنات فهي تدرس علوم الصحة والتمريض والعلوم الاجتماعية!

هناك أيضاً جامعة خاصة، وهي جامعة، رايخمان في هرتسيليا أسست كمعهد عالٍ عام 1994 ثم أصبحت جامعة كبرى قبل ثلاث سنوات، غايتها استقطاب الطلاب النابغين من دول العالم، وهي مختصة بتنظيم المؤتمرات السياسية والاقتصادية، بها ألفا طالب أجنبي.

في إسرائيل جامعة مفتوحة أيضاً تعلّم منتسبيها عن بعد مساقاتٍ عديدة!

جامعات إسرائيل هي في الحقيقة مصانع تنتج المواد الخام الفكرية والثقافية والصناعية الضرورية لإسرائيل! وهي جامعات تحتضن المبادرات السياسية، لأن فكرة اتفاقية إبراهيم ظهرت كفكرة على يد البروفيسور، رون روبن، من جامعة حيفا!

الجامعات هي بالضبط الجهاز العصبي المحرِّك لإسرائيل كلها، وهي بالتأكيد ليست حزبية أو حكومية رسمية تقتات على موازنات الحكومة، ولكنها مصانع لإنتاج كل المستحضرات المطلوبة لإسرائيل في كل مجالات الحياة، وهي لا تتطابق مع بعضها في برامجها كما أشرتُ سابقاً، بل تكمل النقص وتتكامل مع غيرها، ولا يمكن للأحزاب السياسية أو الكتل الطلابية الحزبية أن تفرض هيمنتها على سياسة الجامعات وبرامجها الأكاديمية، لأن هناك ضابطاً اسمه، مجلس التعليم العالي المكون من 19 – 25 عضواً، هو الذي يقرر جدوى تأسيس الجامعة، وآليات عملها!

أما أكثر الجامعات في وطننا وفي الدول النامية (النائمة) فهي جامعات عشوائية ت فتح كل أقسام التخصصات بصرف النظر عن وجود مثيلاتها في الجامعات الأخرى، وتمنح شهادات ونياشين الألقاب الجامعية لهدفٍ رئيس وهو احتمال الحصول على وظيفة، أو عباءة فخر قبلية، أو نيشان على الصدر، وهي في معظمها جامعات (حزبية) تشبه أفخاخ صيد النقود بالدرجة الأولى، وصيد الطلاب لتأطيرهم في الأحزاب السياسية بالدرجة الثانية، كما أن هذه الجامعات تختار المحاضرين والأساتذة بترشيح حزبي، هذه الكارثة أصبحت اليوم هي الظاهرة السائدة، وصارت كتل الطلاب المنتمين للأحزاب السياسية تفرض هيمنتها على الجامعات وتحدد مستقبلها وفق الرؤية الحزبية الضيقة، هناك كتل طلابية حزبية في بعض الجامعات أكثر قوة من رؤساء الجامعات والأمناء ومن طاقم المحاضرين!

جامعاتنا لا تتكامل في تخصصاتها وبرامجها وكلياتها بل تتشابه وتتنافس في التخصصات نفسها، فهي تركز على تخصصات ربحية معينة، مثل الطب، والهندسة، معظم الجامعات في الدول النامية أصبحت عبئاً على كاهل الوطن، لا تسهم في رفعته، بل تتولى إنهاكه وتخريبه بأعداد هائلة من الخريجين العاطلين عن العمل ليصبحوا عبئاً وكارثة وطنية كبرى!

أصبح اليوم في كل أسرة أربعة عاطلين عن العمل، محامٍ خريج كلية القانون، وأخوه أو أخته خريج كلية الطب أو الصيدلة، ويمكن أن يكون في الأسرة نفسها أخٌ ثالث يحمل شهادة بكالوريوس الإعلام والتربية، ورابع يحمل شهادة الهندسة!

سيناريو الحرب الأهلية في إسرائيل!

أقلام – مصدر الإخبارية

سيناريو الحرب الأهلية في إسرائيل!، بقلم الكاتب الفلسطيني توفيق أبو شومر، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

هل أصبح سيناريو الحرب الأهلية في إسرائيل قريباً؟ وهل وصل الشرخُ بين فسيفساء المجتمع الإسرائيلي إلى مرحلة الاقتتال الداخلي بين اليمينيين الحارديم، وبين مؤسسي إسرائيل الأوائل؟ وهل أصبح العدوُ الرئيس للإسرائيليين هو العدو الداخلي الإسرائيلي وليس العدو الخارجي؟!

يرجع بداية ظهور فكرة سيناريو الحرب الأهلية (العملية) بين الإسرائيليين إلى عام 1995، عندما قام يغئال عامير المتدين الحريدي باغتيال اسحق رابين رئيس وزراء إسرائيل لأنه وقَّع اتفاقية أوسلو، وعطَّل مشروع الحارديم في تأسيس دولتهم اليهودية الدينية، وجاء الاغتيال بتوجيهات من وزراء وشخصيات دينية بارزة!

إن قاتلي إسحق رابين لم يعودوا أشباحا ثانويين في المجتمع الإسرائيلي كما كانوا في بداية تأسيس إسرائيل، فهم اليوم رؤساء وزارة الجيش والأمن الوطني، ووزارة الداخلية والتعليم، وهم اليوم يُحكِمون قبضاتهم على عنق إسرائيل!

سأظل أتذكر قول الحاخام، إبراهام كارليتس حينما التقى دافيد بن غريون رئيس وزراء إسرائيل الأول عام 1952 وقال له: «نحن المتدينين، وأنتم اليساريين نُشبه عربتين التقتا عند جسرٍ ضيَّقٍ، العربة الأولى هي عربة المتدينين (الحارديم) المملوءة بالدين والتاريخ والتراث، وعربتكم اليسارية الفارغة من الدين والتاريخ والتراث، هذا الجسر لا يحتمل مرور العربتين في وقت واحد، لذا فعلى العربة الفارغة أن تُفسح المجال لمرور عربة الحارديم المحملة بالدين والتاريخ»!

إن قافلة ميليشيا الحارديم السابقة كانت تخطط للسيطرة على إسرائيل، وها هي اليوم لم تكتفِ باحتلال أحياء الحارديم التقليدية، مثل حي بني براك ومائة شعاريم، وإلعاد، ومودعين عيليت، وبيت شيمش وغيرها، بل قررت أن تغزو تل أبيب ونهاريا وهرتسيليا وحيفا وغيرها من مدن اليساريين، لدرجة أن بقايا اليساريين أحسوا بأنهم سيكونون الضحية الأولى لإمبراطورية الحارديم، فهم اليوم ألد أعداء الحارديم، لذلك فإن غير الحارديم ينتفضون في كل الساحات لأن حد السكين الحريدية المشحوذة اقتربت من أعناقهم!

هم ليسوا خائفين كما يزعمون على (ديموقراطية إسرائيل) المزعومة، لأنهم يعلمون أنهم استخدموا هذا الشعار مكياجا على وجه دولة الاحتلال، إسرائيل!

لذلك فلم يبق أي خيارٍ لغير الحارديم سوى خوض حربٍ احتجاجية طويلة الأمد، قد لا تتطور إلى حرب أهلية، لأن مسيري السياسة في إسرائيل يعرفون طريقة الخروج من مأزق الحرب الأهلية، فهم يفعلون ما فعلوه في السابق، ينفذون أولا مجزرة جديدة ضدنا، وهذا يستدعي الرد عليها بتنفيذ عمليات فدائية، عندئذٍ يستعيد المحتلون وحدتهم من جديد، بادعاء أنهم يتعرضون لتهديد وجودي، حينئذٍ يُعلِّبونَ خلافاتهم، ويغضون الطرف عن الحرب الأهلية، لأن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا توحدها إلا الحروب والأزمات مع محيطها الخارجي، وهذا ما قاله رئيس وزراء إسرائيل الأسبق موشيه شاريت عام 1954 حينما قال: «يجب على إسرائيل أن تحافظ على جاهزيتها للحروب بأن تعمد إلى استفزاز المحيط لتظل يقظةً عسكريا، وتحافظ على وحدة الشعب»!

بدأتْ تظهر لأول مرة في تاريخ إسرائيل تحذيرات إعلامية صريحة من حربٍ أهلية على خلفية الإصلاحات القانونية، فقد حذر وزير الجيش يوآف غالنت، وكذلك فعل بني غانتس، ويائير لابيد، حذروا من حربٍ أهلية محتملة بين الإسرائيليين!

أما، إيهود باراك، رئيس الوزراء السابق، ووزير الجيش الأسبق وهو الدب السياسي الكامن عدو نتنياهو اللدود، وهو من أبرز قيادات الثورة على الإصلاحات القضائية، فقد نشر فيديو يعود لفترة ال كورونا قبل ثلاث سنوات، يتحدث في لقاءٍ له مع منتدى 555، وهو يتوقع في هذا الفيديو حدوث حربٍ أهلية وشيكة، قال باراك:

«قال لي صديقٌ وهو مؤرخ مشهور، يجب أن تستعد يا باراك للعودة إلى رئاسة الحكومة، عندما تطفو جُثث اليهود فوق نهر العوجا (اليركون) هذه الجثث لن تكون جثث متسللين إرهابيين، ولا هي جثث (عرب) إسرائيل، بل هي جثث يهود قتلهم يهود آخرون»! (صحيفة إسرائيل ناشيونال نيوز 22-7-2023)!

أقرأ أيضًا: كتب توفيق أبو شومر: لماذا يبصقون علينا؟!

مَن هم ضحايا الذكاء الاصطناعي؟!

أقلام – مصدر الإخبارية 

أكَّد المفكر، فوكوياما في كتابه (مستقبل ما بعد البشرية) الصادر عام 2002م وهو الأستاذ في جامعة جون هوبكنز، وستانفورد، وغيرها من الجامعات الأمريكية، أكد في الكتاب؛ أن التكنلوجيا الحديثة ترمي إلى تحرير البشر من قيمهم التقليدية، وأشار في الكتاب إلى بداية الخطة حين تمَّ اختراع أدوية خاصة لتغيير المزاج الطبيعي للبشر، وذلك بتغيير الحزن إلى فرح، وهناك أدوية قادرة على محو الذاكرة، وهناك وسائل لتغيير الجينات بالإضافة إلى إعادة ضبط عضلات الجسد البشري، وغيرها من تقنيات حديثة!

يقترح فوكوياما حلولا لهذا الخطر المحدق بالإنسان، وذلك بتأسيس كُتل ولوبيات، وجماعات للتصدي إلى خطر ما بعد الإنسانية، فهو يقول: “إذا بقيت التكنلوجيا تعمل بلا رادعٍ فإنها بالتأكيد ستؤدي إلى قمع كل الإبداعات والحريات الفردية، فعندما يصبح البشر أكثر قربا من التكنلوجيا، يصبحون في الوقت نفسه بعيدين عن بشريتهم، وأقل إنسانية”!

هناك نظرياتٌ متفائلة تعتبر هذا الذكاء الاصطناعي صاروخا قادرا على نقل العالم من عالم بطيء مثقل بالأحمال والأوزار غير المجدية إلى وميضٍ فائق السرعة لا يعترف بالمسافات والحدود والتمايز والقدرات، فهو يُقصِّر عمليات الإنتاج أيا كان نوعها، ويوصل منتجات قادة الذكاء الصناعي ومخططات مسيريه بسرعة فائقة، لذلك فعلى كل الذين يرغبون في ركوب هذا الصاروخ أن يكونوا مستعدين لنزع عباءاتهم الثقافية التقليدية البطيئة المعوقة لمسيرة هذا الذكاء الاصنطاعي والتخلص من أفكارهم التراثية الآسرة، والتخلي عن العقائد الدينية ومبادئ الأخلاق الموروثة، وإغلاق صفحات سير أبطال التاريخ، وتمزيق خرائط البلدان الطبيعية والجغرافية والثروات المخبوءة في باطن الأرض، كلُّ من يفعل ذلك سيجد له مكانا في دفيئات هذا الذكاء الصناعي، أما البشر الباقون فهم فضلاتٌ وزوائد بشرية يجب التخلص منهم!

لم يُعالج فوكوياما أثر الذكاء الاصطناعي على البشر، ولا سيما على منظومة الأخلاق التقليدية المتوارثة، لأن (مُستحضر) الذكاء الصناعي لم يكن قد نضج بعد في زمن تأليف الكتاب، هذا المستحضر هو سلاح نووي جديد، فهو كما ظهر وما وصل إلينا منه في وسائل الإعلام، وما جرى تجريبه بالفعل، وفق الرؤية المتشائمة، سيحطِّم كل أسس البناء البشري، المؤسس على الحريات والإبداعات، لأنه سيصبح بديلا عن كل المجهودات، ويتحول البشرُ في عهد هذا الذكاء من منتجين ومبدعين مختلفين في القدرات إلى آلاتٍ صماء وشحنات في قطار الذكاء الصناعي، ويتحدد موقعها وفق قدرتها فقط على تسيير إحدى زوايا هذا الذكاء المحكوم بمسيريه وأباطرته بعد أن يُثبتوا ولاءهم المطلق لهذا المستحضر!

مالكو ومسيرو هذا الذكاء يستطيعون في رمشة عين إلقاء كل حمولة زائدة ومعوقة لمسيرة الذكاء الاصطناعي في القمامة، بعد أن تجري عمليات تصفيتهم بسلاح رخيص بلا عتاد حربي، بنقرات سريعة على لوحة مفاتيح الكمبيوتر!

كشف بعض الباحثين عن بعض أسرار هذا الذكاء الاصطناعي ونشروا أبرز أهداف مخترعي الذكاء الصناعي، فأشاروا إلى أن العقول التي أبدعتْ هذا الذكاء الصناعي غايتها الرئيسة، التقليل من البشر فوق سطح الأرض، وإنقاص عددهم بغير حروبٍ تقليدية، وذلك بالتأثير على العواطف البشرية، وإعادة ضبطها من جديد، بحيث يصبح الزواجُ الطبيعي بين الرجل والمرأة تراثا غابرا مكروها، لتحل بدلا منه المثليات الجنسية لتصبح هذه المثليات هي القانون الطبيعي للبشر، أما الزواج التقليدي يصبح شذوذا!

وصار ممكنا في الذكاء الاصطناعي، الحب والعشق وحتى الزواج الإلكتروني، بين البشر وبين صور ناطقة مُخلَّقة ومدبلجة إلكترونيا، بدون الزواج التقليدي!

كذلك فإن هناك خطرا آخر يتمثل في التشكيك في كل الأمور المقدسة الُمسلَّم في صحتها تقليديا، بحيث تنتفي القدسيات والتابوات المعتادة، وهذا ينطبق على العقائد والأديان، لهذا فإن الذكاء الصناعي يمكِّنُ زبائنه أن يُحاكوا الصور والأصوات للرسل والزعماء والمسؤولين الغابرين والحاضرين، ويمكنهم أن يُزيِّفوا أقوالهم مما يؤدي إلى بذر الشك في هذه العقائد تمهيدا لإلغاء المصداقية والإيمان القاطع بحقيقة الأشياء مما يجعل عالم البشر عالما افتراضيا!
أخيرا، هل هذه نظريات وتحليلات خيالية، أم أنها ستتحقق بالفعل؟!

اقرأ/ي أيضاً: كيف تختبر إسرائيل الذكاء الاصطناعي في حربها ضد الفلسطينيين؟

مرحبا بكم في مملكة غلعاد!

أقلام – مصدر الإخبارية 

رفع المتظاهرون الإسرائيليون المحتجون على الانقلاب القانوني، ممن احتلوا مطار بن غوريون فجر يوم 11-7-2023 شعاراً يقول: “أهلاً بكم في مملكة غلعاد”؟ أعادني هذا الشعار إلى متابعته، اكتشفت أنه مقتبسٌ من المسلسل الأميركي (The Handmade Tale) عام 2017 وهو يحكي قصة استيلاء المتزمتين الأصوليين العقيمين في أميركا على الحكم، وإجبار الفتيات أن يعملن في بيوتهم منجبات للأطفال وخادمات فقط! وهذا يماثل بالضبط ما يجري الآن في إسرائيل!

موضوع قمع النساء في إسرائيل مسكوتٌ عنه إعلامياً في معظم وسائل الإعلام، لأنه يمس بصورة إسرائيل دولة ديموقراطية، كما أن بروز ظاهرة القمع النسائي في إسرائيل سيُفشِل (بربوغندا) إسرائيل حين تتهم الفلسطينيين والعرب بأنهم أعداء النساء، كتبتُ كتابا بعنوان: قصص نساء يهوديات معنفات وهو مقتبسٌ كلُّه مما تسرَّب من صحافتهم عن هذا القمع!

نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت يوم 23-6-2023 فيديو يصور امرأة إسرائيلية تزور حائط البراق (المبكى) في الركن المخصص للنساء وهي تخلع ملابسها وكأنها تصطاف على شاطئ البحر، ونشرت الصحيفة تعليق، شموئيل رابينوفتش حاخام الحائط الغربي: “شعرنا بالرعب من هذه الصورة في قدس الأقداس”!

لم يبرز الخبر في معظم وسائل الإعلام، لأن ذلك يمسُّ (بديموقراطية) الدولة!

الفتاة التي تعرّت اسمها مايا عمرها 36 سنة، تنتمي إلى تيار النساء الثائرات على احتقار النساء وضربهن وطردهن لأنهن نساء (نجسات) يصلين عند الحائط، مايا امرأة متدينة تنتمي إلى مجموعة (نساء الحائط الغربي) ممن يتحدين التمييز الجندري، مايا، تعرتْ احتجاجاً على مشروع قانون عرضه أحد أعضاء (حكومة غلعاد) أريه درعي زعيم حركة شاس في الكنيست، وهو قانون الحشمة وفق مواصفات الذكور، ينص على وجوب التزام النساء بلباس خاص يفرضه الحاخامون عليهن، يُحظر عليهن بموجب القانون أن يحملن التوراة أثناء صلواتهن، وعليهن ألا يرتدين شال الصلاة فهو مخصص للرجال فقط، وعليهن ألا يرفعن أصواتهن عند تلاوة التوراة، لأن صوت المرأة عورة! ستدفع مايا ثمن فعلتها، لأن العقوبة على احتجاجها في نص القانون هي السجن ستة أشهر وغرامة بمقدار عشرة آلاف شيكل!

ما أكثر قصص قمع النساء في إسرائيل، غير أنها لا تحظى بالنشر فلو حدثت تلك القصص والأخبار في قطر عربي لتهافتت وسائلُ الإعلام العالمية لنقلها!

فلو قام بعضُنا مثلاً بتقسيم أحد الشوارع الكبيرة في دولة عربية إلى نصفين مستخدماً ساتراً من القماش، وأرغمْنا النساءَ أن تسير في قسم منه، والرجال في القسم الآخر كما يحدث اليوم في حي مائة شعاريم في القدس لقالوا عنا: “انظروا فليس غريباً على العرب، فكلهم طالبان”! ولو قامت مجموعة بنزع كل إعلانات الدعاية التي فيها صور النساء من الشوارع والحافلات كما يحدث كل يوم في أحيائهم الحريدية الأصولية لاستُنْفِرت وسائلُ الإعلام وتوافد الصحافيون من كل أقطار العالم لتغطية الحدث وقالوا أيضاً: “العرب متخلفون”!

ولو خصصت إحدى دول العرب وفلسطين حافلاتٍ شرعية خاصة بالرجال وأخرى للنساء، كما هو جارٍ في الأحياء الأصولية في إسرائيل، أو أجبروا النساء أن يركبن في مؤخرة الحافلة، وخصصوا مقدمة الحافلة للرجال فقط، وهذا ما هو مُتَّبعٌ حالياً، لقالوا أيضاً: “العرب متخلفون يعيشون في العصر الحجري”!

قليلون الذين يعرفون (جماعة العفاف) وهي ميليشيا من (بلطجية) المتزمتين الحارديم يعربدون في كل الأحياء الحريدية، يهاجمون المنازل يقومون بتأديب النساء اللائي يخرجن عن أوامرهم بالضرب والطرد! تتعرض النساء في طرقات بيت شيمش والقدس للشتائم والبصاق ورش الفلفل في عيونهن لأنهن نساء فهن نجاسة، لا يمكن للحريدي أن يجلس على مقعد كانت تجلس عليه امرأة إلا بعد مرور وقت طويل من جلوسها عليه، ولا يَسمح الحريدي لامرأةٍ أن تجلس إلى جواره في مقعد الطائرة والحافلة لأنهن نجسات!

اقرأ/ي أيضاً: الاحتلال وتقويض قيام الدولة الفلسطينية.. بقلم سري القدوة

المستجيرون من الرمضاء بالنار! توفيق أبو شومر

بقلم- توفيق أبو شومر:

لا أحد يمكنه أن يُصدق ما يحدث عند أهلنا المناضلين الصامدين في أرضهم منذ عالم 1948! لا أحد يُصدق أنهم اليوم يعيشون تحت رحمة عصابات الإجرام المنظمة، وهي تعمل في وضح النهار، أمام عدسات الكاميرات، تقتل وتبتز لهدفٍ واحد هو تحويل حياة أهلنا الصامدين في أرضهم إلى جحيم، وترحيلهم ترحيلا زاحفا! لا أحد يُصدق أن إسرائيل ذات الذراع الاستخباري فائق القدرة لا تستطيع تفكيك هذه العصابات! هذه الجرائم ليس كما يُشاع جرائم فردية، ينفذها مجرمون من أهلنا الصامدين، أو هي ثاراتٍ عائلية وقبلية كما يسميها المحتلون الغاصبون، بل هي خطة استخبارية احتلالية محكمة، فاعلوها يحظون بالرعاية والحماية، لأنهم ينفذون مخططا تهجيريا يختلف عن مخططات التهجير التي برع فيها المحتلون، ففي غزة يتم التهجير بالحرب والحصار والتدمير، وفي الضفة بالمداهمات والقتل المنظم كل يوم، وفي القدس بالضرائب والحواجز!
من يتابع نشرات الأخبار في وسائل الإعلام الإسرائيلية يستغرب لأن معظم وسائل الإعلام تبدأ كل صباح في خبرها الأول بحادثة قتل لأهلنا الأبرياء، هم يّذكروننا أيضا في الخبر نفسه بآخر إحصاءات عدد القتلى، وهذه تقنية إعلامية استخبارية مهمة جدا لإثارة الفتنة المجتمعية والنفسية، تجعل أهلنا يعيشون على أعصابهم حتى يختاروا الرحيل! نشرتْ معظم صحف إسرائيل خبرا عن حادثة قتل أحد الشبان البدو في مغتصبة أوفاكيم يوم 10-6-2023م وجعلته هو الضحية رقم مئة لحوادث الإجرام والقتل بين أهلنا الصامدين في أرضهم منذ خمسة شهور، كنتُ أظن أن قاتليه هم عصابة إجرام منسوبة للفلسطينيين على خلفية الثأر والانتقام! غير أنني بحثتُ عن سبب القتل المنشور في الصحف، فوجدت أن المقتول حاول سرقة معدات من أحد المستودعات، مما دفع الحراس غير الفلسطينيين أن يقتلوه، فهو لم يُقتل على يد عصابات الإجرام في القرى الفلسطينية، ولكنهم أدخلوه ضمن الإحصائية لإثارة الفتنة والشقاق!
وفي وسائل الإعلام نفسها تختفي حوادث القتل في المجتمع الإسرائيلي ليس بسبب عدم حدوثها، بل لأن إخفاءها ضروري للمقارنة بين المجتمعين!
لقد بلغ العجزُ ذروتَه عند كثيرين من أهلنا الصامدين فاستجاروا حتى بمشعلي الفتن حتى أن بعض المصابين بالقهر والإحباط استجاروا بالمجرم ببن غفير!
نسي كثيرون تحت وقع الصدمات أن عقيدة إيتمار بن غفير الدينية الراسخة هي ترحيل كل الفلسطينيين، وهو اليوم المسؤول الأول عن الأمن القومي وعن جهاز الشاباك الاستخباري! كيف أصبح بن غفير قاربَ النجاة من جرائم القتل؟!
تذكرتُ منذ بضعة أيام عندما قُتل خمسةُ شبان في لحظةٍ واحدة في وسط مدينة يافة الناصرة أن بن غفير حضر في طائرة بصحبة عدد من الجنود ممن تفقدوا المكان، وكانوا يبتسمون ويمزحون وهم يعاينون الجثث!
تذكرت أيضا المحادثة الهاتفية السرية بين بن غفير، ورئيس شرطته كوبي شبتاي في شهر نيسان إبريل 2023م عندما قال شبتاي لبن غفير: “هم يقتلون بعضهم، هذه طبيعة العرب، لا يمكن فعل أي شيء”!
أما نتنياهو مايسترو بن غفير وسموترتش غدا الملجأ الأخير للمعذبين الفلسطينيين هو بدوره قرر أن يشكل اللجان (لوقف) عمليات القتل المنظم في مجتمعنا الفلسطيني الصامد، نسي كثيرون استفادة نتنياهو من حوادث جرائم القتل لإزاحة القائمة المشتركة وتفكيكها، بعد أن أصبح المنتخبون يعتقدون أن القائمة المشتركة فشلت في حمايتهم، لهذا فإنهم أحجموا عن منحها أصواتهم، على الرغم من أن القائمة المشتركة نفسها منكوبة بالنكبة نفسها!
أخيرا، هل نجح المحتلون في جعلنا (نطوي) صفحة حقنا الوطني المشروع في تأسيس دولتنا الفلسطينية، فأشغلونا بمعاركنا الإعلامية بين الفلسطيني والفلسطيني في غزة والضفة والشتات، ليصبح همُّنا الرئيس هو (تخفيف) الحصار، و(تجميد) الاستيطان، و(الحد) من جرائم القتل اليومية بين أهلنا الصامدين في أرضهم منذ عام 1948، ليتحقق هدفُ المحتلين الرئيس وهو؛ (أن يصبح المحتلون أقربَ إلينا من أهلنا وعشيرتنا، وأيضا، يصبحون في طرفة عين منقذينا؟!

اقرأ أيضاً: قوة الإرادة ستهزم إرادة القوة.. بقلم عزات جمال

أبشروا.. جالية يهودية جديدة في كولومبيا!

أقلام – مصدر الإخبارية

أبشروا.. جالية يهودية جديدة في كولومبيا!، بقلم الكاتب الفلسطيني توفيق أبو شومر، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

في إسرائيل اليوم ثورةٌ واحتجاج عارم على حكومة اليمين المتطرف، هذا الاحتجاج ليس على عنصرية وتطرف الحكومة دينيا فقط، بل لأن هذه الحكومة ستقوم بتخريب نظام التعليم الإسرائيلي المقدس، وهو جوهر تأسيس إسرائيل، اعتبره الإسرائيليون فُرنَ الصهر للفسيفساء المتناقضة، ثم غيروه ليُماثل التعليم النهضوي في دول التنمية الاقتصادية الأوروبية!

حذّر خبراءُ في مجال التعليم وزيرَ التعليم، يوآف كيش، 20-5-2023م بأن تخصيص موازنة للتعليم الديني بأكثر من مليار شيكل ستؤدي إلى تخريب التعليم الإسرائيلي العام، لأن التعليم الديني تعليم متخلف يحظر على الطلاب أن يتعلموا اللغات الأجنبية والرياضيات والعلوم، لأنها علوم غير شرعية!

نحن أيضا للأسف لا نتابع أخطر الملفات التي ينفذها المحتلون حتى اليوم وبخاصة في مجال تهجير الأجناس المتعددة إلى أرضنا بادعاء أنهم ينتمون إلى القبائل اليهودية منذ آلاف السنين! إن ملف (اختراع الشعب اليهودي) لإحلالهم بدلا منَّا نحن أصحاب الأرض الحقيقيين غائبٌ حتى اليوم عن اهتماماتنا!

قرأت خبرا في صحيفة، The Media Line يوم 19-5-2023م) أن الحاخام، إلعاد فيغاس اكتشف جالية يهودية في كولومبيا يقدر عدد أفرادها ما بين ثلاثمائة وستمائة فرد، وادعى أن جذورهم يهودية، المكتشف كان قسا مسيحانيا إنجيليا يعيش في مدينة (بيلو) في كولومبيا، جرى هذا الاكتشاف المخطط له منذ سنوات عندما زار إسرائيل 1998م، اكتشف بالصدفة المحضة أنه يمارس في حياته وحياة الجالية طقوسا تماثل طقوس يهود إسرائيل، مما دفعه لترك منصبه الكنسي والتحول لليهودية فأصبح حاخاما، نسج لهذه الجالية تاريخا يعود إلى يهود المارانو في إسبانيا ممن أُرغموا على ترك الدين اليهودي واعتناق الكاثوليكية عام 1492م!

أشار القس السابق والحاخام الحالي إلى صيغ التماثل بين هذه الجالية واليهود، وأشار إلى أنها متماثلة تماما، فهم لا يأكلون لحم الخنزير، ويذبحون الذبائح بأيديهم، يبنون أفران الحجارة، ولا يعملون يوم السبت، ويدفنون موتاهم بطريقة مشابهة للطريقة اليهودية!
كيف حوَّل الإسرائيليون حلمهم السرابي منذ ثلاثة آلاف عام إلى واقع احتلالي على الأرض، وتمكنوا من تجميع شتاتهم على أرضنا الضحية، وكيف فشلنا في الوقت نفسه في البناء فوق صرحنا الثقافي الحقيقي والواقعي؟!

إلى متى سنظل نكتشف أننا نحن الفلسطينيين كنا بناة حضارة، وكنا سكان فلسطين الأصليين، وأننا كنا نُربي الأحلام الجميلة، ونشارك في إنعاش الثقافة والفن في العالم، ننشر ما وثَّقتْه كاميرات الآخرين، ثم نوزعها على بعضنا، وكأننا نشك في حضارتنا ونهضتنا! أصبحت صور أجدادنا الحضارية، ومدننا الزاهرة وحضارتنا الراقية طبقا لذيذا محبوبا، ظننا أنها تفضح البربوغندا الإسرائيلية! هكذا غفونا على وقع هذه الصور والملصقات والأفلام، اكتفينا بأن تصبح هذه الأرشيفات مخدرا لذيذا نتبادله لإعادتنا إلى الخلف؟! نعم من حقنا أن نفخر بماضينا، ولكن لا يجب أن نجعل هذا الفخر هو الغاية، كيف يمكننا أن ننتقل من هذا الفخر الحالم اللذيذ إلى عمل منتج، أو نجعله مقررا إلزاميا في مناهج تعليم أبنائنا؟! كيف يمكننا أن نحقق ذلك ونحن نعطل مسيرتنا التعليمية، تارة بالإضرابات وطورا بالعطلات، أو بافتتاح المعاهد والجامعات العشوائية المخصصة فقط لتخريج موظفين لا يسهمون في التقدم والتطور، وفي الوقت نفسه لا نتابع ملفات التهجير اليومية إلى وطننا بحجة أنهم من سلالات يعود جذورها إلى ثلاثة آلاف سنة، يصبحون جنودا قامعين، ومستوطنين غاصبين؟!
والأسوأ أننا نسعد بتهجير أبنائنا الأكْفاء إلى الخارج؟ ما أصعب أن يستيقظ الحالمون باللذات على واقعٍ مملوء بالكوارث والمُلمات!

أقرأ أيضًا: كتب توفيق أبو شومر: لماذا لم تتغزل بالصواريخ؟!

Exit mobile version